اخر الاخبار

أبدت قوى سياسية ومعنيون، مخاوف من استغلال المال السياسي في الدعاية الانتخابية، في وقت تستدعي الحاجة ضمان نزاهة الانتخابات وشفافية إجرائها لضمان التمثيل الحقيقي لإرادة الناخبين.

ولم تأت هذه المخاوف بشكل اعتباطي، حيث أن التجارب الانتخابية السابقة كانت شاهدة على توظيف الأموال والمناصب والنفوذ لترجيح كفة الانتخابات لصالح قوى متنفذة على حساب قوى وطنية اعتادت أن تنافس وفق القانون والإمكانيات المحدودة.

مخالفات لتعليمات مفوضية الانتخابات

من أجل ضبط الدعاية الانتخابية يتعين على مفوضية الانتخابات أن تضع إجراءات رادعة وصارمة لمنع استغلال المال السياسي. وفي مقدمة هذه الإجراءات ما يعنى بالفحص الدقيق لمصادر تمويل الحملات الانتخابية ومصروفاتها، من أجل تفادي أي تأثير غير مشروع على عملية الانتخاب.

ووجه رئيس ائتلاف النصر ورئيس الوزراء الأسبق، حيدر العبادي انتقاداتٍ لأداء مفوضيةِ الانتخابات فيما يتعلق بضعف الرقابة على المال السياسي لاسيما وقت الانتخابات.

 وقال العبادي في تصريح تلفزيوني إن الجهات التي تَستخدم المال َ السياسي ترتبط بأجنداتٍ ربما خارجية وتستغل هذه الأموال في ممارسةِ أعمال ٍغير ِ مشروعة.

وفي هذا الشأن، يؤكد المنسق العام للتيار الديمقراطي العراقي، المحامي زهير ضياء الدين، على أن المفوضية العليا المستقلة للانتخابات، تصدر تعليمات خاصة بالدعاية الانتخابية وتحدد بها كل التفاصيل، بدءا من تاريخ بداية الفترة الدعائية والترويجية ووصولا إلى لحظة إيقافها، فضلا عن الأمور المسموح بها والممنوعة وأماكن تثبيت صور المرشحين ومواد الدعاية وغيرها من التفاصيل.

وبحسب قول ضياء الدين، فإن هذه التفاصيل تصدر بكل انتخابات وفق تعليمات خاصة عن المفوضية وتبوب في فصل خاص بالدعاية الانتخابية”.

وينوه المتحدث إلى أنه بحالة الخروج عن هذه التعليمات سيواجه المرشح او الحزب غرامات وقد تصل العقوبة لمستوى الحجب عن المشاركة في الانتخابات.

وفيما إذا كانت هذه التعليمات كافية لضبط الدعاية، يؤكد ضياء الدين لـ”طريق الشعب”، على أنه “ بشكل عام تعتبر هذه التعليمات هي الضابط الوحيد لعملية الدعاية، ولكن غالباً ما يتم التجاوز عليها، ومن مسؤولية المفوضية ان تراقب وتحاسب، إضافة إلى أنه من حق منظمات المجتمع المدني المعنية بالشأن الانتخابي أن ترصد هذه الخروقات وإبلاغ المفوضية عنها وطلب محاسبتهم.

ويشير المنسق إلى أن هنالك مخاوف من استغلال المشاريع الخدمية التي تلامس حياة الناس وتوظيفها في الدعاية الانتخابية، فهذا يجري في كل انتخابات حيث تستغل القوى المتنفذة ملف الخدمات بشكل واضح، وهذا يوجب على المفوضية اتخاذ خطوات جادة لمنعه والوقوف ضده فهو شكل واضح من أشكال الاستغلال غير القانوني للمال العام ويجب ألا يمر دون محاسبة مرتكبيه، مبينا أن القوى المتنفذة تقوم بذلك في كل انتخابات بسبب سيطرتها على المال العام.

الحرمان أفضل رادع

من جانبه يرى المحلل السياسي، داوود سلمان أن المفوضية العليا المستقلة للانتخابات ليست لديها القدرة على ردع مثل هذه الممارسات، لأن المتنفذين في الدولة هم من يشارك بالانتخابات ويتحكم بالسلطة ولديهم المال السياسي نتيجة غياب الرادع الحقيقي.

ووفق سياق حديثه مع “طريق الشعب” يلفت سلمان إلى أن الجمهور ليس كالسابق، فهو يعرف أين يتجه ولمن يعطي صوته. إن جمهور الأحزاب السياسية سيصوتون إلى أحزابهم ولكن المساحة الأكبر هي للجمهور المستقل (غالبية المواطنين) وهنالك الكثير منهم لن يعطوا صوتهم للقوى المتنفذة رغم المال السياسي والدعايات الانتخابية الضخمة التي تجريها.

ويعتقد المحلل أن ضبط الدعاية الانتخابية يكون من خلال معرفة مصدر الأموال وكيفية الإنفاق ومن أين أتت، فهنالك قسم من الأحزاب تأتيها أموال من الخارج، وهذا النوع من الأموال في العملية الانتخابية محرمة لأنها شبيهة بالخيانة والولاء للخارج. ويشدد على ضرورة تحديد الدعاية الانتخابية وحجمها وعدد اللافتات لكل مرشح بشكل متساو لكافة الأفراد والأحزاب، حتى لا يكون هنالك فراغ وتمييز كبير بين جهة وأخرى، حيث أن هذا الأمر يضبط الدعاية الانتخابية.

ويخلص سلمان إلى أن حرمان أي مرشح من المنافسة الانتخابية والترشيح في حال ثبتت مخالفته للتعليمات النافذة عن المفوضية، هو أفضل طريقة لمواجهة استغلال المال السياسي في الانتخابات وهذا رادع كبير يمكن أن يجدي نفعا.

وفي السياق، يعتقد الناشط المدني كرار حسين أن عملية ضبط الأنفاق الانتخابي لا تقتصر فقط على تحديد سقف معين للإنفاق الانتخابي، وتمتد إلى منع استغلال موارد الدولة ومشاريعها.

وذكر حسين لـ “طريق الشعب”، أن “الحكومة عليها منع استغلال المشاريع الخدمية من قبل مرشحي الأحزاب المتنفذة”، مبينا أن “هذا التحدي الأبرز الذي يفترض بالحكومة العمل عليه في ظل الشروع بتنفيذ الموازنة وقرب موعد إجراء الانتخابات”، ويضيف، “مفوضية الانتخابات ليس لديها آليات لمعرفة ما إذا تم شراء الأصوات وغيرها في الدعاية الانتخابية”، منوها إلى أن استخدام المال السياسي في الدعاية الانتخابية أصبح عرفا وبدونه لا تحقق القوى المتنفذة فوزاً.

ولفت إلى ان قوى السلطة المتنفذة “ تعول بالأساس على نسبة ضعيفة ومحدودة تشارك في الانتخابات، تتراوح نسبتها بين 15-20 في المائة وتوظف المال السياسي لشراء الاصوات او خداع البعض الاخر”.

ومن المقرر إجراء انتخابات مجالس المحافظات في 18 من كانون الأول المقبل.