اخر الاخبار

احتفل يوم أمس العالم باليوم العالمي للشباب، الذين يواجهون في بلاد الرافدين، تحديات كثيرة وكبيرة، تشمل قلة فرص العمل وتفاقم نسب البطالة، إضافة الى التهديدات التي تطال حياتهم اذا ما فكروا بالمطالبة بحقوقهم المشروعة.

وأعلنت منظمة الأمم المتحدة ان الهدف من الاحتفال في هذا اليوم هو لتركيز اهتمام المجتمع الدولي على قضايا الشباب وكيفية الافادة من إمكانياتهم بوصفهم شركاء في المجتمع.

وكما هو الحال في كل عام، يمر هذا اليوم في العراق مرور الكرام مع اطلاق بعض البيانات والكلمات التي تتغنى بالشباب العراقي ودوره واهميته، دون النظر الى مشاكله وواقعه وما يقاسيه نتيجة السياسات الفاشلة لقوى المحاصصة، بل حتى بعض الإجراءات المعلنة هي اقرب للفعل السياسي بدل المعالجات الحقيقية.

مجلس اعلى للشباب

وفي ظل الوضع الراهن الذي خططت لصناعته منظومة قوى المحاصصة والفساد، لن يجد الشباب العراقي من ينتشلهم من هذا الواقع ويحقق آمالهم وتطلعاتهم، وفقا لما يراه معنيون وناشطون.

وفي المناسبة، قرر مجلس الوزراء، خلال جلسته الاستثنائية التي عُقدت بمناسبة يوم الشباب العالمي، تشكيل المجلس الأعلى للشباب، وذكر المكتب الإعلامي لرئيس مجلس الوزراء في بيان أن “رئيس مجلس الوزراء، محمد شياع السوداني، ترأس السبت، جلسة استثنائية لمجلس الوزراء بمناسبة يوم الشباب العالمي الموافق 12 آب”.

وبارك رئيس مجلس الوزراء، في مستهل الجلسة، لشباب العراق كافة بمناسبة اليوم العالمي للشباب، وحرص الحكومة على جعله مناسبة للوقوف على قضاياهم وتبني أفكارهم ومقترحاتهم من خلال الجلسة الاستثنائية التي عُقدت لهذا الغرض، بحسب البيان.

كما قدم السوداني التهاني والتبريكات للطلبة المتفوقين في الامتحانات النهائية للدراسة الإعدادية، وأشار إلى حالات التفوق الخاصة والوقوف أمامها وقفة احترام، حيث حصد أصحابها التفوق على الرغم من ظروفهم الصحية والاقتصادية، ووصفهم بالقوة التي يعول عليها العراق في بناء مستقبله.

وأكد السوداني أنّ “الدولة أمام مسؤولية كبيرة لرعاية الشباب الذين يشكلون نسبة 60 في المائة من سكان العراق، عبر وضع الخطط والبرامج التي تنهض بواقعهم”، مشيراً إلى “المنهاج الوزاري الذي انطوى على التزام الدولة برعاية الشباب، واتجاه الحكومة نحو تفعيل القطاع الخاص، وباقي القطاعات الحيوية التي تساعد في توفير آلاف فرص العمل للشباب، وتأمين العيش الكريم لهم”.

استضافة نخبة من الشباب

وبحسب البيان، “شهدت الجلسة استضافة نخبة من الشباب ممثلين عن المشاركين في المؤتمر الوطني لحوار الشباب، الذي عُقد في بغداد مؤخراً، وطرحوا أفكارهم خلال الجلسة، كما جرت مناقشة تفصيلية لـ 64 مقترحاً تخصّ عدداً من القضايا الشبابية، هي حصيلة ما اتفق عليه الشباب من مختلف محافظات العراق في المؤتمر، التي من شأنها أن تنهض بالواقع الشبابي وتسهم في الاستثمار الأمثل للشباب، فضلاً عن مقترحات جديدة تقدم بها عدد من السادة الوزراء”.

يذكر ان المؤتمر الشبابي عقد بدعم حكومي واخذ طابعا رسميا وجرى اختيار الحضور، وغيبت عنه فئات شبابية فاعلة وناشطة.

ووجّه رئيس مجلس الوزراء بـ”إقرار المقترحات في الجلسة الاعتيادية لمجلس الوزراء التي ستُعقد يوم الثلاثاء القادم، وذلك بعد دراستها بشكل تفصيلي والأخذ بملاحظات السادة الوزراء التي دُونت في الجلسة”.

وقرر مجلس الوزراء تشكيل المجلس الأعلى للشباب، برئاسة رئيس مجلس الوزراء، ووزير الشباب والرياضة نائباً، وعضوية وزراء التخطيط والمالية والعمل والشؤون الاجتماعية والتربية والتعليم العالي والبحث العلمي والثقافة ومستشار شؤون الشباب في مجلس الوزراء ومنسقية شؤون المحافظات ومنظمة مجتمع مدني مختصة بشؤون الشباب؛ ولرئيس مجلس الوزراء قرار تسمية أعضاء المجلس، وفق البيان.

وهنا أيضا، جرى تغييب المنظمات الشبابية عاملة في الوسط الشبابي منذ سنين.

لم نحصل على حقوقنا!

يقول علي خيون، عضو المكتب التنفيذي لاتحاد الشبيبة الديمقراطي العراقي، ان “معاناة الشباب جزء مهم من معاناة الشعب، وهي نتاج النهج المأزوم لمنظومة المحاصصة”. ولفت الى انها “هيمنت على الرئاسات الثلاث لمدة عقدين، ولم تقدم شيئاً للشباب ولم تنظر لمشاكلهم الكثيرة، بل هي من صنعت ودبرت هذا الحال المأساوي وما زالت تعمل على تعميق ازمات الشباب وتهميشهم”.

 ويشخص خيون في حديثه مع “طريق الشعب”، “قصور المراكز والمؤسسات والوزارات المعنية بالشأن الشبابي”، ويؤكد ان اغلبها “ تعمل بصورية ترقيعية وغير جادة، على الرغم من الأموال التي رصدت لها، كما ان مختلف القيادات السياسية تطرح شعارات رنانة تدغدغ مشاعر الشباب، من دون اثر إيجابي”.

وأضاف: ان “الجانب الاقتصادي يعد من ابرز ما يعاني منه الشباب، وهذا الملف يمثل تحديا حقيقياً للحكومة فهو يتعمق عاما بعد اخر، نظرا لان المعالجات طيلة 20 عاما كانت ترقيعية، ولم ترتق الى حجم الازمة ومتطلباتها”.

وتابع حديثه بالقول: ان “العراق يصنف على انه واحد من البلدان التي فيها نسبة عالية من شريحة الشباب، بينما يجري بطريقة او بأخرى تغييبنا، ولم نحصل حتى الان على حقوقنا، فلم نشرك في صناعة السياسات العامة، فمثلاً غاب عن البرنامج الحكومي لحكومة السوداني موضوعة الشباب والاهتمام بهم. ان من يدعي تمثيل الشباب في المؤسسات التشريعية او المؤسسة التنفيذية، لم يقدم على أي خطوة ترتقي بالواقع الشبابي”.

تمثيل الشباب

 ويؤشر أهمية، ان “يجري تمثيل الشباب في مؤسسات الدولة الحكومية، فهم الاعرف بواقعهم”.

وتحدث خيون عن اهمال الجهات الحكومية للمراكز الشبابية والمنتديات، وبالتالي تحولت هذه الى مؤسسات خاوية تنظم الفعاليات التي لا تقدم للشباب شيئا، بل ان بعض القوى تستغلها لصالح قضاياها الحزبية الضيقة”. 

فيما شدد على ضرورة ان “ تكون هناك سياسة جديدة لفتح المعامل والمصانع وتشغيل الشباب، والاستفادة من خبراتهم المتراكمة، وتشغيل الايادي العاملة في المؤسسات الاستثمارية، كون ذلك سيسهم في التخفيف من حدة ازمة البطالة”.

واكد القيادي في اتحاد الشبيبة اهمية “ ايجاد آلية مناسبة لإطلاق القروض التي تدعم المشاريع الشبابية الصغيرة بشكل صحيح وتخفيف نسب الفوائد العالية عليها، والحد من الروتين القاتل”، مبينا ان الغاية منها هي “دعم فئات مختلفة من الشباب في شق طريقهم وانشاء مشاريعهم، لا اثقال كاهلهم المرهق اساساً، ما يسبب في تردد وعزوف الشباب عن الاقتراض”.

وفي ختام حديثه ذكر المتحدث انه لا يأمل “خيراً من حكومة جاءت وفق ذات النهج السياسي المحاصصاتي الذي اعتمد سابقاً، والتي فشلت ايضا في دعم الشباب”، مضيفاً ان “التعويل على هذه الحكومة بنهجها المحاصصاتي يعد من الأوهام فقضايا الشباب والشعب عموماً، غير مرهونة بتبليط الشوارع او المعالجات الترقيعية التي يروج لها اعلامياً، حيث لم نر اية مساعي لحل هذه المشاكل”.

“التقرب للشباب يبدأ من دعمهم”

وعلى صعيد متصل، عاد القيادي في قوى التغيير الديمقراطية، حسين الغرابي، الى لحظة انتفاضة تشرين حيث قال ان” الشباب العراقي في تشرين، قدموا اروع دروس التضحية والايثار والأمل في بناء مستقبل واعد”، مبيناً انه “تحمل مسؤوليته التاريخية، في وقت كان هناك اعتقاد بعدم إحساس بالمسؤولية، لكن في تشرين انقلبت المعادلة، حيث كان هناك احساس عال بالمسؤولية من قبل كل فئات الشعب، وفي مقدمتهم الشباب”.

واضاف الغرابي لـ”طريق الشعب”، ان “ تشرين كان قوامها وركيزتها الاساسية هم الشباب الذين ضحوا بالغالي والنفيس لأجل التغيير، وفي البيت الوطني تشكيلنا انبثق من تشرين، وعنصرنا الاساس هو الشباب الفاعل في الحركة المدنية والاحتجاجية، والآن هم قيادات في الحزب ويقدمون ما عليهم من واجبات وطنية ورؤى سياسية حقيقية”.

وفي ما يتعلق بواقع الشباب، فقد وصفه الغرابي بأنه “بائس جداً ولا يسر كما هو الحال ايضا بالنسبة لباقي فئات الشعب العراقي، وحقوقهم مغيبة واهمها حقهم في العمل، اضافة الى عدم تكافؤ الفرص”، مشيراً الى أن الدولة “تدار الآن من قبل احزاب تسيطر على البلد لمدة 20 عاما، وتقسم الوظائف وفرص العمل على المنتمين اليها وحاشياتهم، ولا يوجد معيار ثابت للتعاطي مع كل ابناء الشعب العراقي، والشباب خصوصا، بتساو وعدالة”.

وتابع قائلاً، ان طريقة تعاطي الحكومات المتعاقبة مع الشباب “ضحك على الذقون في ما يتعلق بتبينها مطالب الشباب ودعمهم”.

ولفت الى ان “حكومة السوداني تحاول ان تتقرب من الشباب، وفي اعتقادنا ان من يريد التقرب الى الشباب يجب ان يمكنهم ويدعمهم وان يخلق فرصا متكافئة لهم، ويحقق تطلعاتهم، لا قتلهم كما حدث في انتفاضة تشرين، حين طالبوا بحقوقهم”.

وفي يوم الشباب العالمي ناشد الغرابي كل الخيرين من اجل الكشف عن مصير الناشطين سجاد العراقي وفرج البدري، اللذين غيبهما السلاح المنفلت قسراً، وكشف مصير زملائهما.

وخلص الى ان “ منظومة المحاصصة لا يمكن لها ان تحقق اي تقدم في هذا البلد ولأي فئة من فئات الشعب العراقي و بضمنها الشباب”، مؤكدا انهم في “ قوى التغيير ضد المحاصصة انما تستبدله بمفهوم المواطنة، فالنظام الديمقراطي في العراق مشوه بسبب نهج المحاصصة، ولا نؤمن بان هذه الاداة منتجة”.

يخشون دور الشباب ووعيهم

ولم يذهب الناشط سعد عامر، بعيداً عن آراء المتحدثين، إذ اكد ان” واقع الشباب السيء ليس صدفة، وانما هو واقع مفروض من قبل قوى السلطة المتنفذة، التي تحاول دائماً تحجيم الفئة الشبابية وتهميشها، كونها الفئة التي يعول عليها دائماً في التغيير وعملية بناء الدولة وقيادة البلد”.

ونبه الى ان “القوى المتنفذة عمقت ازمات الشباب، ولم ولن تعالجها فهي بهذه الطريقة تحاول حرف مسار تفكيرهم، بالبحث عن فرصة عمل وتوفير لقمة العيش والكد والتفكير بالعائلة. وفي المقابل، تشرع ذات القوى الأبواب على أبناء عوائل المسؤولين والسياسيين المتنفذين وتمنحهم المواقع لإدارة الدولة”.

وخلص بالقول الى ان “وضع الشباب الحالي مثالي بالنسبة لاركان المنظومة المحاصصاتية، فهم يستفيدون من معاناة الشباب التي يستغلونها لصالحهم بابشع الطرق المختلفة في اوقات الانتخابات وغيرها، لذا هي لن تغير شيئاً من واقعهم ابداً”.

“هم المشكلة وليس الحل”

وضمن السياق، أعرب الناشط علي احمد، عن اسفه وخيبة امله من واقع الشباب، فبينما يحتفي العالم باليوم العالمي للشباب، نرى ان حقوق الشاب العراقي مسلوبة ومنتهكة، ويقاسون صعوبات وتحديات كبيرة.

واضاف قائلاً انه “ لا فرق بين الماضي والحاضر، فالشباب الذين عاشوا حقبة النظام المقبور، كانوا وقود حروب عبثية، واليوم نحن لم نر شيئا أيضاً من شبابنا واصبحنا وقودا لحروب طائفية وصراعات سياسية عبثية”.

وتابع في حديثه مع “طريق الشعب”، بالقول: ان الشاب العراقي “يكدح طوال فترة شبابه من اجل ان يعيش او يؤمن له ولعائلته الشيء البسيط في هذه الحياة، ويحلم بحياة تسودها الرفاهية اسوة بأقرانه الشباب في مختلف دول العالم، وهذا مستحيل في ظل منظومة التحاصص التي لم تعر للشباب اي اهمية”.

واضاف احمد ان هناك “الكثير من المشاكل التي تعصف بالشباب من كل حدب وصوب، اهمها البطالة التي ارتفعت معدلاتها، ووصلت الى نسب غير مسبوقة، ووسط كل هذا هناك ايضا ظواهر اخرى تعصف بالشباب من ضمنها المخدرات والجريمة والانتحار، وكل هذه الظواهر ينبغي التوقف عندها بجدية لاجل معالجتها”.

واكد في ختام حديثه، ان” من فشل في تمكين الشباب وتطويرهم والاستفادة من طاقاتهم لا يمكن له ان يغير واقعهم اليوم نحو الافضل فمن كان سبب المشكلة وسوء الأوضاع، لا يمكن له، اليوم، ان يكون جزءا من الحل”.