اخر الاخبار

قبل ثلاثة أعوام، كان كاظم رشك منشغلا في مثل هذه الأيام بحصاد التين والعنب والتمور، لكنه الآن صار يُضرم النار في تنوره الطيني من تلك الأشجار التي أهلكها الجفاف.

موجة جفاف

ويواجه العراق حالياً أسوأ موجة جفاف في العصر الحديث تقوض الإنتاجية الزراعية، وتهدد الدخل والأمن الغذائي للسكان.

كما ان تغير المناخ يؤدي إلى تفاقم مشكلة شح وتراجع جودة مياه نهري دجلة والفرات، اللذين ينتجان أكثر من 90 في المائة من المياه السطحية في العراق.

والى جانب ذلك، فإن زيادة درجة الحرارة بمقدار درجة مئوية واحدة وانخفاض هطول الأمطار بنسبة 10 في المائة بحلول عام 2050 سيؤديان إلى انخفاض بنسبة 20 في المائة في المياه العذبة المتوفرة.

ويحمّل مهتمون بالشأن المائي دول المنبع مسؤولية سوء الوضع المائي في البلاد، مطالبين بالاحتكام إلى القوانين الدولية التي تعتبر عدم تدويل المياه جريمة إنسانية.

دعوات للترشيد

يقول رشك لمراسل “طريق الشعب”، الذي يسكن إحدى القرى جنوبي بابل، ان المبازل التي كانت تتغذى من شط الحلة، جفت تماما. “يحدث هذا منذ ثلاث سنوات”.

يبحث رشك الآن عن نائب أو مسؤول حكومي يساعده في شموله براتب الرعاية الاجتماعية “كنا نعيش على هذه الأرض. والان لا شيء”.

“اذا ما عادت المياه فإنني مستعد لإحياء هذه الأرض وزراعتها من جديد” هذا كل ما يتمناه كاظم رشك (٦١ عاما).

حال رشك يشمل الكثير من المزارعين والفلاحين الذين خسروا الرهان أمام الجفاف.

ومع هذا الحال، تطلب وزارة الموارد المائية من هؤلاء بالتكيف مع الوضع “ترشيد الاستهلاك”. فهل هذا كل ما يمكن لها فعله؟

والى جانب ذلك، تقول الوزارة أنها تعمل على إزالة التجاوزات لضمان ديمومة المياه برغم ندرتها.

وضع «مرعب»

يحذر خبير المياه، تحسين الموسوي، من أن البلاد تواجه موتاً تدريجياً بسبب نقص الموارد المائية وتلوث الأنهار في المناطق الجنوبية والوسطى.

ويذكر في حديث لـ “طريق الشعب”، أن “ملف المياه يشهد تدهوراً مستمراً بسبب ارتفاع نسب الملوثات، ما يتسبب في تسجيل أمراض خطيرة، بما في ذلك السرطان”.

ويحمل الموسوي دول المنبع مسؤولية انخفاض المناسيب، “بسببها وصلت البلاد الى هذا الحال، اذ تعتبر الإطلاقات المائية شبه مقطوعة”، في إشارة إلى تركيا وإيران.

ويناشد الموسوي وزارة الخارجية تدويل ملف المياه، “كون القانون الدولي يعدها من الجرائم ضد الإنسانية، ويحاسب من يتسبب بالضرر والتلوث”.

وأحال أطفال بعض القرى في المناطق الريفية الانهر الفرعية والمبازل الى ساحات للعب كرة القدم، بعد ان جفت تلك الأنهر. “انه منظر مرعب”، هكذا يصف الموسوي المشهد الراهن.

ويرى ايضا أن “الحل يتطلب إطلاقات بحدود 100 مليار دولار لتجاوز أزمة خزانات المياه الجافة. وهي مطالبات عاجلة لمواجهة التحديات الهائلة وإنقاذ مستقبل المياه في العراق”.

ويعاني العراق منذ سنوات عدة من أزمة جفاف خطيرة جراء عدم التزام دول المنبع بتزويد البلاد بحصصها المائية، إلى جانب شح الأمطار، وتفاقم الأزمة في السنوات الثلاث الأخيرة لتصل ذروتها خلال العام الحالي حيث جفت العديد من الأنهار والأهوار وانخفضت مناسيب نهري دجلة والفرات بشكل كبير.