اخر الاخبار

أمريكا وصفقة النفط

مقابل الغاز

لموقع أسعار النفط، كتب سيمون واتكينز، مقالاً حول الصفقة التي عقدها العراق مع إيران لمقايضة النفط الخام بالغاز، أشار فيه إلى أن سماح الولايات المتحدة بتحويل عشرات المليارات من الدولارات إلى إيران، استثناء من العقوبات المفروضة عليها، كان مشروطاً بأن تقوم بغداد بتخفيض وارداتها من الغاز والكهرباء الإيراني إلى الصفر في نهاية المطاف، مما يقلص نفوذ جارتها الشرقية عليها. 

عودة قلقة

وذكر واتكينز بأن واشنطن حاولت، ومنذ خروج قواتها القتالية من العراق، البحث عن ما يعيد لشركاتها فرصةً ما لإستغلال حقول النفط والغاز الضخمة وغير المنتجة حتى الآن، وهو مسعى أدركته بغداد، فسعت لإستغلاله مالياً، رغم عدم وجود نية لديها للسماح بتحقيقه، في ذات الوقت الذي أدركته طهران ايضاً، فمارست ضغوطاً هائلة على بغداد ولفترة طويلة جدًا لتوطيد نفوذها بشكل مباشر أو عبر حلفائها. ويعتقد واتكينز بأن معالم هذا الصراع كانت مقتصرة على التهديدات والتهديدات المضادة، والتي تُطلق بغضب وبصوت مرتفع، دون أن تدل على شيء ملموس.

خسارة أمريكية

الا أن صفقة النفط مقابل الغاز، التي كانت خطوة ذكية وماكرة، حسب واتكينز، قد غيّرت من أدوات اللعبة، ومثّلت صفعة على وجه واشنطن، وألقت بالكثير من الشك على مشروعها الهادف توفير فرص إستثمارية ممتازة للشركات الأمريكية في حقول العراق النفطية، والذي كان من المفترض البدء بتنفيذه حال إنتهاء اعتماد العراق على الغاز الإيراني في إنتاج 40 في المائة من احتياجاته من الكهرباء. 

واعتبر واتكينز هذه الصفعة، تأكيداً مهماً على عدم إستفادة واشنطن من تلك الإعفاءات ومن كل عمليات الضخ السنوية من الأموال إلى بغداد، استجابة لطلبات رؤساء حكوماتها في زياراتهم للبيت الأبيض، بغية إنقاذ ميزانياتهم السنوية، التي ينخرها كل عام، الفساد المستشري في مفاصل الدولة، ولاسيما في قطاع الطاقة. 

فرقة باليه بغداد

ونقل المقال عن مصدر قانوني أمريكي رفيع المستوى، وصفاً لضيوف البيت الأبيض بالراقصين المهرة، مشيراً إلى أن الكاظمي كان من أبرزهم، حين تمّكن من الحصول على منح كبيرة وعلى أطول مدة للإعفاءات بلغت 120 يوماً، أثناء زيارته لواشنطن في 2020، رغم إغماض حكومته العين عن نشاط العديد من الكيانات المعادية لواشنطن وتهاونها مع عصابات كبيرة، عملت في غسيل الأموال وتهريب النفط ونقل ملايين الدولارات إلى خارج البلاد، وهي أمور سبق وإعترفت بها واشنطن وأعربت عن قلقها من أن العراق يواصل العمل كقناة لإمدادات النفط والغاز الإيرانية لتشق طريقها إلى أسواق التصدير الرئيسية في العالم.

أحلاهما مر

وأشار واتكينز إلى أن معالم هذه الصفعة، كانت واضحة في تصريح رئيس الحكومة العراقية، حول عدم وجود خيار آخر لبغداد سوى صفقة المقايضة، جراء منعها من الدفع عبر الطرق المصرفية التقليدية، لأنه تضّمن تحذيرين مبطنين للولايات المتحدة، أولهما إمكانية حدوث ضرر هيكلي في بعض آبار نفط الجنوب، جراء زيادة إنتاجها بسرعة، للوفاء بشروط الصفقة، مما سيجعلها غير نافعة للشركات الأمريكية الساعية للإستثمار فيها مستقبلاً، ويقلل من تسويق العراق للنفط إلى السوق العالمية فترتفع أسعاره، وثانيهما أن مثل هذه الصفقة قد تؤدي أيضًا إلى تعاون أكبر بين العراق وإيران في استكشاف وتطوير حقول النفط المشتركة وتبادل الخدمات الفنية والهندسية، مما يمكن معه إستبعاد الشركات الأمريكية من خطط التنمية المستقبلية إلى الأبد.

ولهذا، رأى واتكينز بأن الولايات المتحدة ستمر بمراحل الحزن الخمس المرتبطة بخسارتها في العراق، والمتمثلة بالإنكار والغضب والمساومة والإكتئاب والقبول. وأشار إلى أنها تمر اليوم بمرحلة الإنكار حيث صرحت وزارة خارجيتها بأن التنازل الذي منحته في مارس 2023، يسمح للعراق بشراء الكهرباء من إيران ولا شيء غير ذلك. ويبقى السؤال عن إمكانية وصول واشنطن لمرحلة القبول، ومنح بغداد تنازلاً مفتوحاً لمواصلة استيراد الغاز والكهرباء من إيران والسماح لها بدفع التكاليف بالدولارات.