اخر الاخبار

أصبحت بعض المحال الصغيرة في العاصمة بغداد خالية من بعض أنواع السكائر تدريجيًا، فيما بدا صاحب أحد محال جملة السجائر في مناطق جنوب العاصمة بغداد “محرجًا” وهو يبلغ أحد زبائنه بأن سعر “تكة السكائر” التي اعتاد على شرائها بـ12 ألفا بسبب ارتفاع الدولار من 10.5 ألف دينار، قد ارتفعت مجددًا لتصل إلى 15 ألف دينار. وبدأ الأمن الاقتصادي إغلاق محال تجار جملة السجائر ومواد أخرى. “ما عندي جكاير أي سي، وإذا جبتها لازم أبيع الباكيت بألفين بعد مو بألف وربع”، هكذا يقول صاحب أسواق صغيرة في إحدى مناطق العاصمة بغداد، الذي أشار إلى أنّ “سبب ذلك هو غياب السكائر من السوق بسبب حملة على تجار السكائر”.

ارتفاع متفاوت

وارتفعت أسعار السكائر لدى كل نوع بين 15 وحتى 30 بالمئة بشكل متفاوت وحسب نوع السكائر، حسبما اكد تجار السكائر، بعد ان بدا الأمن الاقتصادي بإغلاق محال تجار جملة السجائر ومواد أخرى وليس السجائر فحسب، وسبب ذلك هو لتعامل هؤلاء التجار بسعر الدولار في السوق الموازي.

وقام الأمن الاقتصادي بتشكيل فرق جوالة وبشكل متخف باعتبارهم زبائن ويسألون عن الأسعار التي شهدت ارتفاعًا بسبب ارتفاع الدولار، وعند محاججتهم بأن الدولة توفر الدولار بالسعر الرسمي، يرد أصحاب الجملة بأنهم لا يشترون من البنك المركزي، بل من السوق الموازي، ليفتضح أمرهم في وقت لاحق ويتم اعتقالهم وإغلاق محالهم التجارية”، وفقا لعاملين في السوق.

ويؤكد صاحب محل السجائر، أنّ “بعض تجار التبغ يأخذون الدولار من البنك المركزي بالسعر الرسمي، لكنهم يبيعون بضائعهم وفق سعر الدولار في السوق الموازي. وان معظم تجار السكائر لا يشترون الدولار من البنك المركزي”.

احد أكبر مستوردي السجائر

ويقول المهتم في الشأن الاقتصادي ماهر أمين، إنّ “تجار السكائر هم أبعد الناس عن شراء الدولار من البنك المركزي أو عبر المنصة الالكترونية، لأن هذا النوع من التجارة هو أكبر تجارة تتم عبر التهريب في العراق، بسبب الرسوم والضرائب العالية المفروضة عليها في المنافذ الرسمية، حيث تصل إلى 100%”. وبالأرقام، يشير أمين في حديث صحفي إلى أنه “بحسب مرصد التعقيد الاقتصادي OEC، فإنّ العراق استورد في 2021 تبغ ملفوف أو سكائر بأكثر من مليار دولار، حيث جاء رابع أكبر مستورد للسجائر بعد كل من إيطاليا وألمانيا وإسبانيا، ليستحوذ على 4.86% من إجمالي السجائر المصدرة عالميًا في عام 2021”. بالمقابل، سجل الجهاز المركزي للإحصاء حجم استيراد التبغ والسكائر في العام 2021 بـ1.4 مليون دولار فقط، هذا يعني أنّ ما يدخل بشكل رسمي من السكائر لا يعدل شيئا، ويبلغ 0.1% من إجمالي السجائر المستوردة بالفعل. وهذا يثبت بشكل كبير أنّ معظم السجائر هي مهربة.

5 ملايين دولار يوميا

هذه الاحصائية تكشف لنا أنّ تجار السكائر يحتاجون سنويا الى مليار دولار لتغطية قيمة شراء منتجاتهم، وبالتالي فانهم يلجئون الى السوق الموازية، إذ أنّ مزاد العملة لا يفتح سوى قرابة 215 يومًا سنويا، بسبب وجود 150 يوم عطلة في السنة. وهذا يعني أنّ سوق السكائر وحده يحتاج لشراء 5 ملايين دولار يوميا من السوق الموازي، بسبب ابتعاد التجار عن المنصة والبنك المركزي، للتهرب من الضريبة التي تبلغ 100 بالمئة على السكائر. وتشير تقديرات سابقة صدرت عن منظمة الصحة العالمية إلى أنّ العراقيين يحرقون يدخنون سكائر بقيمة بـ1.8 مليون دولار يوميًا. وسنويا بـ 657 مليون دولار.

وسبق أن نظمت القوات الأمنية حملة لجمع تعهدات من التجار بالتعامل بالدينار العراقي بدلًا من الدولار، لكنّ خبراء رأوا أنّ الأمر “بعيد عن الواقع”، كون معظم السلع في العراق مستوردة، والاستيراد يتمّ عبر الدولار فقط.