اخر الاخبار

في مناسبة الذكرى الـ 18 لسقوط نظام الدكتاتور صدام حسين، تعد “طريق الشعب”، سلسلة من الحلقات في موضوعات مختلفة، تستطلع من خلالها الآراء، وتطرح سؤالاً عن توقعات الناس آنذاك في شأن المستقبل الذي ينتظرهم او عن تطلعاتهم، ومقارنتها بالنتائج التي أفرزتها المرحلة في وقت لاحق.

لقد مرّ العراق بأزمات عسيرة خلال الحكم الديكتاتوري الشمولي على مدى ثلاثين عاما، نتج عنها ثلاث حروب، انتفاضات لا تحصى، حصار اقتصادي استمر لعشر سنوات تقريبا، وضع البلاد في عزلة وأزمات متلاحقة. ومع الاجتياح الأمريكي للعراق في العام 2003، سقط الديكتاتور صدام حسين ونظامه، لكن الفوضى وأعمال النهب والاقتتال والتناحر على السلطة حل محلهما، فكل التطلعات التي كانت حاضرة في الاذهان بشأن عراق آخر، لم تحدث، بل كانت محصلتها عموما مخيبة للآمال.

الفوضى لم تنفك عن ملاحقتنا

تقول دعاء عودة (28 عاما): “حين اقبلت علينا سنة ٢٠٠٣، غمرتنا الفرحة وتفاءلنا خيراً، لكن الفوضى دخلت حياتنا من دون مقدمات، في وقت كان فيه الجميع يحلم بحياة كريمة، وعمل يؤمن لنا الكرامة التي فقدها أهلنا ايام الحصار”.

وتضيف ان “الفوضى لم تترك لنا مجالا. سرعان ما تحطمت آمالنا، فاتضح لنا ان هذه القوى السياسية التي تحكم البلد الان غير مؤهلة، وانها تحكم باسم الطوائف والهويات الفرعية، وغير قادرة على تقديم اي شيء للناس؛ فمشاهد الموت والدمار وسرقة الاموال والفساد أفسد كل شيء، وصارت مشهدا يوميا معتادا”.

وتجد دعاء ان “الشباب كانوا ضحايا لما حدث. هذا النظام قتل الطموح وخيب الآمال”.

ديمقراطية مفقودة 

أما علي احمد (32 عاما)، فيقول “كنا نتوقع حدوث اجواء ديمقراطية، وان يتم التأسيس لنظام يحترم حريات وحقوق الناس. بدأ المواطن العراقي يعاني من صعوبة في كل شيء. بدءا من الكهرباء وليس انتهاء بفرص العمل التي تتلاشى تدريجياً”.

ويشير الى ان “الاقتتال الطائفي الذي حدث والجماعات المسلحة المتنازعة في ما بينها، لم تشكل عائقاً امنياً فقط، بل هذه الجماعات المسلحة المدعومة من قبل كتل واحزاب سياسية سيطرت على كل مفاصل الحياة، وفرضت أدوات على موازنة الدولة، ما وضع البلد في ازمة اقتصادية لم تظهر نتائجها إلا بعد سنوات”.  

ويلفت الى أن “الإشكال الذي نمر به هو أننا عالقون في الوسط؛ إذ أن من غير المقبول العودة إلى الديكتاتورية، وفي الوقت ذاته، يبدو أن الانتقال الكامل إلى الديمقراطية صعب جداً”.

خراب ما بعد 2003

لم تكن مريم محسن (25 عاما) تحسب ان “النظام القادم سيجلب لنا الخراب. كنا نتخيل أن مساحة كبيرة من الحرية والحقوق بانتظار انصافنا، في ظل النظام الجديد، لكن اتضح في ما بعد اننا انتقلنا من الدكتاتورية الى شكل اخر من اشكالها”.

وتردف مريم “في العام الاول الذي تلى سقوط النظام، شهد الوضع المعيشي تحسناً لافتاً وخصوصاً للموظفين، لكن بعد مرور سنوات، حدثت انتكاسة كبيرة للجميع. لم يكن بالحسبان ان تصل الامور الى هذا النحو”.

كتل لا تمثل ناخبيها

فيما يقول بكر ضياء (34 عاما): ان “كل ما كان تتطلع اليه الكتل السياسية هو عبارة عن وهم. كانوا يرمون بناء نظام افضل من النظام السابق، لكنهم لم يتمكنوا من ذلك”.

ويضيف ان “التطلع كان تحقيق نظام ديمقراطي يحتضنه دستور حقيقي يختاره الشعب. نظام سياسي يحافظ على التنوع الموجود في العراق، لكن القوى السياسية ادعت انها تمثل المكونات في حين انها لا تنتمي اليها”.

دستور بفقرات ملغمة

من جانبه، يعلق محمود المشهداني على الموضوع قائلاً “حتى الان، لا نستطيع ان نطلق تسمية النظام الحالي او الجديد. الكثير من السياسيين يسمونها بالعملية السياسية. هذا اعتراف منهم على أنهم لم يتمكنوا من بناء نظام سياسي بمفهومه الصحيح”.

ويلفت المشهداني الى ان “المشكلة التي واجهت العراق بعد 2003 هي الدستور، فالكثير من فقراته هي عبارة عن ألغام. آخرها مادة المحكمة الاتحادية”.

وشهدت سنوات ما بعد الاحتلال، توغل تنظيم القاعدة الارهابي في مناطق متفرقة من العراق. ومنذ منتصف العام 2006 أدخلت عناصر متطرفة، البلاد في دوامة من العنف، استمرت حتى بداية العام 2008. عمليات خطف وقتل واغتيالات وتفجيرات، حولت العراق إلى جهنم ليس للعراقيين فحسب، بل أيضا للقوات العسكرية الأجنبية ولموظفي منظمات الإغاثة الدولية على غرار تلك التابعة للأمم المتحدة. وفي ذروة أعمال العنف سقط ما يصل إلى 3000 عراقي شهريا، وفق تقديرات للأمم المتحدة. ونتيجةً لذلك تحولت الكثير من الأحياء والضواحي المختلطة عرقيا ودينيا في بغداد وعدد من المدن العراقية إلى مناطق خاصة بطائفة أو عرق معين. بعدها شهدت أعمال العنف تراجعا. كذلك تراجع عدد التفجيرات الإرهابية.