اخر الاخبار

أعدّ مرصد حقوق لحماية المدافعين تقريره السنوي للفترة، ضمن حملة (أحموا المدافعين عن حقوق الإنسان في العراق الان!)، والذي سلّط الضوء على اوضاع المدافعين عن حقوق الانسان العراقيين للفترة من كانون الثاني 2022 الى حزيران 2023، في إطار مساعيهم لتعزيز حقوق الإنسان وحمايتها من خلال وسائل سلمية وغير عنيفة، وتكثيف أعمالهم في الكشف عن انتهاك تلك الحقوق، وتوجيه انتباه الجمهور إليها، والدعوة إلى حلول عادلة ومنصفة.

وعمل معدو التقرير على إسناد معلوماتهم الى مصادر خاصة بالمرصد، دولية ومحلية.

تدهور متزايد

فيما استشهد التقرير بجملة قالها رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني في مناسبة اليوم العالمي لحقوق الانسان في 2022: “كل عام والحقوق مُصانة، وكرامة العراقيين محميّة، وجميع المدافعين عن حقوق الإنسان بألف خير”، أعرب عن أسفه لـ”التدهور المتزايد” الذي طال واقع حقوق الانسان في العراق بشكل عام، وبالأخص وضعية المدافعين/ ات عن تلك الحقوق، مشيرا الى “تصاعد الهجوم المضاد على هامش الحريات العامة والسياسية؛ إذ تصاعدت الانتهاكات بحق الناشطين/ات والمدافعين/ ات ومنظماتهم بطرق وأساليب تتعارض والحقوق الدستورية، وتتنافى مع روح القوانين والمواثيق الوطنية والدولية في هذا المجال”.

وأشّر التقرير “نزوعا لاستخدام القوة بشكل مفرط في التصدي لعدد من التظاهرات الاحتجاجية السلمية ذات الطابع الاجتماعي – السياسي والاقتصادي في بغداد وعدد من المحافظات، واعتقالات تعسفية والتهديد بالقتل واغتيال نشطاء فاعلين في التظاهرات ومحاكمة عدد منهم” خلال الفترة التي عمل التقرير على تغطيتها، والتي شهدت “سقوط ٢٥ قتيلا و٣٤٥ مصابا، في المقابل تم تسجيل ثلاث عمليات اغتيال طالت ناشطين ومدافعين عن حقوق الانسان وعملية واحدة غير ناجحة، مع اعتقال واحتجاز تعسفي لسبع حالات وتقديم تسع حالات الى القضاء والحكم على اربع منها بالاعدام، على اثر دعاوى كيدية تعاملت معها المحاكم على انها دلائل توفر شرعية للمحاكمة ولكنها في الحقيقة جاءت بدوافع سياسية!”، على حد توثيق التقرير.

وسجل المرصد أيضا في تقريره “حالة اختطاف واحدة واعتداء بالضرب المبرح على ثلاث من الناشطين والمدافعين عن حقوق الانسان”، مشيرا الى ان “الانتهاكات خلال فترة التقرير طالت عددا من وسائل الاعلام والصحفيين والوجوه الإعلامية البارزة والفاعلة التي تبنت و/او عبرت و/او نقلت مواقف مناهضة للأساليب التي تتعامل بها الحكومة وأجهزتها الأمنية والجهات المسلحة المرتبطة بها”.

وواصل بأن “التقرير سجل رصد ١٧ حالة طالت إعلاميين وصحفيين، و٧ حالات طالت مؤسسات إعلامية وفرقا من كوادرها، فقد تم اعتقال اثنين من الصحفيين خلال ممارسة عملهم الصحفي، وصدور مذكرات قبض بحق ثلاثة، وأمر استقدام لصحفي واحد، مع انهاء خدمات اعلامي بارز، وتقديم دعاوى قضائية بحق اثنين من الإعلاميين ومقدمي البرامج، وحالة اعتداء على منزل صحفي وترويع عائلته، ومحاولة اغتيال باستخدام العبوات الناسفة بحق اثنين من الإعلاميين، واصابة ثلاثة اعلاميين يعملون في مؤسسة إعلامية، واعتقال كادر قناة الجزيرة مع منع كادر العراقية الحكومية وكادر قناة هنا بغداد من التغطيات الإعلامية”.

ووثق التقرير “اقتحام غير قانوني لقناة الرابعة، واستهداف طال قناة UTV ، وأغلاق مكتب قناة الفرات في البصرة”.

انتهاكات ممنهجة

ولاحظ التقرير، ان “شكل الانتهاكات بحق المدافعين/ ات عن حقوق الانسان في العراق قد اختلف عن السابق - لحظة تشرين 2019 وما بعدها - كما ان حجم الانتهاكات قد يكون مختلفا، ولكننا نعتقد ان الانتهاك بجوهره ثابت لن يتغير، ولا توجد نية حقيقية لدى السلطات لطي صفحة التقييد والتضييق على الحريات”، معتبرا أن “اسلوب القمع وعدم محاسبة المقصرين هو نهج ثابت لدى الحكومات المتعاقبة”.

وربط مرصد حقوق لحماية المدافعين، مسألة اختلاف شكل الانتهاكات بعدة عوامل؛ “فالقوى المتنفذة باتت تعي خطورة الدور الذي يلعبه المدافعون/ ات وما يقومون به خاصة من حملات مناصرة لزملائهم ازاء الانتهاكات بحقهم، واصبح لدى السلطات تكتيك - قديم جديد - من نوع اخر، مبني على استخدام القانون للتضييق”، مؤكدا ان المدافعين/ات “اصبحوا يعملون بدقة اكبر في تسليطهم الضوء على القضايا التخصصية مثل البيئة والمياه والافلات من العقاب والفساد المستشري ومحاسبة المتسببين بالانتهاكات، ما دفع السلطة الى اتباع اسلوب التهديد والابتزاز و الدعاوى الكيدية بحقهم. كما ان اختلاف حجم الاضطرابات ادى الى اختلاف حجم الانتهاكات؛ ففي تشرين 2019 كانت الانتهاكات عشوائية وجماعية، ومما لا شك فيه فأن الحكومة الحالية برئاسة محمد شياع السوداني تحاول أن لا يحصل لصورتها خدش يتعلق بحقوق الانسان وحرية الرأي والتعبير على المستوى الدولي والمحلي مع قرب اجراء انتخابات مجالس المحافظات المقرر اقامتها اواخر العام 2023، فضلا عن منح مئات الالاف من الدرجات الوظيفية للشباب، في محاولة لشراء سكوت البعض وامتصاص غضب الشارع العراقي بسبب قلة الخدمات وارتفاع نسب الفقر والبطالة، بالتزامن مع ارتفاع اسعار النفط والرضى المبدئي عن الحكومة عند البعض”.

في سياق كردستان

 وذكر التقرير، ان “عدد سكان كردستان يبلغ نحو 6 ملايين و33 ألف نسمة، منهم 1.2 مليون موظف حكومي. ويحتاج الإقليم إلى 895 مليار دينار (614 مليون دولار) شهريًا لتوزيع الرواتب”، مبينا أنه “يمتلك 3 مصادر للإيرادات العامة: حصته من الموازنة العامة الاتحادية، وعائدات بيع النفط، والعوائد غير النفطية من الضرائب والرسومات ورسوم الجمارك”.

وتعقيبا على ذلك، ينقل التقرير عن النائب الكردستاني السابق غالب محمد علي تصريحا لموقع الجزيرة نت: إن “سوء توزيع واردات النفط والسيطرة الحزبية من أسباب أزمة الرواتب”، مشيرا الى ان “الإقليم يعتمد بنسبة 85-90 بالمئة على واردات النفط؛ إذ ينتج يوميا 500 ألف برميل، تبلغ إيراداتها مليارا و200 مليون دولار شهريا، حسب الأسعار في 2022، في وقت يبلغ فيه مجموع الرواتب نحو 600 مليون دولار”.

واتهم علي “الأحزاب النافذة الحاكمة في الإقليم بالاستحواذ على 60% من تلك الإيرادات البالغة 14 مليارا و400 مليون دولار سنويا، مما يسبب أزمة رواتب مستمرة مؤثرة على اقتصاد كردستان وموظفيه”.

ولفت التقرير الى أن “القطاع الخاص في كردستان يعرقل عملية التنمية في الإقليم، نتيجة عدم وجود قانون يضمن حقوق العاملين فيه”.

ونوّه بأن التظاهرات والاحتجاجات الشعبية لن تقتصر على على مناطق الوسط والجنوب، بل ان الحراك الشعبي امتد الى اقليم كردستان.

وعلق التقرير على تلك الاحتجاجات بأنها جاءت “نتيجة انعدام فرص العمل”.

الحراك الاحتجاجي

وأكد التقرير، أن “الحراك الاحتجاجي ما زال مستمرا في اغلب محافظات العراق على اختلاف وسائله؛ فالتظاهر السلمي اصبح إحدى ادوات المدافعين/ات العراقيين للمطالبة بمختلف القضايا، وهو حق شعبي كفلته كافة الشرائع والمواثيق الدولية والدساتير الوطنية والقانون، وهو غير محصور بمنطقة محددة او شعب معين؛ فاينما يرى الناس ظلما وتقصيرا وانتهاكا لحقوقهم وحرياتهم من قبل حكامهم، فلا بد ان يكون هناك ردود فعل تتناسب مع حجم الانتهاكات”.

ورصد التقرير “عددا من التظاهرات والاضطرابات خلال الفترة من 2022 الى النصف الاول من 2023 في مختلف المدن العراقية، ويصل عدد الاحتجاجات الى اكثر من (20) حراكا، وثقنا بعضها بالتفاصيل حسب ما يتوفر من معلومات دقيقة وهناك تظاهرات واضطرابات حرصنا على عدم ذكر تفاصيلها لعدم توفر المعلومات الكافية حولها”.

وشملت حملة التوثيق التي نظمها المرصد، اعتقالات وعنف دموي وصل لاطلاق الرصاص الحي، وضرب بالاسلحة البيضاء واهانات لفظية وتهم ودعاوى كيدية وغلق للشوارع وغيرها.

اغتيالات ومحاولات

وفي هذا الاطار، قال التقرير ان “العراق يشهد عمليات اغتيال وقتل مستمرة، تستهدف المدافعين/ ات. وبرغم الوعود الكبيرة التي تقدمها الحكومة العراقية بتوفير الحماية لهم، إلا أنها لم تفِ بوعودها في حماية هذه الفئات ومحاسبة الجناة”.

الاختطاف والتغييب

ووثق التقرير أنه في 1 شباط 2023 تم اختطاف الناشط جاسم الاسدي وهو خبير في قضايا البيئة والمياه وحماية الاهوار، ومهندس استشاري معروف بتفانيه واخلاصه للعمل البيئي وحمايته للأهوار في جنوب العراق، تم اختطافه في مدخل بغداد الجنوبي وهو في طريقة اليها.

ولفت التقرير الى ان “الاسدي ممن يحلمون بتغيير كامل للوضع البيئي والمائي في العراق. حيث عمل لسنوات كناشط وباحث وخبير بيئي مدافع عن الأنهار والأهوار العراقية وحق العراق بالحصول على حصته الكافية من المياه”، موضحا ان “حملة احموا المدافعين عن حقوق الانسان في العراق الان، اصدرت بيانا بشأن الحادث مطالبة السلطات بالكشف عن مكان زميلهم الاسدي”.

وفي 15 شباط 2023 اُفرِجَ عن الناشط البيئي (جاسم الاسدي)، بعد خمسة عشر يوما من اختطافه من قبل جهة مسلحة مجهولة. كما صَرّحَ في تسجيل صوتي له عبر وسائل الاعلام.

ونبه التقرير الى ان “قضية اختطاف السيد جاسم الاسدي، تعيد للاذهان ملفات الاختفاء القسري والتغييب الذي تعرض له نشطاء ومدافعون عن حقوق الانسان اخرون، كمازن لطيف، وتوفيق التميمي، منذ احتجاجات تشرين ٢٠١٩، في وقت لا توجد هناك أية نتائج واضحة للجان التحقيقية الحكومية، او إجراءات متخذة بحق الجهات التي تسببت وتقف وراء ذلك”.

الاعتقال والاحتجاز التعسفي

وفي هذا الصدد، ذكر التقرير انه “بتاريخ 06 حزيران 2022، تم اعتقال الناشط حيدر الزيدي من قبل القوات الأمنية في البصرة بسبب تغريدات له على موقع تويتر عبر فيها عن آرائه. وفي فجر يوم 02 حزيران 2022، اعتقل الناشط أحمد مهلهل في المحافظة ذاتها بسبب نشاطه السلمي ومشاركته الفعالة في الحراك الشعبي”، مواصلا انه “بتاريخ 11 حزيران 2022، اعتقلت قوات الأمن كلاً من الناشط عمار الزيدي ممثل العقود الـبالغة 30 ألفاً، ووسام التميمي ممثل عقود مديرية صحة محافظة البصرة، وذلك بسبب قيامهما بالتظاهر السلمي للمطالبة بتثبيت أصحاب هذه العقود على الملاك الدائم. وبتاريخ 13 من الشهر ذاته تم اعتقال المواطن ريان سالم، والد المتظاهر السلمي ريمون الذي تم قتله من قبل القوات الأمنية. وفي 12 كانون الأول 2022 فجراً، داهمت القوات الأمنية منزل مدافع حقوق الإنسان البارز وأحد قادة الاحتجاجات بمدينة الديوانية عمار حميد رشيد الخزعلي، وأودعته رهن الاحتجاز في مركز شرطة السنية. وفي 26 آذار 2023، قامت القوات الأمنية باعتقال المحلل السياسي محمد نعناع وذلك بمنطقة الكرادة وسط بغداد، بناءً على شكوى رفعها ضده رئيس الوزراء محمد شياع السوداني بتهمة التهجم عليه لفظياً قبل توليه المنصب عندما كان مرشحاَ لرئاسة الوزراء”.

استهداف الصحفيين والإعلاميين

ورأى التقرير أن “حرية التعبير في العراق تتعرض إلى مخاطر كبيرة بسبب التوترات السياسية التي تشهدها البلاد واستغلال بعض السياسيين لنفوذهم في مؤسسات الدولة من أجل تهديد الصحفيين والإعلاميين وأصحاب الرأي الآخر، وإقامة دعاوى قضائية عليهم. وهذا ما حصل مؤخراً مع مجموعة منهم من الذين واجهوا دعاوى قضائية ومذكرات إلقاء قبض عليهم”.

ووثق التقرير عددا من الانتهاكات التي طالت مقدمي برامج واعلاميين وصحفيين ومحطات تلفزيونية وغير ذلك.

الإفلات من العقاب

ونوه المرصد في تقريره بأنه “إجراءات السلطات العراقية تسمح في إفلات الجناة من العقاب، فلا يزال هناك مئات الملفات والدعاوى المعلقة ضد متهمين لم يتم حسمها لغاية الان، وأن الإفلات من العقاب ساعد في اتساع رقعة الجرائم المرتكبة ضد المدافعين/ ات، كما ان السلطات العراقية تتعرض لضغوط سياسية تسهم في إفلات الجناة من العقاب”.

واكد التقرير دعم “كل خطوة باتجاه تحقيق العدالة، لكن الافلات من العقاب ما زال هو السمة الابرز للمشهد الحقوقي في العراق، حيث هناك مئات الملفات والدعاوى المعلقة ضد متهمين لم يتم حسمها. ولم يكن ملف الهاشمي هو الوحيد، فلا نعلم ما آلت اليه التحقيقات بمجزرة السنك وجسر الزيتون بعد مرور عدة اعوام على حدوثها، كما ما زال قاتل ايهاب الوزني وامجد الدهامات وآخرين، خارج دائرة الملاحقة، بل اصبحت عوائل الضحايا عرضة للخطر بدلا من ان تتم محاسبة الجناة”، مشيرا الى انه “لا نحتاج الى وعود غير حقيقية تتبع نهج المماطلة والتسويف والغموض في الاجراءات القانونية، فقد مر عامان على اغتيال الوزني وبعد ايام من القاء القبض على المشتبه به بقتله، قرر القضاء الافراج عنه لعدم وجود ادلة، ولغاية كتابتنا هذا التقرير فأن القاتل لا يزال حرا”.

وشدد التقرير على ضرورة ان تنطلق الإجراءات فورا لمحاسبة المجرمين، ومحاسبة الجهات التي تقف خلفهم، ومن يتعاون معهم، خصوصا من الأجهزة الأمنية، والتي للأسف الشديد بعض افرادها تورطوا في عمليات القتل والاغتيال”، معتبرا ان “اجراء تصفية الأجهزة الأمنية من العناصر المسيئة امر لا بد منه، وخطوة مهمة في عملية محاسبة القتلة وتقديمهم للعدالة”.

ووجد التقرير ان “هذه فرصة مهمة للحكومة الحالية والمؤسسات القضائية في العمل على متابعة ملفات الجرائم والدعاوى المرفوعة بحق العديد من المتسببين بجرائم القتل والاغتيال والتغييب”.

استخدام القانون في استهداف المدافعين

وأشر التقرير، ان هناك اختلافا في شكل وطبيعة الانتهاكات بحق المدافعين/ات عن حقوق الانسان، حيث اخذت تلك الانتهاكات شكلا قانونيا عن طريق اصدار اوامر قضائية واحكام بحق المدافعين/ ات، وهو تكتيك جديد تتخذه السلطة والاحزاب المتنفذة في قمع وتقييد حرية التعبير في العراق”، لافتا الى انه “رفعت خلال الأشهر الأخيرة مجموعة من الدعاوى القضائية ضد المدافعين/ ات عن حقوق الانسان، في محاولة تم وصفها من قبل الناشطين بأنها ترهيبية، تهدف إلى تقييد حرية التعبير ومنع المشاركة في الاحتجاجات والندوات والبرامج التلفزيونية التي تنتقد الفساد المستشري في البلاد”.

المحتوى الهابط.. سلاحُ بيد من؟!

وذكر التقرير انه “في كانون الثاني/ 2023 اعلنت وزارة الداخلية عن انشاء منصة الكترونية للابلاغ عن المحتوى الذي يتضمن اساءة للذوق العام. وفي 8 شباط 2023، وجه رئيس مجلس القضاء الاعلى فائق زيدان، في كتاب رسمي، بضرورة اتخاذ الاجراءات القانونية المشددة ضد من ينشر محتويات تسيء “للذوق العام””.

واكد التقرير انه “على اثر ذلك شنت وزارة الداخلية حملة من الاعتقالات حسب ما صرح به رئيس خلية الاعلام الامني ومدير دائرة العلاقات والاعلام في وزارة الداخلية سعد معن على قناة الرشيد الفضائية. وأكد ان وزارته قامت بتوقيف ثمانية اشخاص في حينها، وبعدها بمدة وجيزة باشر القضاء العراقي بإصدار احكاماً ضد اصحاب ما يسمى بـ “المحتوى الهابط”. لاحقاً صدرت احكام عن القضاء بحقهم، وتراوحت تلك الاحكام  بين ثلاثة اشهر وسنة وآخرها كان الحكم الصادر بتاريخ 20 حزيران 2023 من محكمة جنح العمارة بحق (عبود سكيبة)، وجاء الحكم بالسجن لمدة سنة واحدة مع وقف التنفيذ بتهمة “المحتوى الهابط””.

وما لاحظه التقرير، ان تلك الأحكام “تستند في جملتها إلى نصوص قانونية تحمل الكثير من العبارات والمفاهيم الفضفاضة والعائمة، وليس لها تعريف محدد، وهذه الطريقة بالتعاطي تذكرنا بامكانية أن يتم استخدام مثل هذه النصوص القانونية للتضييق على الحريات أو اسكات اصوات المعارضين والمنتقدين لعمل الحكومات، وهي بشكل أو بآخر تذكرنا بكل تلك الوسائل التي يتم استخدامها في الدول والانظمة التسلطية، وفي كتاب مجلس القضاء الاعلى اشارة واضحة الى ان هذه الحملة ستطال ايضا كل من يمس ويحرض ضد اجهزة الدولة ومؤسساتها والتي من الممكن أن يقع ضمنها كل حملات المدافعة والمناصرة ومكافحة الفساد ضمنها، بل ممكن أن يتم اعتبار تقريرنا هذا تحريضاً ضد الدولة واجهزتها”.

وقال المرصد انه “تكمن الخطورة في دخول السلطة على الخط لوضع معاييرها في تحديد الجيد من السيئ في تلك المحتويات، وعندها تتحول الممارسة هنا الى سياسة تفرض فيها السلطة ايديولوجيتها وذوقها وتصوراتها على الناس اجمع من خلال نظامها القضائي واجهزتها التنفيذية”.

وتساءل التقرير: “ما المعايير التي تستند لها لجنة متابعة المحتويات؟ وهناك تساؤل حول الابلاغ عن محتويات على مواقع التواصل الاجتماعي في منصة وزارة الداخلية، فهنالك الكثير من الشخصيات العامة والسياسية والمسؤولين تطرح اراء تلقى معارضة كبيرة في الشارع العراقي وبالإمكان الإبلاغ عنها من الاف الأشخاص فهل ستتم محاسبة صانعي محتوى يمس كرامة المواطنين أو يساعد على اذكاء صراع هوياتي (طائفي- عرقي)، ناهيك عن ان المنصة اساساً تعمل وفق ما يعتقده جمهور معين بأنه اساءة، دون النظر الى اختلاف الثقافات والهويات الفرعية والتقاليد المناطقية التي تتمتع بها البلاد؟”.

توصيات

وأوصى التقرير “بضرورة احترام الحق في حرية الرأي والتعبير والتجمع السلمي، ومنع أي تجاوز يتوقع حصوله عليها من أي جهة حكومية وغير حكومية، وضمان عدم التضييق على المؤسسات والوسائل الإعلامية، وحمايتها ومنع حدوث التجاوزات عليها، وعدم التدخل في عمل وسائل الاعلام العاملة على تناول قضايا التظاهرات وما يتعرض له المدافعون/ ات، وضرورة اتخاذ الإجراءات اللازمة للتحقيق في التهديد والتخويف الذي يتعرض له الصحفيون والمدونون في مواقع التواصل الاجتماعي ومحاسبة المسؤولين عنها”.

وشدد مرصد حقوق لحماية المدافعين على “ضرورة التزام جميع افراد القوات الأمنية بتوفير الحماية للمتظاهرين وإنفاذ القانون بالمعايير الدولية المتعلقة باستخدام القوة والأسلحة وتأمين الحماية للمتظاهرين مع ضرورة قيام الحكومة العراقية بالتحقيق النزيه والعادل في جميع حالات القتل التي تعرض لها المتظاهرون/ ات والناشطون/ ات ، وتحقيق العدالة للضحايا وعوائلهم وتقديم الجناة ومن يقف وراءهم إلى المحاكمة”، كما دعا الى “مراجعة عاجلة للاحكام التي صدرت بحق المعتقلين بالاخص احكام الإعدام والتعامل معها بمسؤولية وطنية واتخاذ الإجراءات السريعة في الافراج عن المحتجزين والمتعلقين دون قيد او شرط، ومحاسبة الجهات التي تقف وراء اختطاف وتهديد الناشطين/ ات، المدافعين/ ات عن حقوق الانسان وانهاء كل اشكال وأساليب الترويع بحقهم”.

وخلص التقرير الى ان “الحقوق والحريات مصانة دستوريا ومحمية بموجب القوانين والمعاهدات والمواثيق الوطنية، الإقليمية والدولية التي وقع عليها العراق وابدى التزاما بتنفيذها، ومن الضروري ان تضع حكومة السيد السوداني أولوية لإنهاء كافة اشكال الانتهاكات والإلتزام الفعلي بالدستور وحماية المدافعين/ات والنشطاء/ات ومنظماتهم، ومحاسبة المتورطين في قمع التظاهرات وفي ترويع الناشطين/ ات والمدافعين/ ات وإيقاف كافة اشكال خرق ما ألزم العراق نفسه به على صعيد الحقوق المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية”.