اخر الاخبار

لا تزال خدمات الدفع الإلكتروني في العراق ضعيفة وخجولة نظراً للإمكانيات والمؤهلات المتاحة في البلاد، إذ أن تعاطي الحكومة مع هذا الملف يسير ببطء شديد، ويواجه معرقلات كثيرة تختلقها جهات متنفذة تدرك أن هذا التوجه يضرب لها مصالحها وصفقاتها ومصادر تمويلها، ويحد من آفة الفساد الذي ينهش بجسد الدولة.

وفي أيار الماضي، وجه رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني، الوزارات والجهات غير المرتبطة بوزارة والمحافظات كافة، بالإسراع في تنفيذ نقاط البيع بنظام الدفع الإلكتروني وبذل الجهود الحثيثة من أجل ذلك.

اقتصاديون ومهتمون دعوا الى لفرض إجراءات حاسمة، ووضع معايير واضحة وتلافي الأخطاء التي تساهم في إضعاف ثقة المواطنين بثقافة التعامل الإلكتروني.

 

نطاق ضيّق

وفي هذا الشأن، يقول عضو اللجنة المالية في مجلس النواب، جمال كوجر، ان “اي دولة مهما كانت متأخرة بإمكانها ان تذهب نحو الاتمتة والتعاقد مع شركات لوضع نظام الكتروني للوزارات، فهي ببساطة تعني تحويل الإجراءات الحكومية من العمل اليدوي الى الإلكتروني”.

ويضيف قائلا لـ”طريق الشعب”، ان “الدولة العراقية بدأت العمل بنظام الأتمتة، لكن في نطاق ضيق داخل بعض الوزارات. نتمنى من هذه الحكومة ان تذهب نحو الأتمتة الكاملة، وخاصة تلك المتعلقة بقضية الموارد من اجل ضبطها، وكي نحد من هدر المال العام”.

ويتابع كوجر ان “العملية ليست مقعدة لكنها بحاجة الى إرادة قوية. هناك غياب لهذه الارادة لدى القوى السياسية في تطبيق نظام سويفت، لأنه متى ما طبق فإن 90 في المائة من الفساد سينتهي”، منوها الى ان “القوى المتنفذة في السلطة هي من تدير القسم الاكبر من القطاع الخاص”.

ويؤكد كوجر، ان “القوى المتنفذة لا ترغب في الاتمتة وتطبيق النظام المصرفي لسببين؛ الاول، انه يؤثر عليهم في ميدان اخر من حيث تبييض الاموال والفساد. والامر الاخر، ان الأتمتة ستحول دفع الضريبة الكترونياً بشكل اسهل على المستثمرين والقطاع الخاص والمواطنين، وبالتالي فان المستفيدين لا يريدون ذلك، لكي يستمر الفساد”.

 

التسهيلات عامل مشجع

المستشار المالي لرئيس مجلس الوزراء الدكتور مظهر محمد صالح قال ان “التعامل الحكومي الإلكتروني أصبح مسألة مهمة”، مؤكدا أن “وزارة المالية تعمل اليوم على مشروع (أ ب م س)، فهو نظام متكامل لإدارة المعلومات المالية”.

وأضاف صالح، ان “هناك حوالي 1000 وحدة صرف او إنفاق في المؤسسات والوزارات. وفي الغالب لا يعرف مركز الوزارة اذا كان لديه فائض أو عجز. وهذا النظام يعرّف الوزارة بماليتها”، مؤكدا انه يجري الآن العمل على حساب الخزينة الموحد، والهدف منه هو ان تعرف المالية العامة ماليتها بشكل دقيق يومياً، لأنه في بعض الأوقات تلجأ الحكومة الى الاقتراض، بينما لديها فوائض ولكن لا تعرف”.

وتابع حديثه لـ”طريق الشعب”، بالقول: انه “لا يمكن أن تجبر الناس على دفع الكتروني، في حين يكتنز المجتمع 80 في المائة من السيولة النقدية في منازلهم. وبالنسبة للشركات التي لا تتعامل بالدفع الإلكتروني، فالبداية الصحيحة بتقديري بان ترسم سياسة للدفع الالكتروني. والاهم ايضا ان تفعل الجباية الالكترونية للضرائب من خلال البطائق، وتقديم تسهيلات وخصومات تشجع الناس”.

وزاد مستشار رئيس الوزراء بالقول: ان “اهمية ذلك تمكن في انه عندما يتم الدفع عبر البطاقة، فان المالية العامة تعرف حجم الايراد لأن الايرادات مبعثرة بين الدوائر والمؤسسات، ولا احد يعرف شيئا دقيقا عنها”.

وخلص صالح الى ان “بلد مثل العراق له هيمنة على الدخل القومي وعلى الناتج المحلي الاجمالي بنسبة 65 في المائة، من المهم ان يعرف اين تذهب ايراداته. وبالذات الجباية والضرائب والرسوم.. والخ”، مؤكدا ان “الدولة اذا أصبحت الكترونية وتتعامل بهذه الطريقة؛ فالمواطن بمفرده يتحول كما تتحول الدولة. وبكل تأكيد ان تقديم التسهيلات والامتيازات لشركات القطاع الخاص يساهم في التقدم اكثر في هذا المجال. ومن واجب الحكومة دعم هذا المشروع”.

 

إرباك وعدم ثقة

الى ذلك، قال الباحث في الشأن الاقتصادي نبيل جبار التميمي، ان “من المفترض ان هناك مواعيد للانتقال الحكومي باتجاه الاتمتة والدفع الالكتروني خصوصاً، والتي تبدأ من نهاية شهر حزيران وحتى نهاية العام الجاري لتكون الحكومة قد حققت مرحلة من الشمول بحسب القرار”.

واوضح بالقول انه حتى الان لا تزال الاجراءات محدودة، وفي جانب اخر كان هناك ارباك في استخدام البطاقات ايضا،  حيث كان هناك تهريب للبطاقات وتحويل الاموال من خلالها، ما ساهم في اضعاف الثقة بالبطاقات من جديد. بينما شكلت اجراءات البنك المركزي تجاه البطاقات ومصدريها نوعا من الارباك”.

واكد في حديثه مع “طريق الشعب”، ان “الثقة هي اهم عامل في انجاح التوجهات الحكومية. وكان هناك في البداية دفع من البنك المركزي نحو استخدام اوسع للبطاقات. وعندما بدأ التوسع برزت الحوالات وتهريبها. والبنك المركزي اصدر تعليمات جديدة”، مبينا ان “الكثير من البطاقات اليوم لا تعمل. سمعنا الكثير من شكاوى الناس بسبب توقف بطاقاتهم عن العمل، وعدنا الى المربع الاول”.

وزاد الباحث ان “حجم الهوامش المأخوذة من عمليات التحويل المالي الداخلية عبر البطاقات مرتفعة، بينما يتقدم القطاع الخاص خطوات في الدفع الالكتروني الذي يحتاج الى انتشار البطاقات بشكل كبير للشروع باعتمادها”.

وخلص الى ان “البنك المركزي مطالب بتنظيم هذا الموضوع، لأننا لم نصل حتى الان الى مرحلة النضج الكافي في استخدام البطاقات ووضع المعايير لإصدارها، والحكومة حاولت ان تضغط على دوائرها للتعامل بالبطائق، لكننا بحاجة الى تنظيم اكبر للعملية”.

عرض مقالات: