اخر الاخبار

تشهد محافظة كربلاء تجريفاً للأراضي الزراعية من قبل بعض الجهات المتنفذة في الحكومة، فيما تغض السلطات الرقابية الطرف عن تلك الحملات، إذ يتم تحويل تلك الأراضي إلى مجمعات سكنية أو مشاريع تجارية، لكنها تقود عمليا الى تدمير أحد ابرز مصادر الغذاء، وتفاقم الاحتباس الحراري، وتقلل القدرة الإنتاجية الزراعية للمحافظة.

وأعلنت مديرية زراعة كربلاء، فقدان مليون نخلة بسبب عمليات التفتيت وتجريف الأراضي الزراعية.

تهميش دور الوحدات الإدارية؟

وتقوم قائمقامية قضاء مركز المحافظة بجولات ميدانية تفتيشية، يوم ثلاثاء من كل اسبوع، برئاسة القائممقام وعضوية ممثل الزراعة والجمعيات الفلاحية والموارد المائية، وذلك عملاً بالقرار 634 لسنة 1980 وتعليمات 10 لسنة 1981.

 وقال قائمقام كربلاء، حسين المنكوشي، ان “التعليمات الخاصة بالقرار تنص على توجيه انذار لصاحب الارض الذي يقوم بعملية تجريف او اهمال. وبعد شهر من الانذار يتم اجراء تحقيق اداري في الموقع والتأكد من مدى التزامه”.

واضاف المنكوشي في تصريح لـ “طريق الشعب”، ان هناك من يقوم بحرق النخيل بفترة النهار او في ساعات متأخرة، ويقوم بتجريف الاراضي الزراعية أمام مرأى ومسمع الجهات الامنية والادارية.

واشار المنكوشي الى ان الصلاحيات محصورة اليوم بالقضاة “وهو أمر جديد عليهم من حيث القرار والتعليمات والاوامر، لذلك يتعاملون معه بنظام العقوبات، وهذا النظام قابل للكفالة!”.

“قسماً من القضاة يقومون بغلق الملف لعدم وجود العنصر الجزائي، وهي طامة كبرى. كما ان هناك حالات اخرى تتمثل بطلب القاضي اجراء كشف على المكان بعد عام من بناء الأراضي”، بحسب المتحدث.

قوانين “غير رادعة”

مسؤول اعلام دائرة الزراعة في محافظة كربلاء باهر الغالي يقول: إن “ظاهرة تجريف الأراضي ليست وليدة اللحظة، إنما كانت موجودة في زمن النظام السابق، وكانت تجري في المناطق القريبة من مركز المدينة، بسبب ارتفاع الأسعار وتوسع المدينة”.

ويضيف الغالي في حديثٍ لـ”طريق الشعب”، أن “تجريف الأراضي يعتبر من المخالفات وبحسب القوانين الجارية تتم المحاسبة عليها وفق ذلك”.

ويجد الباهر أن المشكلة تكمن في القوانين، اذ إن أغلبها قديمة وعقوباتها بسيطة لا تتعدى عن حجز ثم الخروج بكفالة لا تتجاوز قيمتها ٢٠٠ ألف دينار عراقي، معتبرا ذلك “اجراء غير رادع لمن يتجاوز على الأراضي الزراعية”.

ويوضح، أن مهام دائرة الزراعة في كربلاء تتمثل بـ “الاستعلام عن حالات تجريف الأراضي؛ اذ يتم اخبار الجهات المعنية بها كمدير الناحية او قائمقامية المحافظة. ومن جهة الدائرة تقوم برفع دعاوى للمحكمة، ويتم اصدار سنوياً عشرات الدعاوي بهذا الصدد”.

وفي ختام حديثه، يؤكد أن “اغلب الأراضي الزراعية التي تم تجريفها أصبحت فنادق واحياء سكنية، وتم إمدادها بالماء والكهرباء من قبل الحكومة المحلية، ما جعلها تصبح واقع حال ومن الصعب ازالتها”.

خلفها جهات

يذكر الناشط حسين البصري من محافظة كربلاء، أن “ظاهرة تجريف البساتين في العراق أمرًا خطيرًا، كونها تهدف إلى القضاء على المساحات الخضراء، وتم في المحافظة تجريف عدد كبير من البساتين وتحويلها إلى مجمعات سكنية. بالرغم من ان ذلك يعتبر مخالفا للقانون، نظرًا لأن هذه البساتين تلعب دورًا في إنتاج المحاصيل الوطنية التي يفترض عدم تجريفها”.

ويؤكد خلال حديثه مع مراسل “طريق الشعب”، أن “بعض الجهات تحاول استغلال هذه البساتين لأغراض استثمارية وبعلم الجهات المعنية، من قبل بعض الجهات غير الحكومية والتي تسعى الى إبقاء العراق بلدا مستورداً عبر تجريف البساتين الزراعية التي كانت تنتج اجود المحاصيل الزراعية”، مشيرا الى ان العراق يتضمن العديد من الأراضي الصحراوية التي يمكن الاستثمار فيها لكن هذه الجهات تحاول إبقاء العراق يستورد من دول الجوار عبر هذه الأساليب”.

“يعاني العراق من مشكلة التصحر، ولذا فإننا بحاجة إلى المزيد من الأراضي الخضراء للتصدي للتدهور البيئي المتزايد، ويشكل موضوع تجريف الأراضي الزراعية تحديًا للاستقلالية الاقتصادية والأمن الغذائي للبلاد”، بحسب ما أضاف صبري.

وزارة الزراعة

وفي السياق ذاته، يذكر المتحدث باسم وزارة الزراعة، محمد الخزاعي، إن “هناك قرارا صدر من مجلس الوزراء يتضمن محاسبة من يقوم بأعمال تجريف الأراضي الزراعية، وحصر الأراضي التي تم التجاوز عليها ومنع أي حالة تجريف سواء لأراض زراعية أو غيرها”. ويؤكد في حديث خص به “طريق الشعب”، انه “لا يوجد تجريف للأراضي الزراعية، وما موجود هو حالات فردية وليس عمليات منظمة، كون الدولة اتخذت قرارا يتضمن إجراءات تنفيذية”.