اخر الاخبار

متابعة ـ طريق الشعب

 

تصدرت حادثة تهديم منارة جامع السراجي في البصرة مواقع التواصل الاجتماعي في العراق بعد إقدام الحكومة المحلية في المحافظة على هدم المسجد الأثري من أجل إكمال توسعة طريق أبي الخصيب الساحلي، أو ما يعرف بالطريق الداخلي للقضاء.

 

محافظ البصرة

وقال محافظ البصرة أسعد العيداني في تصريحات صحفية، إن آليات الإزالة باشرت عملية هدم وإزالة منارة جامع السراجي بعد أن تم الاتفاق على ذلك بين حكومة البصرة ومدير ديوان الوقف السني بعد زيارته الأخيرة للمحافظة مؤخراً”.

وأضاف، أن الحكومة المحلية تكفلت بناء المنارة من جديد وتوسعة الجامع بما يليق باسمه وتاريخه ويتناسب مع الحركة العمرانية التي تشهدها المحافظة.

وأشار العيداني إلى أن عملية الإزالة تمت بالتنسيق مع الوقف السني وسترفع كافة الأنقاض وتتم تسوية الأرض وبناء الجامع من جديد بمواصفات عالية تليق بكافة المصلين وبموافقة الوقف السني، لافتا إلى أن الهدف من الهدم هو لإكمال توسعة الشارع وتلبية مطالب المواطنين في ذلك.

وتناقلت وسائل التواصل الاجتماعي تصريحا للمحافظ يؤكد فيه ان آلية إزالة منارة الجامعة ستتم وفقا لاحدث التقنيات.

 

طريقة هدمه بدائية!

وبعد أن ضجّت مواقع التواصل بالرفض، طالب محافظ البصرة، أسعد العيداني، وزارة التخطيط بتخصيص مبلغ قدره مليار ومائة وسبعة وثمانون مليون دينار لغرض إعادة بناء الجامع الذي تم هدم منارته.

وأعرب عضو مجلس النواب السابق، القاضي وائل عبد اللطيف، عن استغرابه من طلب محافظ البصرة، أسعد العيداني، تخصيص أموال لإنشاء مسجد السراجي الذي تم هدم منارته بحجة توسعة شارع في منطقة ابي الخصيب.

واستغرب عبد اللطيف من هدم الجامع ثم المطالبة بأموال لإعادة بنائه!”، موضحًا أن الجامع يُعتبر معلمًا تراثيًا أصيلًا حيث كان يُعتبر شامخًا لمدة 300 سنة”.

وأضاف عبد اللطيف، أن طريقة هدم الجامع كانت بدائية وغير محترمة، وكان بإمكان حكومة البصرة ومحافظها الذي يعمل مهندسًا أن يجدوا طرقًا أخرى للتعامل مع الجامع، مستنكرًا الطريقة البشعة التي تم بها التعامل مع أحد معالم المنطقة التراثية”.

 

رد قانوني

من جهتها توعدت وزارة الثقافة العراقية بالرد القانوني، بعد هدم منارة جامع السراجي.

وقالت الوزارة عبر بيان: “في الوقت الذي نؤكد فيه حرص دولة العراق حكومةً وشعباً على البناء والرُقي والتقدّم على كافة الأصعدة، إلا أننا نرفض ونمنع ونحول دون المساس بأي بناء يحمل سمةً تراثية أو آثارية، سواء كانت دينية أو مدنية، إذ أنها لا تُعد ملكاً لديوان أوقاف أو وزارة أو هيئة أو محافظة، وإنما ملك التاريخ الحضاري والتراثي للعراق”. 

الوزارة أكدت أنها ستتخذ الإجراءات القانونية لحماية الإرث الحضاري الكبير ضد أي تجاوز إداري أو شخصي يشجّع ويعمل على إلحاق الضرر بشكل مقصود أو عفوي، خصوصاً حادثة هدم منارة جامع السراجي التي وقعت فجر هذا اليوم، رغم تقديم الهيئة العامة للآثار والتراث عدة مقترحات للحفاظ عليها وتجزئتها ونقلها الى داخل باحة المسجد”. 

وطالبت الوزارة الوقفين السني والشيعي بالتدخّل والوقوف بحزم ومعاقبة منتسبيها في حالة السماح لهم بالتجاوز او تزوير الحقائق التاريخية”. 

 

الوقف السني ينفي

نفي الوقف في بيان رسمي صلته بـ إجراءات هدم منارة الجامع بهذه الطريقة، مؤكدًا أنّ الإجراءات خضعت للنقاش في أكثر من اجتماع لمجلس الأوقاف الأعلى منذ حوالي سنة وربما يزيد، بعد تقدمت الجهات المسؤولة في البصرة بأكثر من طلب تؤكد فيه أنّ المنارة موضوعة في عرض الشارع وتعيق حركة المرور تماما”.

وأشار الوقف إلى أنّ الاتفاق نص على تقطيع المنارة وتفكيكها ونقلها إلى بطريقة حفظ الآثار وصيانتها واحترام مكانتها في نفوس أهالي أبي الخصيب، وإعادتها إلى وضعها الطبيعي”.

وأكّد الوقف في الوقت ذاته صيانة الجامع في أكثر من مرة، داعيا على احترام الأوقاف والمساجد ومناراتها، خاصة التاريخية والأثرية منها”.

وعبرت لجنة الاوقاف والعشائر النيابية عن رفضها الشديد المساس بأي أبنية تراثية وآثارية لأنها تمثل وجه العراق وتاريخه الحضاري.

وأوضحت اللجنة في بيانها، أن ما حدث في قضاء أبي الخصيب في محافظة البصرة بشأن منارة جامع السراجي هو تصرف فردي وغير مسؤول.

ونوهت اللجنة إلى أن منارة الجامع تقع ضمن رقعة جغرافية داخلة ضمن إعادة تأهيل، وبعد تواصل اللجنة مع الجهات ذات العلاقة تبين ان الاتفاق الذي ابرم بين ديوان الوقف السني والجهات الحكومية في المحافظة هو تقطيع منارة الجامع وتفكيكها ونقلها بشكل آمن لأنها تقع في عرض الشارع وتعيق حركة المرور وبعد الانتهاء من عملية البناء والتأهيل يتم إعادتها بشكل آمن وطبيعي.

 

جدال واسع

وأضاف البيان، أن لجنة الأوقاف والعشائر النيابية تهيب بدواوين الأوقاف كافة (الشيعي والسني والمسيحي والايزيدي والصابئة المندائية) بالتعامل بحذر وحيطة شديدة في مثل هذه الحالات، إذ ان المساجد والكنائس وكل أماكن العبادة الأخرى وخصوصا الأثرية لا يمكن تجاوزه لما تمثله من أمور عبادية وروحية لأبناء شعبنا وكونها صورة مشرقة لتاريخ بلدنا العظيم”.

وبالعودة إلى مواقع التواصل الاجتماعي، فقد أثار هدم جامع السراجي جدلا واسعا في العراق، وسط مطالبات باتخاذ الإجراءات القانونية لحماية التراث العراقي الديني والتاريخي.

فقالت صفحة بغداد: “جريمة بحق التراث الوطني حيث قامت محافظة البصرة بهدم منارة جامع السراجي التاريخية ثاني أقدم منارة في البصرة وواحدة من أقدم المنارات الأثرية على مستوى العراق بعد ان بقيت قائمة 3 قرون (1727) ‏هذه هي أكبر خسارة يتكبدها التراث العراقي منذ هدم قبة الكعبري سنة 2021 ونسف داعش للمنارة الحدباء سنة 2017”.

ورفض مدونون على مواقع التواصل طريقة إزالة المنارة كونها تعد رمزا تراثيافي المحافظة، مشيرين إلى إمكانية نقلها إلى مكان آخر عن طريق الاستعانة بمختصين بالآثار كما حدث لحالات مماثلة في دول أخرى.

فقال الإعلامي العراقي زيد عبد الوهاب الأعظمي، ديوان الوقف السني مطالب بتوضيح موقفه من هدم منارة جامع السراجي التاريخية ثاني أقدم منارة في البصرة وواحدة من أقدم المنارات الأثرية على مستوى العراق هدم التراث جريمة ارتكبتها محافظة البصرة. هدم الإنسان والتاريخ وتشويهه هو أكثر ما يتقنه سياسيو الصدفة”.

وكان جامع السراجي بُني من الطين عام 1140هـ/ 1727م في مدينة البصرة، ويعد من مساجد العراق التاريخية القديمة، ويتميز بعمارته الأثرية والتراثية.

وتبلغ مساحة الجامع نحو 1900 متر مربع، ويقع في محلة السراجي في قضاء أبي الخصيب، وجُدد بناؤه من قبل متبرعين خلال ثمانينيات القرن العشرين.