اخر الاخبار

على الرغم من تجريم حقبة حزب البعث في العراق بعد العام 2003، والحديث المتكرر من جانب الأطراف السياسية الفاعلة في مرحلة ما بعد التغيير، عن أن النظام السابق كان يقوّض حرية التعبير عن الرأي، إلا أن الحكومات المتعاقبة بعد سقوط نظام الطاغية، بدت متمسكة بالكثير من قواعده القانونية، “كونها تشكّل منافذ لقمع الحريات في الوقت المناسب”، بحسب مراقبين وقانونيين.

قوانين قمعية

يقول القاضي هادي عزيز لـ”طريق الشعب”، ان “الحكومات المتعاقبة بعد سقوط النظام المباد، لم تكن من اولويات عملها تعزيز حقوق الانسان؛ فهناك الكثير من القوانين القمعية للحريات بمختلف اشكالها، شرعت في زمن الدكتاتورية، لكنها ما تزال نافذة ويؤخذ بها، وهي قوانين تتنافى مع مبادئ حقوق الإنسان”.

ويُؤشر القاضي عزيز عدداً من القوانين التي تتنافى مع ما نص عليه الدستور بحرية المعتقد والدين والتعبير وغيرها،  مضيفا أنه لا يزال نافذا “الحكم بالإعدام على كل من يعتنق الديانة البهائية او يؤدي طقوسها، فضلا عن قوانين اخرى تتعلق بحرية التعبير والتظاهر السلمي”.

الخلل في تطبيق القانون

وفي مقابل ما ذهب اليه القاضي هادي عزيز، يقول الخبير القانوني امين الاسدي، ان “العراق يمتلك منظومة قانونية رصينة، ومساندة لحقوق وحريات المواطنين”، مردفا ان “المشكلة تكمن في الآلية المتبعة لتطبيق هذه القوانين وكيفية توظيفها”. وقال الاسدي لـ”طريق الشعب”، يوم امس، “هناك مطالبات بسن قانون العنف الأسري”.

وأضاف أن “الحكومات المتعاقبة بعد سقوط النظام المباد لم تسع الى تطوير امكانياتها لتطبيق القوانين النافذة”، مردفا ان هناك “قوانين متوارثة تتنافى مع مبادئ حقوق الانسان”.

ودعا الاسدي الى اجراء “تعديلات تنسجم مع المتغيرات التي طرأت على المجتمع خاصة المادة 41 المتعلقة بتأديب المرأة”.

وعدّ الخبير القانوني، ما لحق الناشطين والصحفيين من قمع لمجرد التعبير عن آرائهم، يعكس قرارات تعسفية، مشيرا الى عدم وجود “قانون يجرّم حرية التعبير والتظاهر السلمي”.

ازدواجية السلطات

أما المختص القانوني علي التمر، فيرى أنّ “القوانين النافذة في العراق بصورة عامة هي قوانين مرنة، ويتم تطبيقها وفقا للحاجة”. ويقول التمر إن قانون مكافحة الإرهاب “نص على كل من يهدد امن الدولة هو ارهابي. وبالتالي فإن الاستعراضات المسلحة التي شهدتها مؤخرا شوارع العاصمة، تصنف ضمن الارهاب”.

ويملك العراق قوانين رصينة ومساندة لحريات التعبير وضامنة للأمن الوطني، لكن ازدواجية السلطات في تطبيق القوانين، اضعفت من رصانتها وقوتها الرادعة، بحسب رأي التمر.

ويلاحظ التمر ان “السلطات بعد سقوط النظام المباد لم تسع الى تشريع قوانين حقيقية، تنسجم مع مبادئ حقوق الانسان، انما كل ما عملت عليه هو تشريع قوانين لتحقيق مصالح خاصة لا اكثر”.

ويلفت الى ان “السلطات، ورغم مرور 18 عاما على تغيير النظام الدكتاتوري، لا تزال أحكام مجلس قيادة الثورة، نافذة حتى الان”.

ويجد التمر ان “الوضع الاجتماعي في العراق، بحاجة الى خبراء قانونيين مهنيين، يعملون على تشريع القوانين التي تنسجم مع تطورات المجتمع وحاجاته”.

قوانين بانتظار التعديل

من جانبه، يقول الناشط والقانوني محمد السلامي، ان “جميع القوانين النافذة ابان السلطات القمعية قبل عام 2003 تجرم كل من يعمل على انتقاد الحكومة والسلطات، وتصل العقوبات الى حد الاعدام”.

ويضيف السلامي لـ”طريق الشعب”، أن المرحلة الانتقالية شهدت تشريع قانون ادارة الدولة للمرحلة الانتقالية عام 2004، والذي تضمن بنودا تعزز مبادئ الحريات”.

ويتابع السلامي، ان “الخلل يكمن في الاجهزة الامنية القائمة، التي لا ترغب في تطبيق القوانين التي تناصر حرية الانسان”. ويشير السلامي الى ان هناك قوانين بحاجة الى تعديل منها قانون انضباط موظفي الدولة الذي لا يسمح بتقديم المعلومات الا بموافقة المدير او الرئيس، على الرغم من قانون حق الحصول على المعلومات.

عرض مقالات: