اخر الاخبار

منذ تسنّم محمد شياع السوداني منصب رئيس الوزراء، في شهر تشرين الأول عام 2022، أخذ يكرر عبارة بأن “الفساد هو التحدي الأول في العراق”، وأنه محمي من الناحية السياسية، لكنه يوم أمس خرج بخطاب آخر أكد فيه ان آفة الفساد تهدد “جميع برامج الحكومة”، مشددا على أن التماهل في “إدامة التحرك ضد الفاسدين” سيعرقل خطط حكومته. وفي خطابه هذا إشارة إلى مواجهته تعقيدا في محاولة اجتثاث تلك الآفة، التي تنهش بجسد الدولة لقرابة عقدين.

ويعد ملف مكافحة الفساد من الملفات الشائكة في العراق، نتيجة لارتباط كبار الفاسدين بجهات متنفذة تشرف على حمايتهم وتسهل أمر سرقة المال العام والاستيلاء عليه.

ويشدد ناشطون على ان مكافحة الفساد لا يمكن ان تحقق أهدافها من دون توجيه بوصلتها نحو كبار الفاسدين وداعميهم من المتنفذين.

ويوم امس، أكد رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني، ان الفساد يهدد جميع برامج الحكومة، وسيعرقل خططها ما لم تتم إدامة التحرك ضد الفاسدين.

وقال المكتب الإعلامي للسوداني ان “الأخير ترأس اجتماعاً خُصص لمتابعة عملية استرداد المتهمين والمدانين والمطلوبين بقضايا الفساد، واستعادة الأموال التي استولوا عليها، حضره رئيس هيئة النزاهة ورئيس ديوان الرقابة المالية ورئيس الادعاء العام، ورئيس الإشراف القضائي، والمدير العام للدائرة القانونية في وزارة الخارجية، والمدير العام للدائرة القانونية في وزارة العدل، ومدير مديرية الشرطة العربية والدولية الإنتربول، ومستشار رئيس الوزراء لشؤون مكافحة الفساد”.

وأشار السوداني الى ضرورة أن “تبذل الأجهزة المختلفة جهودها، كل من اختصاصه، وأن يستثمر العراق علاقاته الخارجية الدبلوماسية والاقتصادية لخدمة استرداد الأموال العراقية المنهوبة والمطلوبين”، مشيراً إلى، أن” الفساد يهدد جميع برامج الحكومة، وسيعرقل خططها ما لم يتم إدامة التحرك ضد الفاسدين ووسائلهم”.

ووجّه رئيس مجلس الوزراء وفقا للبيان، بأن “يجري إدخال جميع ملفات الاسترداد للمطلوبين الهاربين حيز التنفيذ والمطالبة، وأن تجري عملية متابعة دقيقة لكل ملف”، مؤكداً أنّ “التعقّب الجاد للمتهمين دفع الكثيرين منهم إلى تسليم أنفسهم للعدالة، كما أعد قسم الإنتربول ملفات جاهزة للمطلوبين”.

«جيش مكافحة الفساد»

من جانبه، دعا رئيس هيئة النزاهة حيدر حنون إلى تأليف منظومة “جيش مكافحة الفساد” من الفعاليات الرسميَّة والمجتمعيَّة والاتحادات والنقابات، تكون مهمتها تعضيد ومساندة جهود الأجهزة الرقابيَّة في حربها الضروس على الفساد.

وقال حنون، خلال زيارته برفقة الملاك المتقدم في الهيئة نقابة المحامين، وفق بيان طالعته “طريق الشعب”، إن “الهيئة تحتاج إلى دعم الجميع ومنهم نقابة المحامين في مكافحة الفساد الذي تراكم وتحول من جريمة عاديَّة إلى ظاهرة معقدة ومتشابكة ويحتمي بالدين والقوميَّة والعشائريَّة، حتى أصبح للفاسدين طائفة”.

وشدد على ضرورة “تأليف الهيئة العليا لمكافحة الفساد التي تتكون من رئيس هيئة النزاهة الاتحاديَّة رئيساً وعضويَّة المديرين العامين لدائرتي التحقيقات والاسترداد”، منبهاً إلى أنها “ليست كياناً موازياً، بل هي تشكيل داخل الهيئة التي هي إحدى المؤسسات المستقلة التي نص عليها الدستور في المادة (١٠٢) منه”.

ونوّه بأن “الهيئة العليا تملك بموافقة سيادة رئيس مجلس القضاء الأعلى اختيار قضايا الفساد المهمة من المحافظات ونقلها إلى بغداد”.

«إجراءات يثير الشكوك»

من جهته، علق النائب عن التحالف الكردستاني ماجد شنكالي، على تحركات الحكومة في محاربة الفساد، قائلا إنها “تثير الشكوك”.

وقال شنكالي في تغريدة على منصة “تويتر”، إنّ محاربة الفساد هدف لكل مواطن يريد بناء دولة المؤسسات والمواطنة وسيادة القانون وتأييدها واجب ومبدأ، لكن بشرط ان تكون هذه الحرب غير انتقائية، وتشمل الجميع وتسير في كل الاتجاهات في آن واحد.

وأكد شكالي ان “ما نراه ونلمسه على ارض الواقع من اجراءات يثير الشكوك بانها تسير بشكل انتقائي”.

ضرب كبار الفاسدين

بدوره، أكد الناشط المدني علي البهادلي، ان “مكافحة الفساد في العراق لا يمكن لها ان تحقق أهدافها من دون وضع اليد على كبار المتنفذين المتورطين في نهب أموال الدولة”.

وقال، ان “تحركات هيئة النزاهة الأخيرة تبعث بالامل، لكنها غير كافية لكونها اغفلت عن متابعة كبار الفاسدين من المتنفذين المسيطرين على مقاليد السلطة والثروات”، داعيا الى “ضرب رؤوس الفساد الكبيرة من اجل تسهيل القضاء على صار الفاسدين”.

وأضاف البهادلي، ان “الفساد في العراق ما زال مستمرا والحكومة الحالية تحاول ان تغض بصرها عن ملفات فساد واضحة للعيان”، معتقد ان “محاربة الفساد لا يمكن ان تتم بهذه الطريقة الخجولة”.

وتعتقد العديد من الأوساط السياسية في البلاد، أن أي محاولة من السوداني لمواجهة أباطرة الفساد قد تدخله بمواجهة مفتوحة مع بعض الكتل السياسية، الأمر الذي قد يفقده جزءا كبيرا من الدعم البرلماني اللازم لتنفيذ برنامجه الوزاري، وهو ما تدركه الأحزاب السياسية الداعمة له، بحسب مراقبين.