اخر الاخبار

ضجت مواقع التواصل الاجتماعي خلال الأسبوع الأول من شهر تموز، بمقطع فيديو وثق حدوت كارثة بيئية جديدة في محافظة ميسان، تمثلت بنفوق آلاف الأسماك، نتيجة لشح المياه

وقد جرفت المياه الأسماك النافقة على ضفة نهر دجلة في منطقة المجر الكبير، المعروفة بأهوارها الجميلة وتنوعها الأحيائي، إضافة الى انها كانت مصدر رزق للعديد من صيادي الأسماك، فما مصيرهم بعد هذه الكارثة؟

نفوق الأسماك

الناشط البيئي احمد صالح من محافظة ميسان، الذي وثّق مقطع الفيديو الذي نشر على مواقع التواصل الاجتماعي، قال لـ»طريق الشعب»، إن «الكارثة حدثت في جنوب محافظة ميسان تحديداً في قضاء المجر الكبير بناحية تدعى (الخير)، والتي تمر فيها قناة تسمى جغرافياً بالرابعة. اما محليا فيطلق عليها سكانها قناة (العمشان)».

وتكون الواردات المائية للقناة من نهر العز، وتعتبر أيضا احد مغذيات اهوار الوسطى كالحصين والحمار الذي يتصل بمحافظتي ذي قار والبصرة.

وبالرغم من السبب معروف لكن في ظل استمرار الأزمة فلا بد من تكرار الحديث به والضغط على صناع القرار بشأنه، لذا يبين صالح أن «قلة الإطلاقات المائية تسببت بانخفاض حاد في نسبة الأوكسجين، كما ساهمت بزيادة التراكيز الملحية، وهو ما سبب نفوق ملايين الأسماك في المياه».

يقول صالح، انه رأى «منظرا بشعاً، ومؤلماً»، مضيفا أن «ما حدث يعتبر هدرا للثورة الحيوانية وضياع المعيشة العديد من العوائل التي تعتاش على مهنة الصيد او مربي الحيوانات كالجاموس، إضافة الى اختفاء مهنة المرشد السياحي، وهذا ما يجعل الإنتاج الوطني يشهد انحسارا تدريجيا».  ويردف كلامه قائلاً، إن «القناة كانت تصدر في اليوم الواحد ما يقارب 15 طنا من الأسماك، وتوزع على محافظات الجنوب، كما تشتهر المنطقة بإنتاج أجود أنواع الحليب ومشتقاته».

ويبين أن «قلة الإطلاقات حولت مياه القناة من جارية إلى راكدة، الامر الذي أفرز مشاكل أخرى كالعفن وانتشار الأمراض».

ويشير صالح الى أن «وزارة الموارد المائية الحالية ورثت خزينا استراتيجيا متهالكا، ما يجعل الحكومة تلجأ الى مجاملة أبناء الأهوار بمنجهم إطلاقات مائية بسيطة».

«الحكومة الحالية لا تملك وفرة مائية، لذا نطالب بإطلاقات مائية، على اقل تقدير لتبقى الحياة في الأهوار وبحالة إنعاش»، يختتم صالح حديثه.

فقدان المورد الاقتصادي

يسكن حسن الأزيرجاوي بالقرب من الأهوار، ويعتاش على مهنة الصيد منذ سنوات، ولا يعتبرها مجرد مهنة يزاولها لكسب قوت يومه، انما هواية يمارسها بحب وشغف.

يتحدث حسن بحشرجة لمراسل «طريق الشعب» وهو يصف واقع اهوار محافظة ميسان، التي تعود ان يقضي ساعات طويلة بقاربه وسط مياهها، وهو مستمع بصيد أطيب أنواع الأسماك. يقول حسن إن «ما حدث من نفوق للحيوانات، كارثة لا يجب السكوت عنها، حيث المشهد عن قرب يختلف عما ينقل في مواقع التواصل الاجتماعي».

ويؤكد حسن إن «الأهوار جفت تماماً الان والوضع لا يبشر بخير، ليس فقط لصيادي الأسماك او سكان المنطقة انما هذا الجفاف سيكون له تداعيات كثيرة على البلاد بالعموم».

وطالب حسن بإيجاد حلول سريعة وانية، لأنه والسكان المحيطين به مجرد عوائل فقيرة، صاروا لا يملكون موردا اقتصاديا للعيش، وهذا بحد ذاته سيولد مشكلة اجتماعية، وفقا لحسن.

الأسباب ذاتها

وتواصلت «طريق الشعب»، مع وزارة الموارد المائية، لأجل التأكد من أسباب هذه الكارثة، ولبيان ما اذا كانت هناك حلول وإجراءات ستتخذ بهذا الشأن.

وبهذا الشأن يؤكد مدير عام الهيئة العامة للمشاريع والاستصلاح، المتحدث باسم وزارة الموارد المائية خالد شمال، إن السبب الرئيسي لنفوق الحيوانات في ناحية «الخير» يعود لتدني الإيرادات المائية للعراق، ومنها الإطلاقات المتجهة نحو الأهوار.

ويجد شمال أن «الأمر يرتقي لمستوى الكارثة، بقياس كمية الإيرادات المتحققة للعراق عن طريق نهري دجلة والفرات والخزين الاستراتيجي».

وبالحديث عن الإجراءات التي تتخذها الوزارة، يوضح شمال إنه «منذ انطلاق الحكومة الحالية، بدأنا حملة شاملة لإزالة التجاوزات وتطبيق نظام المراشنة، الذي يضمن وصول حصص مائية إلى مناطق الأهوار».

ويوضح أن وزارته وضمن خطتها «وضعت الأهوار في المرتبة الرابعة من الأوليات، إذا في المرتبة الأولى تكمن الأولية لمياه الشرب تليها الاستخدامات المنزلية والصحية والصناعية، ثم تأمين مياه السقي للزراعة، اما في المرتبة الخامسة فتسعى لتحسين بيئة شط العرب».

تركيا تلمح

وتعد الأهوار نظاما بيئيا مهما في جوانب عدة، حيث ترتبط بهوية وتاريخ وحضارة العراق، كما تعتبر نظاماً اقتصادياً، بيئياً واجتماعياً مهماً، بحسب وصف شمال.

ويشير الى ان الوزارة «اتخذت إجراءات فاعلة لتعزيز مياه نهري دجلة والفرات، عن طريق ضخها في نهر الفرات من بحيرة الحبانية؛ اذ بدأنا بـ ٧٠٠ متر مكعب بالثانية، إلى أن وصلنا إلى ٨٠٠ متر مكعب».

وفي ختام الحديث يشير إلى وجود «إشارات إيجابية تصدر من الجانب التركي، وتخص زيادة الإطلاقات المائية للعراق»، مضيفا أن «الوزارة تنتظر تعزيز تلك الإشارات بممارسات وإجراءات حقيقية».