اخر الاخبار

احتضنت قاعة منتدى بيتنا الثقافي، أمس السبت، جلسة خطابية وفنية، نظمها الحزب الشيوعي العراقي لاستذكار الفنان الكبير الرفيق جعفر حسن. وشهدت الجلسة التي حضرها العشرات من الرفيقات والرفاق والاصدقاء، كلمات وفقرات فنية استذكرت مواقف واغنيات الرفيق، ومحطات من حياته، ونضاله من اجل حياة كريمة ومستقبل افضل للعراق وكل أمم العالم.

 

استذكار يليق به

بدأت الجلسة بالوقوف دقيقة صمت وحداد، تخليدا لمسيرة الفنان الابداعية، فيما افتتح عريف الجلسة الرفيق محمود سعدون عضو اللجنة المركزية للحزب، الحفلَ بكلمات عن الرفيق الراحل، قبل أن يدعو عضو مكتب السياسي للحزب الشيوعي العراقي، الرفيق حسين النجار إلى القاء كلمة الحزب بهذه المناسبة، اعقبتها كلمة عائلة الرفيق الراحل، والتي القتها ابنته بدراء جعفر حسن. (الكلمتان منشورتان في هذه الصفحة).

وتواصلت الكلمات والشهادات بحق الرفيق جعفر حسن، حيث قدم الفنان الكبير ميمون الخالدي شهادته، وتحدث عن فاعلية الفنان الراحل في المسرح العراقي والتجربة الكبيرة التي حصلت عام 1975 مع فرقة المسرح الشعبي عندما قدموا مسرحية “بهلوان آخر زمان” ومحاكاتها قضيتين بارزتين تتمثلان بمناقشة العالم الرأسمالي والانتقال الى الاشتراكية التي يطمح الحالمون الى تحقيقها من اجل الحياة الكريمة والسعيدة، مؤكدا أن جعفر حسن كان يلقب بمطرب الحالمين لأنه يسعى الى عالم خال من الاستغلال، تكون فيه الانسانية قبل كل شيء. وأوضح الخالدي، ان المسرحية تضمنت فرقة انشاد ترأسها جعفر حسن؛ حيث قدّم أغنية رائعة للعمال كانت اضافة نوعية وجمالية وفكرية للمسرحية آنذاك، ما جعلها تستمر بالعرض لشهر كامل، واستقطبت اعدادا كبيرة من الجمهور.

عزف غنائي وشهادة حية

بعد ذلك، قدّم الفنان ستار الناصر فقرة عزف غنائي منفردة، ادى خلالها اغنيتان جميلتان للفنان جعفر حسن وهما (كلما اتمعن برسمك ويا شارع الحب والهنا)، ثم جاءت بعده كلمة للرفيق (جاسم الظاهري ابو زهرة) تحدث خلالها عن اشراف الرفيق جعفر حسن والشاعر الكبير الفريد سمعان على الفرقة الفنية المركزية التي شكّلها الحزب، بعد الاحتفال بذكرى تأسيسه الثانية والأربعين، والتي تأسست عام 1976 في مسرح الـ 60 كرسي بشارع السعدون.

وتناول ابو زهرة المصاعب التي واجهت الفرقة بسبب المضايقات من اجل التهيئة لحفل ذكرى تأسيس الحزب الثانية والأربعين.

أما في اليمن، فترك الفنان اثرا كبيرا على اليمنيين وكان يعتبر ملحقا ثقافيا لتلك البلاد وبيته هناك اصبح مقصدا لكل المثقفين والادباء والفنانين الذين يزورون اليمن. يمكن القول باختصار أن جعفر حسن كان عبارة عن بيان سياسي يظهر بوضوح في الاغنيات التي تستقطب الشباب.

 

العودة من المنفى والتمسك بالحلم

من جانبه، تحدث الفنان والموسيقي جمال السماوي عن محطات فنية من حياة الراحل جعفر حسن. وشدد السماوي على أن جعفر حسن كان من أفضل عازفي العود في تلك الفترة وهو الملحن الوحيد الذي يكتب النوتة الموسيقية، والى الان لا يوجد افضل منه. وبيّن ان الفنان عاد بعد عام 2003 واستقبله شعب كردستان بقلب محب، وكان يريد العودة الى بغداد بشرط أن يغني أولا في ساحة التحرير، وبالفعل تحققت أمنيته وقام بذلك خلال احتجاجات تموز 2015.

وتوالت الفقرات الفنية لاحقا حيث قدم المطرب حمزة جعفر والعازف علي خيون اغنيتين من اغاني جعفر حسن المعروفة، فيما قدم بعدهما رئيس قسم الفنون المويسقية في معهد الفنون الجميلة الفنان طلال علي أغاني جميلة اخرى قوبلت بالتصفيق الحار والتفاعل كبقية الاغنيات.

من جانبه، قدم الفنان قاسم اسماعيل شهادته بحق الراحل جعفر حسن تضمنت مواقف بارزة جمعتهما على الصعيد الفني وفي ختام الجلسة، قدّم الرفيق رائد فهمي سكرتير اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي، لوحا تكريميا لعائلة الفنان الكبير جعفر حسن، تسلمته ابنته وسط اجواء من التصفيق وكلمات الحب والامتنان.

 

 

كلمة الحزب الشيوعي العراقي

 

الحضور الكريم.. صباح الخير

نلتقي اليوم لنُحيي معا ذكرى فقيدنا الكبير، المناضل والفنان المبدع جعفر حسن. نُحيي ذكرى الفنان الذي انحاز مبكرا لنصرة الشعب وكادحيه وفقرائه، ودفاعه عن همومهم وتطلعاتهم.

جعفر حسن رحل عنا جسدا، لكنه باق معنا، تردد الجماهير التي غنى وانشد لها، أغنياته بكلماتها المعبرة، ذات البعد النضالي والإنساني، والتطلع الى حياة سعيدة ومستقبل افضل، لشعبنا ولعموم شعوب العالم.

في عام ثورة تموز المجيدة 1958 ومن مدينة خانقين كانت الانطلاقة الفنية للفنان المبدع جعفر حسن، ولتتواصل مساهماته المتنوعة عقودا بعد عقود، حاملا فكرا نيرا وحالما بوطن بلا فاشية وبلا حروب وسجان ومعتقلات.

جعفر حسن فنان أممي متعدد المواهب، أتقن العزف على آلات موسيقية عدة إلى جانب امتلاكه صوتا شجيا قويا، ساعده على أداء مميز في الموشحات والاغنيات الثورية والشبابية، وبلهجات ولغات عدة، كما لحن العديد من الأغنيات للفنانين الشباب وألف قطعاً موسيقية ولحن أيضا مسرحيات غنائية ومسلسلات اذاعية وتلفزيونية لتلفزيوني عدن وصنعاء.

وهو أول مطرب عراقي يلحن ويغني للأطفال في إذاعة وتلفزيون بغداد، وكان ذلك في العام 1965، وكانت حياته، أينما حل حافلة بالنشاطات الفنية كالتلحين والغناء وكتابة الموسيقى، وتأسيس وقيادة الفرق الكورالية والموسيقية. وتشهد لفنه المهرجانات التي شارك فيها في إيران والجزائر وبيروت وبرلين وباريس وبراغ وعدن ودبي.

كان فناننا الكبير يريد أداء غنائيا جديدا، يقوم بالأساس على الجماعية، على إشراك الجماهير.. فوضع لنفسه هدفا بأن يوجه أغنياته الى أبسط الناس وعامتهم.

 وكان لا يريد الغناء للنخبة، بل يسعى إلى أن يضع فنا شعبيا، يرفع من ثقافة وذائقة الجماهير ويأخذ بيدهم. وهكذا كانت اغنياته الخالدة: “عمي يا أبو الجاكوج” و”يا أبو علي” و”لا تسألني عن عنواني” وكثير غيرها والتي ما زال الجمهور يردد جملها الموسيقية السهلة ولصدق كلماتها وأدائها بذائقة فنية فريدة.

 انه جعفر حسن المناضل والطامح والداعي إلى حياة في مجتمع عادل وإنساني لا ظلم فيه، والباحث دوما عن فن يتغنى بالإنسان، ويبشر بالمستقبل، بالغد السعيد، والمناضل العنيد رغم الظلم والتهميش والعسف والمضايقات والاعتقالات.

 

جعفر حسن، الرفيق والمناضل

أنت باق في قلوب رفاقك ومحبيك واصدقائك، وعشاق فنك في عدن وصنعاء ودبي وبيروت ومدن العراق الذي تغنيت به، بسهوله واهواره وجباله، ببغداد واربيل وغيرهما.

سنظل نذكرك على الدوام، موقفا وفكرا وانحيازا وفنا.

 

 

كلمة عائلة الفنان الكبير جعفر حسن

 

بدأت مسيرة جعفر حسن الفنية والسياسية منذ سنين عمره الأولى

ولد الحس الفني معه، مزروع في جيناته عزف الناي بعمر الخمس سنين.

آمن بالفكر الحر وهو في سن الرابع عشر، وكرس حياته منذ حينها لهذا الفكر العظيم، وكرس فنه لنشره بين الشباب.

فهو من طور الأغنية السياسية من لحن المارش واللحن الحزين الى الإيقاع الجميل، وهو أول من استخدم اسلوب السهل الممتنع في الحانه، ونشر هذا الأسلوب عبر كل مساهماته في المهرجانات العالمية، لذا هو يعتبر بحق رائد الأغنية السياسية عالميا.

جعفر حسن استخدم الأغنية وسيلة للتعبير عن أفراح الشعب بانتصاراته، وغنّى للكادحين فأكسب أغانيه نكهة خاصة وشخصية مميزة.

سنة 1974 وفي عيد تأسيس الحزب الذكرى الأربعين كان جعفر حسن يجوب شارع بغداد وأنديتها ليغني لا تسألني عن عنواني وعمي يا بو جاكوج ويا ابو علي ما حفز الآلاف الشباب المؤمنة بالفكر الحر على الانتماء وطلب عضوية الحزب ومنهم من افتدى بروحه مؤمنا بأن جعفر حسن يغني اللي يمشي بدربنا شيشوف.

كل هذا لم يمر على الطاغية وحكومته دون ان يسكتوا هذا الصوت واستشعارهم بخطورة ما يقدمه جعفر حسن، لذا صدر أمر فصله من وزارة التربية والتعليم واشتغل بالصحافة مونتير لإعالة عائلته، واستمر في نضاله الفني بتلحين وغناء الأغاني السياسية وإصدار الكاسيتات ليعلو صوته ويدخل بكل بيت ولم تقف حكومة الطاغية عند فصله وحسب، بل أصبح امتلاك كاسيت جعفر حسن سببا للاعتقال والمحاسبة.

ساهم مساهمة كبيرة في تأسيس فرقة الرواد التي ساهمت مساهمة فعالة ونشطة في توسيع نطاق النضال الثوري، وذلك بإقامة المهرجانات والاحتفالات على عموم العراق. ومع فرقة الرواد أصدر ألبومه الأول لنغني مع. الى ان تم ضرب الجبهة الوطنية سنة 1979 وكان جعفر من ضمن مئات المناضلين الذين صدر بحقهم حكم الإعدام، وتمكن من الهرب الى اليمن الديمقراطية ومدينة عدن الجميلة التي أحبها ولم يبخل عليها بعطائه الفني.

الشعب اليمني أحبوه بقدر حبه لهم، وترك أثرا في نفوسهم عميق، باقي حتى اليوم. وقد غنى لليمن: شامه على خد الزمن، يسعد صباحك يايمن، اليمن نعشقها.

في اليمن يُذكر في كل ذكرى وطنية، وتُغنى الحانه بكل احتفال، وتبث عبر وسائل الإعلام.

ولم تكن الحانه وأغانيه هي مصدر إعجابهم به فقط بل مجمل أخلاقه الراقية. الأخلاق الشيوعية الحقة، لطفه، وروحه المرحة، عطفه وحنانه لكل محبيه، تعاونه وتفانيه مع كل من يلجأ له لطلب العون، كرمه العراقي الأصيل.

جعفر حسن كان ينتقي كلمات أغانيه التي تمجد الشعوب وفئاتهم. كان يرفض اي نص يمجد ويمدح رئيس دولة، لذا أطلق عليه رفاقه في الحزب الشيوعي العراقي فنان الشعب.

رحل فنان الشعب جسدا، ولكن روحه باقية معانا.

ونحن هنا نقف إجلالا لروحه النقية، وليبقى إرثه خالدا لأجيال، بحفاظنا عليه ونشره باستمرار كانت أمنية جعفر أن يحيا العالم بوطن حر وشعب سعيد.

وتحية حب لكل الحضور، ولكل المعجبين بفنه، ولكل أصدقائه الأوفياء. وتسلم جهود المساهمين في تنظيم هذا اليوم الجميل