اخر الاخبار

قلق العالم

من تدهور البيئة العراقية

ألقت وسائل إعلامية عديدة في الأونة الأخيرة، الضوء على ما تعانيه البيئة العراقية من مشاكل خطيرة بسبب عوامل ذاتية وأخرى موضوعية، مشددّة على ضعف الإجراءات التي تُتخذ لحل هذه المشاكل أو التقليل من تأثيرها إضافة الى غياب سياسات بيئية مناسبة.

شركات النفط: الأرباح أولاً

ففي صحيفة الغاريان البريطانية، كتبت سارة مانيسيرا ودانييلا الخوري مقالاً حول تفاقم مشكلة التلوث الناجم عن حرق الغاز الطبيعي المصاحب للنفط المستخرج، وأزمة المياه في الجنوب الذي يضربه الجفاف، وما تشكله القضيتان من مصدر قلق كبير على مصير سكان العراق وطبيعته.  والقى المقال اللوم على شركات النفط الغربية، التي تسبب نشاطاتها المتسارعة نقصاً في المياه وتلوثاً في مناطق الإنتاج ونزوحاً متواصلاً للسكان وغياباً متنامياً للإستقرار، وهو ما دفع بخبراء الامم المتحدة، الى إعتبار العراق، خامس دولة معرضة لأزمة المناخ.

جفاف البصرة

ونقلت الكاتبتان عدداً من الصور عن الجفاف الذي تعاني منه أهوار البصرة وحقولها بسبب إستهلاك لشركات النفطية مثل موتير الإيطالية وأيني متعددة الجنسيات (والتي تستهلك 3 براميل من مياه الزبير لأستخراج برميل واحد من النفط)، وكذلك شركتي بيترش بتروليوم وأوكسون موبيل، اللتين تستهلكان 25 في المائة من المياه المخصصة لخمسة ملايين نسمة، موضحتين بأن هذا الإستهلاك قد أدى لتقليل الفيضانات الموسمية الضرورية لمعيشة الأهوار وأحيائها وسكانها.  ورغم أن شركة أيني قد نفت في بيان لها إستخدام مياه عذبة في نشاطاتها، فقد أكدت الغارديان على ماكشفته صور الأقمار الصناعية، من أن قنوات المياه التي تتغذي من كرمة علي تندمج على بعد بضعة كيلومترات مع القناة التي تغذي اعمال الشركة.

غياب السياسات النافعة

وأشار المقال الى إنه ورغم التحذيرات، كتعرض 118000 شخص لمشاكل صحية العام 2018، وكدعوة الخبراء لقيام شركات النفط في العراق، بإيجاد بدائل للمياه العذبة التي تستهلكها، على غرار ما هو متبع في الجارة السعودية، فإن الحلول لما تزل بعيدة، لاسيما مع التلكؤ الذي شهده تنفيذ مشروع لتزويد الشركات بمياه البحر المحلاة، وذلك بسبب قلة موارد وزارة النفط ورفض الشركات المساهمة في تغطية نفقات هذا المشروع.

إنتاج أعلى وأرباح أوفر

وذكر المقال بأن مضاعفة العراق لإنتاجه من النفط خلال العقد الماضي وإرتفاع صادراته النفطية الى أوربا بنسبة 40 في المائة، حقق أرباحاً غير مسبوقة لشركات النفط والغاز في العام الماضي، حيث ضاعفت شركة إيني نتائجها محققة 17.9 مليار جنيه إسترليني في العام 2021 ، فيما سجلت شركات BP و Exxon و TotalEnergies أكثر سنواتها ربحية في التاريخ الحديث، رغم عدم تحقيق العراق لنمو ممائل حسب تقرير البنك الدولي!

لا يدفعون الغرامات

وكشفت الغارديان عن وثائق رسمية لوكالة البيئة، تشير الى أن الشركات ترفض الحد من التأثيرات السلبية لنشاطاتها ولا تدفع الغرامات التي تُفرض عليها بسبب ذلك، مشيرة الى رفض شركة أيني دفع أية غرامة، رغم إعترافها بالمسؤولية عن حرق أكثر من نصف الغاز المحترق في العراق، والبالغ 2.5 مليار متر مكعب في الزبير فقط. كما سبق لشركة BP عدم الإعتراف بالمسؤولية عن الغرامات المدرجة في الوثائق.

تهديد للأمن الغذائي

من جانبه حذر المركز العربي في واشنطن للبحوث والدراسات الامريكية، من المخاطر الجدية التي تواجه الأمن الغذائي العراقي بسبب متغيرات مناخه وسياسات مائية، وخاصة فشله في الحصول على حصته المشروعة من مياه دجلة والفرات.  وأعاد تقرير المركز التأكيد على قيام تركيا بتقليل حصة العراق المائية بما يقارب 80 في المائة خلال الأربعين عاما الماضية، دون أن تتخذ السلطات العراقية المتعاقبة أي إجراءات فعلية لمنع تركيا من السيطرة على مياه العراق.