اخر الاخبار

يشكّل موضوع إقرار الموازنة العامة اختبارا حقيقيا لتماسك ائتلاف إدارة الدولة، وتعاطي أطرافه بشكل إيجابي في ما بينها، على الأقل في القضايا التي اتفق عليها وقت تشكيل الحكومة.

لكن الائتلاف فشل في أول مهمة جدية أمامه من خلال عدم قدرته على تمرير قانون الموازنة، التي تتعقد مفاوضات الكتل السياسية حولها، يوما بعد اخر.

إقرار مؤجل

وبرغم الحديث المستمر والتأكيدات الأسبوعية لنائب رئيس البرلمان محسن المندلاوي بشأن التصويت على مشروع القانون، والتي كان آخرها امس الاثنين حيث اكد تمرير الموازنة هذا الأسبوع، قبل أن يأتي الرد على لسان أعضاء اللجنة المالية الذين استبعدوا اقرارها الأسبوع الحالي. وكشف عضو اللجنة محمد نوري، عن “عدم وجود بوادر اتفاق سياسي او تسوية بين الكتل السياسية، في الوقت الذي تم فيه تعليق عمل اللجنة المالية، واصبح امر الموازنة في يد زعماء الكتل السياسية”.

اما عضو اللجنة القانونية النيابية عارف الحمامي، فأكد وجود مساع لتمديد الفصل التشريعي النيابي الحالي، من اجل اتاحة الفرصة لمزيد من المباحثات حول اقرار قانون الموازنة.

ويأتي الحديث عن إطالة عمر الفصل التشريعي لينفي كل الاقاويل عن إمكانية إقرار القانون دون توافق سياسي مثلما تحاول الكتل المنضوية في الاطار التنسيقي الترويج له.

اخر التطورات

وفي اخر تطور للموضوع، اكد النائب عن تحالف “قوى الدولة” علي البنداوي، في بيان إن “مسودة مشروع قانون الموازنة وصلت إلى ائتلاف (قوى الدولة)، لتتم دراستها وبحث النقاط العالقة مع إقليم كردستان”.

وأضاف: “لم نبلغ حتى الآن بموعد عرض الموازنة على مجلس النواب، إذ أن الخلاف الجوهري الذي يظهر مع كل موازنة يكون مع الإقليم، وسيتم الانتهاء من ملف الموازنة خلال الاسبوع الحالي او المقبل كأبعد تقدير”.

واكد مصدر مطلع ان “الجعجعة الإعلامية والتحرك لجمع التواقيع هنا وهناك، ما هي الا استهلاك إعلامي”، موضحا ان “الموازنة لا يمكن تمريرها من دون التوافق بشكل كامل بين اطراف تحالف إدارة الدولة”.

وأشار الى ان “كل الأطراف المتصارعة الان تريد إقرار الموازنة، لانها في موقف صعب امام الشارع الذي يغلي، وتحركات الصدريين التي بدأت بالظهور للعيان شيئا فشيئا”.

فقدان الفاعلية

ومع ذلك يبدو أن الامال المعقودة على إقرار القانون لن تؤتي ثمارها، على الأقل في مجال التنمية بحسب تأكيد الدكتور مظهر محمد صالح، مستشار رئيس الوزراء للشؤون المالية.

يقول صالح ان “المشكلة تكمن في الموازنة الاستثمارية التي ستبني مشاريعها على 6 اشهر فقط في حال اقرار الموازنة الان”، موضحا ان “عدم كفاءة الانفاق المالي في الموازنة الاستثمارية سيعطل عملية التنمية الاقتصادية، ويدور الاموال للسنة القادمة”.

ويضيف ان “ضعف الانفاق سوف يسهم في سد العجز التخميني في الموازنة”، متوقعا ان “الانفاق المالي في الموازنة سيصل في احسن الاحوال الى 85 في المائة”، مبينا ان “هذه العملية ستحقق وفرة مالية سلبية على حساب عملية التنمية الاقتصادية الحقيقية”.

ويبيّن المستشار ان “عجز مجلس النواب عن تشريع قانون الموازنة العامة لسنة 2023، يؤثر بشكل مباشر على عملية التنمية ويخلق حالة سلبية تعطل عملية الانفاق المالي السليم على المشاريع الاستثمارية”، مشيرا الى ان “الالتزامات المالية في الموازنة التشغيلية يمكن اعتبارها ديون مؤجلة واجبة الدفع على الحكومة عند اقرار الموازنة”.

تشاؤم كبير

ويتفق الخبير الاقتصادي نبيل المرسومي مع الحديث عن عدم فاعلية الموازنة في معالجة الوضع الاقتصادي للعراق من خلال تأكيده على ان “الموازنة فقدت جزءا من فاعليتها نتيجة تعطل اقرارها ومرور النصف الأول من العام”، مشيرا الى ان “تعمق الخلافات مع اقليم كردستان بشأن عدة ملفات سيعطل التصويت على القانون”.

وتوقع المرسومي “عدم قدرة القوى السياسية على تمرير قانون الموازنة العامة خلال العام الحالي، مما سيبقى العراق دون موازنة للعام الثاني على التوالي”.

وكان كل من الحزب الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الإسلامي الكردستاني، قد انسحبا من اجتماعات اللجنة المالية الخميس الماضي احتجاجاً على تعديل طرأ على المادتين 13 و14 من قانون الموازنة، بما عدّه الحزب الديمقراطي الكردستاني “انقلاباً على الاتفاقيات السياسية التي أفضت إلى تشكيل تحالف “إدارة الدولة” وتشكيل الحكومة الحالية التي يتزعمها محمد شياع السوداني”.