اخر الاخبار

يحتفل العالم منذ العام 1993، في 22 من اذار، كيوم عالمي للمياه. ويرتكز الاحتفال على اهمية المياه العذبة, ويُراد من الاحتفال التذكير بتعذر حصول ما يزيد ملياري انسان على المياه الصالحة للشرب. ويواجه العراق تحديا حقيقيا في موضوعة الحصول على حصته المائية من نهري دجلة والفرات، بسبب انشاء دول المنبع، عددا من السدود وخاصة على نهر دجلة, ما يهدد بجفاف مساحات واسعة من البلاد، وفرض تغييرات ديموغرافية على الحياة، في حال انحسر امدادات مياه الانهر الداخلة للعراق. وتتعرض الحكومات المتعاقبة لانتقادات لاذعة، بسبب انحسار امدادات المياه من دول المصب النهري، وعدم توصلها الى اتفاقات مع هذه الدول التي يؤكد مراقبون انها ترفض التوقيع على اتفاقيات لتحديد الحصص المائية مع استمرارها في انشاء  سدود اخرى.

مؤتمر للمياه في بغداد

وفي ظل سعي الحكومة الحالية لمعالجة الموضوع, عقدت مؤتمرا دوليا للمياه، الاول من نوعه في بغداد، حيث بدأ أعماله يومي السبت والاحد الماضيين. وبمشاركة وزير الموارد المائية مهدي رشيد ومبعوث الرئاسة التركية إلى العراق فيصل أر أوغلو عبر اتصال مرئي، بالإضافة إلى ممثلين عن سوريا والأردن وهولندا, مع تخلف ايران عن المشاركة.

اصعب المراحل

وفي حديثها خلال الجلسة الافتتاحية للمؤتمر السبت الماضي، أكّدت نائبة الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في العراق، المنسقة المقيمة ومنسقة الشؤون الإنسانية إيرينا فوياشكوفا-سوليورانو، أن المياه ليست مصدرَ عيشٍ مهم للعراق فحسب، ولكنها أيضاً محركٌ مهمٌّ للسلام والتنمية المستدامة والازدهار في المستقبل.

واضافت عبر الاتصال المرئي “هذا المؤتمر الدولي مهمٌّ للعراق وللمنطقة. ينبغي تقاسم المياه على جميع المستويات: عالمياً، وإقليميا، وبين الدول، وبين الرجال والنساء على مستوى المجتمع. ويجب أن تكون مصدراً للتعاون وليس للصراع”.

اجتماعات مكثفة لضمان الحصة المائية

وعقب المؤتمر، أعلن وزير الموارد المائية، مهدي رشيد، أن “البرلمان التركي وافق على مذكرة التفاهم التي تلزم تركيا بإطلاق الحصة المائية العادلة للعراق”, مشيرا الى ان “المبعوث التركي الخاص أكد أن هناك اتفاقيات في الأفق ومذكرات تفاهم ستكون في القريب العاجل، بعدما وافق البرلمان التركي على مذكرة التفاهم التي تلزم الحكومة التركية بإطلاق الحصة المائية العادلة والمنصفة للعراق”.

وأضاف، أن “هذا الموضوع أعقبه بروتوكول عراقي تنفيذي قدمته الحكومة العراقية، وحققنا أكثر من 5 الى 6 اجتماعات مع الجانب التركي في هذه الفترة، وهذا ما لم يحصل منذ سنين”.

عدم استخدامها بالشكل الامثل 

من جانبه, أكد السفير التركي لدى بغداد فاتح يلدز على هامش المؤتمر, أن مذكرة التفاهم المبرمة بين بلاده والعراق بشأن المياه، ستدخل حيز التنفيذ قريبا.

وقال يلدز, ان “تركيا تنظر بإيجابية للتعاون مع العراق بخصوص المياه, وقدمت عام 2019 خطة عمل بشأن مشكلة المياه إلى الجانب العراقي حينها، تضمنت خططا ومشاريع في مناطق محددة حسب حاجتها إلى المياه”.

وأضاف “التباين في وجهات النظر بين أنقرة وبغداد في موضوع المياه، ينبع من نظرة العراق إلى القضية على أنها مشكلة تقاسم للمياه”.

وبيّن السفير ان “للمشكلة خطوطا أبعد من حصص المياه، وتكمن في عدم استخدام العراق للمياه بالشكل الأمثل”, مضيفا ان “القحط عام 2018، والسيول عام 2019، أظهرا أن العراق لا يستغل موارده المائية بشكل صحيح”.

وفي مقابل ذلك، أكد يلدز استعداد أنقرة لتقاسم خبراتها مع بغداد، سواء من الناحية التقنية أو من حيث الموارد البشرية.

ووقع العراق وتركيا عام 2014 مذكرة تفاهم في مجال المياه تتضمن 12 مادة، أبرزها التأكيد على أهمية التعاون في مجال إدارة الموارد المائية لنهري دجلة والفرات، وتحديد الحصة المائية لكل دولة في مياه النهرين، والتأكيد على أهمية تقييم الموارد المائية.

“خارطة عمل مشتركة”

من جهته, قال المستشار في وزارة الموارد المائية عوني ذياب لـ”طريق الشعب”, ان “العراق يؤكد ضرورة الوصول الى اتفاقية مع الجانب التركي, تحدد الحصص المائية المعقولة والمنصفة للعراق من النهرين”, مبينا ان “مذكرة التفاهم هي خارطة الطريق من اجل الوصول الى اتفاقية مع الجانب التركي, وحصلنا على تأييد من الجانب التركي على التزامهم بالوصول الى الهدف”.

واضاف ان “تنفيذ مذكرة التفاهم بين البلدين هي نقلة نوعية للأمام في اتجاه حصول العراق على حصته من المياه”, مشيرا الى “وجود اجراءات واعمال بين البلدين يجب تنفيذها قبل الشروع بتطبيقها”. واكد ان “في حال مصادقة البرلمان التركي على مذكرة التفاهم فانها ستوفر خارطة عمل مشترك بين البلدين من اجل حل المشاكل العالقة”.

رد على السفير

وبيّن ذياب ان “الحديث عن سوء ادارة المياه الذي تردده تركيا وبعض المسؤولين والنواب في العراق هي طروحات غير علمية ولو كانت هناك مياه تذهب الى الخليج لما وصلت مياه الخليج الى شط العرب ودمرت بيئته”.

وتابع المتحدث ان “لم نتمكن من انجاز الاعمال الضرورية مثل اصلاح منظومة المشاريع الاروائية وزيادة كفاءة منظومة الري بسبب نقص الاموال والحروب”, مؤكدا ان “المبالغ المالية المخصصة للوزارة قليلة جدا وهي ما عرقلت انجاز ما هو مطلوب، بالاضافة الى عامل الوقت والظروف المحيطة بالبلاد”.

ونوه ذياب, الى ان “العراق سبق دول المنطقة في استخدام التقنيات الحديثة والاساليب المتطورة مثل الري بالتنقيط والري المغلق وإدارة المشاريع عن بعد في سبعينيات القرن الماضي, لكن بدل الذهاب الى البناء وتنفيذ المشاريع العملاقة، ذهبنا الى الحرب, ومنذ ذلك الحين، ونحن في حالة حرب”.

واختتم المتحدث حديثه بالقول “ندرك ما هو مطلوب من الوزارة لكن ظروف البلاد قاسية وصعبة وعلى المتفرجين من الخارج معرفة ذلك واطلاق حصتنا المائية”, مؤكدا ان “المياه الواصلة للعراق اقل من احتياجاته بكثير”.

تركيا تنتهك الاعراف والقوانين

الى ذلك, قال عضو فريق حماة دجلة سلمان خير الله لـ”طريق الشعب”, بان “الانهار المشتركة يجب ان تخضع للاعراف الدولية، وان يجري تقاسمها وفق نسب السكان القاطنين عند مجراها والاستخدام الامثل لمواردها”, مبينا انه “نتيجة لتوسع نفوذ تركيا في المنطقة خلال السنوات الماضية, قامت بضرب الاعراف والقوانين الدولية عرض الحائط من خلال رفضها التوقيع على اتفاقية مجاري المياه غير الملحية, وترفض الدخول في مفاوضات مع العراق, وتصر على ان ما يحدث بينها وبين العراق هو مجرد مباحثات”.

وبيّن خير الله ان “الحكومة التركية لم تعط اية وعود جدية لرئيس الحكومة العراقية خلال زيارته الاخيرة الى تركيا”, مشيرا الى “عدم وجود مباحثات جدية مع تركيا غير التي بدأها الوزير السابق حسن الجانبي، ولم يستطع من اكمالها”.

75 مترا مكعبا بالثانية لصد اللسان الملحي

وانتقد خير الله ادارة الموارد المائية في العراق, بسبب التجاوزات التي بلغت لغاية عام 2018, ثلاثة وعشرون الف تجاوز على نهري دجلة والفرات بينها تجاوزات لمؤسسات حكومية واخرى للمزارعين”, مؤكدا ان “العراق بحاجة الى 75 مترا مكعبا في الثانية من المياه من اجل صد اللسان الملحي, غير ان المياه لم تتجاوز 60 مترا مكعبا منذ العام 2009”. وتابع ان “حصة المياه العراقية من الانهر متفاوتة، وتعتمد على المزاج التركي والكميات الموجودة في الخزانات”, موضحا ان “سبب وفرة المياه في الفترة الماضية هو نتيجة سرعة امتلاء سد اليسو وعدم وجود خزانات اضافية في تركيا”.

تحذيرات من سدود امنية

وحذر خيرالله من “سعي تركيا خلال السنوات القادمة الى بناء 10 سدود امنية بعد سد اليسو، اخطرها سد الجزرة, فيما لا يبعد سد اخر عن الحدود العراقية سوى بضعة كيلومترات من جهة محافظة دهوك”, مبينا ان “الفكرة من انشاء هذه السدود هي السيطرة على المياه الخارجة من سد اليسو، واعادة تقسيمها في الاراضي التركية لغرض انعاشها واحيائها زراعيا، ما يمثل خطرا كبيرا على العراق، الذي لم تتحرك حكومته رغم علمها بالامر”.

واكد ان “تركيا لا تمتلك وصايا على نهر دجلة لكنها تستخدم حجة عدم ادارة الموارد المائية بشكل صحيح في المفاوضات مع الاطراف العراقية وحتى الاطراف الثانية التي سعى العراق لادخالها في الموضوع”.

عرض مقالات: