اخر الاخبار

في مقال بعنوان (نظرة عامة الى مشروع الموازنة الفيدرالية للعراق لعام ٢٠٢٣) للباحث الاقتصادي احمد الطبقجلي نُشر في مدونة “كلية لندن للاقتصاد”، يشار الى إقرار الحكومة العراقية للموازنة المالية للبلاد ولمدة ثلاث سنوات (بدلا من المعتاد سنوياً) عاكساً الأولويات السياسية للحكومة الجديدة.

يقول الكاتب انه ”وبغض النظر عن خطط الإنفاق غير المسبوقة في الموازنة والبالغة ١٩٩ تريليون دينار عراقي، أي ١٥٣ مليار دولار، فإنها تديم بشكل أساسي الاختلالات الهيكلية بين النفقات الجارية والاستثمارية التي اتسمت بها الموازنات السابقة، خاصة بعد فترات ارتفاع أسعار النفط.“

ووفقاً لجداول وارقام المقال، فان مقترح الموازنة يدعو الى إنفاق اجمالي قدره ١٩٩ تريليون دينار، تتكون من نفقات جارية بقيمة ١٤٩.٦ تريليون دينار ، وإنفاق استثماري يبلغ ٤٩.٥ تريليون دينار. ومن المتوقع أن تبلغ الإيرادات ١٣٤.٦ تريليون دينار ، تتكون من عائدات النفط البالغة ١١٧.٣ تريليون دينار على أساس تصدير ٣.٥٠٠.٠٠٠ برميل في اليوم بمتوسط سعر ٧٠ دولارًا للبرميل، والإيرادات غير النفطية ١٧.٣ تريليون دينار. وان العجز الناجم عن ٦٤.٥ تريليون دينار سيتم تمويله بـ ٢٣ تريليون دينار من رصيد وزارة المالية في البنك المركزي العراقي، وكذلك من ١٠ تريليون دينار من التمويل الأجنبي المستمر للمشاريع الاستثمارية ، الأمر الذي يستوجب اقتراض محلي جديد بمقدار ٣١.٥ تريليون دينار.

وبقدر ما يتعلق الأمر باقليم كردستان العراق، يوضح الباحث ان مشروع الميزانية يتضمن تخصيص ١٦.٢ تريليون دينار، اي ما يعادل ٨.١ بالمائة من اجمالي الإنفاق ، علماً ان الحصة الفعلية لإقليم كوردستان هي أكبر من ذلك حيث تبلغ ١٦.٥ بالمائة وحيث ستتولى وزارة النفط بعض المدفوعات لشركات النفط الدولية العاملة في إقليم كوردستان ، اضافة الى ان وزارة الدفاع ستتحمل بعض رواتب البيشمركة.

يقدر الكاتب ان تبلغ النفقات الجارية والحالية ٧٣ بالمائة من النفقات التشغيلية ، بينما من المتوقع أن يصل الإنفاق الاستثماري غير النفطي إلى ١٩ بالمائة أو حتى الى أكثر من ربع النفقات الحالية. اما رواتب وتقاعد موظفي القطاع العام فانها ستبلغ نسبة ٤١ بالمائة من النفقات التشغيلية. وتبين الأرقام الخاصة بالإنفاق المتوقع على الرعاية الاجتماعية انخفاضاً ملموساً ، غير ان ذلك يعود الى المخصصات التي اضيفت الى فاتورة الأمن الغذائي. كذلك بلغ الدين (داخلي/خارجي) ٩٤.٩ تريليون دينار بنهاية عام ٢٠٢٢، ومن المتوقع أن تتضاعف خدماته الراهنة  والبالغة ١٩ تريليون دينار، وهذا يمثل ١١ بالمائة من اجمالي النفقات مقابل ٧ بالمائة لعام ٢٠٢١.

وبخصوص الايرادات ، يعتقد الباحث ان عائدات النفط لعام ٢٠٢٣ ستنتهي بزيادة قدرها ١٦.١ تريليون دينار أعلى من تقديرات الموازنة. اما العجز فسيتم تمويله من خلال أرصدة  وزارة المالية والإقتراض الأجنبي الجاري ، مع اقتراض داخلي  جديد يبلغ ٧.٦ تريليون دينار. ويحذر الكاتب من ان ديناميكيات اسعار النفط وتقلباتها قد تطعن بارقام العائدات النفطية وبالتالي فانها ستؤدي الى زيادة نسب العجز واحتياجات أكثر بشأن الاقتراض.

ويذكر الكاتب: ”إن حساسية الميزانية لأسعار النفط تجعل كل انخفاض قدره دولار / برميل في المتوسط السنوي لأسعار النفط العراقي يترجم عملياً إلى انخفاض في الإيرادات يقدر ب ١.٥ تريليون دينار على افتراض سعر الصرف الحالي للدولار / الدينار وايضاً صادرات نفطية تبلغ ٣.١٠٠.٠٠٠ برميل في اليوم.

من ناحية أخرى ، من شأن ارتفاع أسعار النفط أن يغير الصورة إلى الأفضل ، لكنه لن يغير مسار الدين المحلي. ومع خدمة الديون ، في السنوات المتعاقبة ، فان ذلك يشكل أجزاء أكبر وأكبر من الإنفاق الإجمالي. ويؤدي هذا ، بمرور الوقت ، إلى استبعاد لنفقات الموازنة الأخرى وانخفاض المرونة في تخطيط او برمجة الموازنات في المستقبل.

ويخلص المحلل  مقاله بالقول: ”ان خطط الإنفاق الاستثماري ، ستؤدي إلى ضخ سيولة كبيرة في الاقتصاد غير النفطي على مدى ١٨-٢٤ شهراً القادمة. هذه السيولة ستعمل على تغذية النمو الاقتصادي ..“  ومع ذلك ، فإن  السياسات التي تزيد من الاعتماد على أسعار النفط المتقلبة ، ستؤول الى المزيد من التعرض للصدمات الخارجية وهذا ما شهده عام ٢٠٢٠.

عرض مقالات: