اخر الاخبار

يجد مراقبون أن خطوة اقالة المدراء العامين في عدد من الوزارات والهيئات والجهات غير المرتبطة بوزارة، تبقى “منقوصة” اذا لم تقترن بمحاسبة من تسبب بإهدار المال العام وتورط بالفساد، واذا لم تكن هناك شفافية وعادلة في اختيار البدائل، لا على أساس المحاصصة وتقاسم المناصب.

وعلى الجانب الاخر، هناك أطراف ترى أن خطوة الحكومة لا تبتعد عن إعادة ترتيب للأوراق السياسية.

عززوا الشفافية

د. عصام فيلي، محلل وكاتب سياسي، عدّ الخطوة التي ذهب باتجاهها رئيس الوزراء، بانها بالإساس تكاد تكون جزءا من البرنامج الحكومي، لأنه اعلن بانه سيكون هناك تقييم للإدارات العامة على مدى 6 اشهر.

وقال فيلي: ان السوداني “في هذه القضية وجد نفسه ملزماً بان يكون هناك تغيير. ومن ناحية اختيار البدلاء انا اعتقد انه بحسب ما اعلن عنه سيتم الاختيار من نفس الإدارات العامة بعد مراجعة السير الذاتية للمتقدمين في كل مديرية”، لكنه نصح بأن تعزز هذه العملية بمزيد من الشفافية، عبر فتح موقع الكتروني لكل إدارة عامة، ليشرع كل شخص في تقديم سيرته الذاتية التي تؤهله للمنصب”.

وأضاف فيلي لـ”طريق الشعب”، ان “المسألة الأهم والتحدي الأكبر بعد قرار الإعفاء والتدوير، هو ان تكون هناك معالجة لملفات بعض الوزارات، فالجميع يؤمن بان الكثير من الشخصيات في الحقيبة الوزارية، لا تملك أية مؤهلات وخبرات تؤهلها لتسنم المنصب”.

وتابع المحلل السياسي “اننا امام تحد حقيقي في الانطلاق نحو مفهوم الدولة، إذ ما زالت الكثير من القوى السياسية تؤمن ان السلطة في العراق عبارة عن اقطاعيات سياسية واي تغيير يجب ان يكون عبر معادلتها ومعاييرها”.

توجهات منقوصة

في هذا الصدد، علق داوود سلمان، محلل سياسي واكاديمي، بالقول: ان “هذا القرار اذا ما مهد لاختيار الكفء مستقبلاً ومن ذوي القدرة القيادية والوظيفية، فهو شيء جيد، لكن إذا جاءت لإرضاء جهة سياسية متنفذة، فلا اعتقد أننا سنأتي بنتيجة إيجابية لصالح بناء الدولة”.

ولم يكن سلمان متفائلا في حديثه مع “طريق الشعب”، إذ يُرجح أن يكون عامل إرضاء ومجاملة الكتل والأحزاب المتنفذة حاضرا في اختيار البدلاء، مضيفا “ان العملية باعتقادي هي استرضاء لهذا الحزب او ذاك، لأنه لا يستطيع الخروج من دائرة المضايقات والضغوطات الحزبية، وان هذه الاستبدالات أصبحت ضرورية لإقصاء بعض الأطراف الحزبية في عدد من مؤسسات الدولة”.

ويجادل سلمان بان “القوى المتنفذة لن تسمح لرئيس الوزراء باختيار ذوي الكفاءة والخبرة ومغادرة نهج المحاصصة الذي ظهرت نتائجه في تقييمات المدراء العامين”.

ووصف الاكاديمي قرار الإعفاء بـ”المنقوص”، فيما عزا ذلك الى انه “كان يجب اعفاء هؤلاء دون تعويض. ومن جانب آخر فان المقصر الذي يعفى يجب أن يحاسب ويحال للنزاهة، وتسترجع منه كافة الاموال، سواء تم انفاقها تحت طائلة القانون بدون فائدة ام ذهبت الى مذاهب اخرى لإرضاء الجهة المتنفذة، لذا فان هذا الاجراء بدون فائدة اذا لم يقترن بهذه الاجراءات”.

وخلص الى ان هناك “ما يقارب 8000 مدير عام في الوزارات والدوائر،  وبعض هذه الدوائر لا تقدم للدولة منفعة، وهي زائدة ومجرد عبء وظيفي”.

حاسبوا المقصرين

وتجد أحرار الزلزلي، ان من المبكر إطلاق حكم كامل على مفردات الاصلاح الاداري الذي أطلقته الحكومة.

وقالت الزلزلي ان “اعفاء وتدوير 75 مديرا عاما اي الربع بالنسبة للعدد الكلي وقياساً بعدد اكبر من المدراء العامين، على مستوى الوزارات، بالتالي فأن هذا الاصلاح اذا لم يأت بالنصف منهم او اكثر، لا يمكن ان نطلق عليه اصلاحاً وانما مجاملة او نوع من الاستهداف”.

وأضافت لـ”طريق الشعب”، انه “اذا ما أريد ان يكون هناك تغيير حقيقي، فيجب ان يكون تغييراً كبيراً جذرياً وواضحاً، واذا ما ثبت تقصير بعض المدراء العامين، فمن المفترض إحالتهم الى القضاء والمحاكم المختصة، وإثبات الفساد الإداري الموجود لديهم، ليكونوا عبرة لمن يخلفهم”.

وشددت على ان “اقصاء المقصرين من دون محاسبة غير كاف، بل يجب ان يقترن بمحاسبة قانونية ومواجهة الفساد عبر احالة القضايا الى الجهات المختصة تمهيداً لمحاكمتهم إذا ما أدينوا”، مبينة ان “الخطوة جيدة. ولكي تكون مكتملة يجب ان يكون هناك استئصال للفساد في دوائر الوزارات”.

ونوهت بان “كل مدير عام يأتي الى دائرة ما، يقوم بتفصيل قانون جديد يلائم شخصه وإدارته، ويتم الالتفاف على مواد بعض القوانين المعنية من قبل هؤلاء المدراء”.

ودعت الى ان تكون هناك “لجنة مختصة تراجع الاثر الذي تركه المدير المعفى من مهامه في دائرته، لأن قرار اعفائه وتدويره بالإساس جاء نتيجة لقصوره”.

الإعفاء والتدوير غير كاف

المحلل السياسي مازن الفيلي، علق على خطوة رئيس الوزراء بالقول: ان “الاختيار القادم سواء كان وفقا للمحاصصة ام بغيرها، فإن الاداء الفاشل سينعكس على الحكومة ورئيسها محمد شياع السوداني والجهة التي ينتمي لها”. وكي تكون تلك الخطوة عملية وجدية فإنه بحسب الفيلي “يجب ان يأخذ من ثبت تقصيره في اداء مهامه جزاءه. واذا كان متورطا بهدر المال العام فيجب أن يحال للقضاء”.

وخلص الى ان “اختيار البدلاء يجب ان يكون بطريقة صحيحة ودقيقة، والاهم هو متابعة عملهم ايضا، لكي لا يشعروا بان لهم ضمان ببقائهم، حتى نصل الى نتيجة مرجوة”.

وافق رئيس مجلس الوزراء، محمد شياع السوداني، اخيرا على إنهاء تكليف 25 مديراً عاماً في دوائر الدولة.

وسبق ذلك، مصادقة رئيس الحكومة، على إقالة نحو 57 مسؤولاً حكومياً بدرجة مدير عام في وزاراتٍ مختلفة.