اخر الاخبار

وفي الحال ابدى والدي الموافقة، مباشرة ومن دون مناقشة أو طلب رأي والدتي على الأقل بالموضوع”.

بهذه الكلمات بدأت هديل الطائي ذات 18عاما حديثها لـ “طريق الشعب” عن تجربة زواجها المبكر.

فرحت بالفستان الأبيض

وأضافت: “كنت لا أعرف شيئا عن الزواج سوى فستان أبيض وفرحة في تجمع  الصديقات والأقارب وأنا الأميرة وسطهم. كما أن والدتي مع شقيقاتي الأكبر مني عمرا نقلن لي صورة ملؤها السعادة والفرح والاستقرار، وأن الرجل هو سند المرأة”.

وتابعت تقول “ كنت في حينها تلميذة في الصف الثاني متوسط، وبعد زواجي أجبرت على ترك المدرسة، على الرغم من وعود عمي بالسماح لي بإكمال الدراسة”.

انفصلت بعد عام

وذكرت هديل أن زواجها لم يستمر سوى عام واحد، وبعدها انفصلت بسبب عدم الانسجام وكثرة المشاكل التي تطورت إلى تدخل الأهل، وأنها رزقت على إثر زواجها بطفلة تتكفل برعايتها بمفردها.

وعلى غرار هديل خاضت إسراء محمد (30 عاما) تجربة الزواج المبكر، وهي لم تكمل 16 عاما، وتقول لـ “طريق الشعب” إن “أفشل مشروع في حياة المرأة هو الزواج في عمر صغير، وتحمل مسؤولية عائلة وهي في مرحلة عمرية تحتاج فيها  إلى من يتحمل مسؤوليتها ويعمل على تعليمها وتطويرها”.

المرأة هي الضحية

وتضيف اسراء أن “لظاهرة الزواج المبكر سواء للمرأة أو الرجل انعكاسات سلبية على المجتمع بحكم أن الزوجين كليهما غير مؤهلين لتكوين عائلة”، موضحة “أن تربية الأبناء بحاجة إلى وعي وتعلم وثقافة كافية لدى الأبوين لضمان تنشئة سليمة”.

وتشدد إسراء على أن “الضحية الأولى للزواج المبكر هي المرأة، وان ارتفاع نسب الطلاق التي نشهدها هو نتيجة للارتباطات الزوجية غير الواعية، التي تجري وفق تصورات عائلة غير واعية”.

انخفاض بسيط عالميا

 وأعلنت منظمة “اليونيسف” في آخر تقرير لها أنّ معدّلات زواج الصغار في العالم، ولا سيما الفتيات، شهدت تراجعا طفيفا خلال العقد الأخير، معتبرة أن “هذا التراجع ليس كافيا ويتعيّن أن يكون التراجع العالمي أسرع بـ 20 ضعفًا، لتحقيق هدف التنمية المستدامة بإنهاء زواج الأطفال بحلول عام 2030”.

وأوضح التقرير ان “نسبة الشابات اللاتي تزوّجن في مرحلة الطفولة تراجعت من 21 إلى 19 بالمائة منذ إصدار آخر تقديرات قبل خمس سنوات”.

اليونيسيف تحذر

وحذّرت اليونيسيف في تقريرها من أنّ “البنات اللاتي يتزوّجن في مرحلة الطفولة يواجهن تبعات فورية وأخرى تمتد مدى الحياة، أبرزها ترك التعليم، كما يواجهن خطرًا أكبر بالحمل المبكر الذي يزيد خطر المضاعفات الصحية والوفيات بين الأطفال والأمهات”.

كذلك “يمكن أن تؤدي هذه الممارسة إلى عزل البنات عن أسرهن وصديقاتهن واستبعادهن عن المشاركة في مجتمعاتهن المحلية، ما يتسبب بأضرار كبيرة على صحتهن وعافيتهن العقليتين”.

العراق خارج القائمة

وقد استبعد ناشطون وقانونيون أن يكون العراق ضمن الدول التي تراجعت فيها نسب زواج القاصرات.

وتقول الناشطة د. بشرى العبيدي إن “أغلب دول العام تعمل جاهدة على تحجيم ظاهرة زواج القاصرات عبر تشريع القوانين الرادعة والمنع القانوني، بمحاسبة أولياء الأمور الذين يقدمون على تزويج بناتهم خارج المحاكم”.

وتشدد العبيدي في تصريح لـ”طريق الشعب” على أن “تقرير اليونيسيف يستثني العراق من نسب التراجع، لأنه دولة تهيمن على سلطته التشريعية العقلية الذكورية، التي تعمل على تحجيم دور المرأة في المجتمع بمختلف الوسائل، وان العادات والتقاليد العشائرية سلطتها أكبر من سلطة القانون”.

فوضى التشريعات

وترى العبيدي أن “البلاد تعاني من فوضى التشريعات القانونية”، وتوضح انه “ في الوقت الذي يصادق أعضاء مجلس النواب على اتفاقيات دولية يمنع بموجبها زواج القاصرات، يعملون على عرقلة تشريع القوانين المحلية التي تصب في منع زواج القاصرات والتعنيف الاسري”.

وكشفت آخر إحصائية صادرة عن مجلس القضاء الأعلى، عن ان أعداد حالات الطلاق خلال شهر اذار الماضي والمسجلة في محاكم جميع المحافظات العراقية، بلغت 1685 حالة تفريق بحكم قضائي، فيما بلغت حالات تصديق الطلاق الخارجي 4833 حالة.

الإحصائيات غير واقعية

وتوثق سجلات المحاكم العراقية الآلاف من حالات الطلاق لأزواج تتراوح أعمارهم ما بين 13 و15 عاما. وذلك بحسب المحامية بان البياتي التي تقول لـ “طريق الشعب” ان “الإحصائيات الرسمية التي يعلنها القضاء الأعلى تنحصر في المواطنين الذين يقدمون على تسجيل الزواج أو الطلاق بطرق رسمية”، مضيفة انه “في الواقع وخاصة في المناطق الريفية هناك أعداد كبيرة من حالات الزواج خارج المحاكم، وأغلبها زيجات قاصرين”.

الرادع ليس بالمستوى المطلوب

وبشأن العقوبة القانونية تفيد البياتي أنها “ليست بالمستوى المطلوب لردع الظاهرة غير الحضارية هذه”، وتذكر أن قانون الأحوال الشخصية أجاز في مادته السابعة الزواج لمن أكمل سن 15 عاما بشرط موافقة ولي الأمر، أما من كان دون 15 عاما فلا يمكن أن يسجل في المحكمة. ونبهت إلى أن قانون الأحوال الشخصية بحاجة إلى “تعديلات قانونية كثيرة تجعله ينسجم مع متطلبات المرحلة وحجم المشاكل الاجتماعية التي باتت تغزو المجتمع”.

عرض مقالات: