اخر الاخبار

طاب يومكم ، واهلا بكم في احتفالنا اليوم بالمعرض السنوي للفنون التشكيلية العراقية، الذي نقيمه احتفالا بذكرى تأسيس حزبنا الشيوعي العراقي التاسعة والثمانين. وهذا ما دأبنا عليه في مناسبات الذكرى في السنين الماضية المتعاقبة، مع استثنائين بسبب جائحة كورونا،  حتى صارت اقامة المعرض التشكيلي تقليدا نحرص عليه، ونحتفي فيه بمبدعينا العراقيين في ميادين الرسم والنحت والخزف وغيرها، مثلما نحتفل بنتاجاتهم التشكيلية المتجددة.

ويغمرنا السرور اليوم ونحن في حضن هذه القاعة الفسيحة، محاطون بنحو مئة من اللوحات الفنية، وما يربو على خمسة وعشرين عملا نحتيا، وعدة اعمال خزفية، تفضل بارسالها عشرات الفنانين التشكيليين، من معظم محافظاتنا العراقية فضلا عن بغداد. 

 

اصدقاءنا الاعزاء

نقيم المعرض هذا العام وقد مر على الخلاص من النظام الدكتاتوري الصدامي عقدان من السنين، عشرون سنة طويلة لم يتحقق فيها للفنون والثقافة في بلادنا ولمبدعينا ومثقفينا، شيءٌ مما كانوا يتطلعون اليه، من دعم ضروري، مادي ومعنوي، لمشاريعهم الابداعية، ومن اعمار للبنى التحتية الثقافية المتضررة والقديمة المتهالكة، وبناء المزيد منها، ومن اعداد استراتيجية وطنية للنهوض الثقافي وتخصيص اموال كافية من الموازنة السنوية لتنفيذها.

لا شيء من هذا تلمسه فنانونا ومثقفونا طوال العشرين سنة الفائتة. لا بل ان احدث وثيقة رسمية، هي المنهاج الوزاري للحكومة الحالية، المصادق عليه في  مجلس النواب، يخلو تماما من أية اشارة الى الثقافة، بل ولا ترد فيه كلمة “ثقافة” مطلقا.

وقد جرى تداول معلومات عن جهود تبذل رغم ذلك في رئاسة الحكومة، لرصد تخصيصات معينة لاغراض ثقافية. لكن هذا لم يغير حتى الآن، ولا يتوقع ان يغير في المستقبل القريب، واقع الحال البائس للكثير من المرافق الثقافية المتهالكة، ومنها مثلا  قاعة الرباط، التابعة لوزارة الثقافة والكائنة في الوزيرية ببغداد، والتي بدا حالها لمن زاروها قبل يومين فقط، مزريا ومحزنا الى ابعد الحدود.

وبالامكان قول الشيء نفسه عن المنشآت ذات الصلة بالفنون التشكيلية، ونعني بالذات قاعات العرض. فلم يحدث خلال السنين الفائتة، وبضمنها سنة بغداد عاصمة الثقافة العربية التي خُصص لها حوالي نصف مليار دولار، ان انشات قاعة جديدة واحدة لعرض الفنون التشكيلية.

ولو اضفنا الى ذلك ما شهدته السنوات الماضية ذاتها، من اغلاق اضطراري لعدة قاعات عرض اهلية في بغداد، ومن اهمال حكومي للفنون التشكيلية ومبدعيها، ولقاعات العرض الحكومية، لتبين لنا كم هي مشروعة شكوى تشكيليينا من الظروف الصعبة المحيطة بعملهم، وبعرض نتاجاتهم، وبمعيشتهم. وكم هي مشروعة بالتالي مطالبتهم بتغيير هذا الواقع وإنصافهم، من خلال تأمين مستلزمات نشاطهم الفني، وتطمين احتياجاتهم الحياتية المختلفة، ودعم مشاريعهم الفنية.

وبديهي ان هذا الذي نقوله هنا عن الفن والثقافة بعد عشرين عاما من انهيار النظام الدكتاتوري، ينطبق على ميادين الحياة الاخرى كافة في بلادنا، سواء تعلق الامر بالحقوق والحريات والممارسة الديمقراطية، او بالخدمات بأنواعها، او باحوال المعيشة وواقع الفقر والبطالة وتدهور اوضاع الاقتصاد عموما، أو بالاوضاع الاجتماعية والصحية والبيئية والتعليمية المتفاقمة وغيرها وغيرها.

وان هذا الواقع بمجمله لا يمكن بالطبع ان يستمر، ولابد لإرادة التغيير في اوساط الفنانين والمثقفين عامة، ان تعبر أيضا عن نفسها وتحتل موقعها ضمن الجهود الدائبة التي تبذلها القوى المدنية الديمقراطية، ممثلة في التيار الديمقراطي العراقي وقوى التغيير الديمقراطية، ببرنامجها التغييري الثابت الذي يجتذب باستمرار جماهير اوسع وفئات اجتماعية اكثر.

 

فناناتنا وفنانينا

اسمحوا لنا ونحن نعبر عن الامتنان لمشاركتكم الواسعة في معرضنا هذه السنة، ان نعرب عن تطلعنا الى اسهام اكبر واوسع من قبلكم في معرض السنة المقبلة. فالمعرض القادم سنقيمه في غمرة احتفالنا بالعيد التسعين لحزبنا الشيوعي العراقي، وتلك مناسبة استثنائية بحق، تدفعنا للامل ان يكون المعرض ايضا، استثنائيا وغير عادي.

الشكر لكم جميعا ايها المبدعون.

والامتنان كذلك لكم، يا محبي الفن والثقافة وجمهورَهما الوفي، الحريصَ على البقاء قريبا منهما في كل المواسم، وعلى مواكبة الجديد الجميل فيهما على الدوام.

نرجو لكم جميعا وقتا حافلا بالمتعة والجمال في المعرض وبين المعروضات.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

*كلمة افتتاح المعرض التشكيلي بمناسبة الذكرى 89 لتأسيس الحزب الشيوعي العراقي