اخر الاخبار

يخسر العراق نحو 12 مليار دولار سنويا من جراء حرق الغاز المصاحب للنفط، فضلا عما يتركه ذلك من نتائج سلبية على الواقع البيئي، إذ يتسبب بانتشار العديد من أمراض السرطان تحديدا في محافظة البصرة.

وتتجه الحكومة الحالية صوب استثماره من خلال عقد اتفاقات مع شركات عالمية ومحلية ضمن جولة التراخيص الخامسة.

وفقا لرويترز، يعتمد العراق بشكل كبير على واردات الغاز الإيراني لتغذية شبكة الكهرباء، إذ تولد البلاد نحو 14 ألف ميغاواط من الشبكة المحلية، إلى جانب ما يقارب من أربعة آلاف ميغاواط إضافية عن طريق استيراد الغاز والطاقة.

ويعتبر العراق المستورد الأساسي لأكثر من 80 بالمائة من صادرات إيران من الكهرباء خلال السنوات القليلة الماضية، بحسب بيانات سابقة لوزارة الطاقة الإيرانية.

استثماره

ويشير المتحدث الرسمي لوزارة النفط، عاصم جهاد، الى وجود حاجة لاستثمار الغاز كون محطات توليد الكهرباء تعمل بهذا النوع من الوقود.

ويقول جهاد في حديث خص به “طريق الشعب”، إن “نسبة استثمار الغاز في الوقت الحالي تقدر بـ 55 في المائة، ويتم استعمالها في مشاريع توليد الطاقة الكهربائية”، موضحا ان البعض يتصور عدم وجود استثمار للغاز بتاتا بالوقت الذي يصل استثماره بالوقت الحالي الى 1500 مليون قدم مكعب، من الإنتاج المحلي فقط”.

ويكشف عن توقيع وزارة النفط عدة عقود بهذا الشأن، منها عقد مع شركة أمريكية لاستثمار 200 مليون قدم مكعب يوميا من غاز الغراف في الناصرية، وعقد آخر مع شركة صينية لاستثمار غاز حقل الحلفاية بمحافظة ميسان.

وتطمح وزارة النفط مطلع العام المقبل، بالوصول الى انتاج يقدر بـ 300 مليون قدم مكعب يوميا.

ويقول جهاد أن الوزارة تعتزم الشروع في مشاريع اخرى بعد مشروعي الناصرية وميسان، مشيرا الى “اننا ملزمون باتفاقية اوبك باستثمار 600 مليون مكعب يوميا. وتعد الوزارة هذه الكميات جيدة لزيادة الانتاج الوطني والوصول الى الاكتفاء المحلي”.

ويؤكد جهاد، أن جولة التراخيص الخامسة للحقول الحدودية، ستساهم بانتاح 750 مليون قدم مكعب قياسي من الغاز، تليها جولة مكملة سيعلن من خلالها عن تراكيب هيدروكربونية (غاز في باطن الأرض).

كلفة الخسائر سنوياً

وكان مستشار رئيس الوزراء للشؤون المالية، مظهر محمد صالح، اكد يوم 31 اذار، أن خسائر حرق الغاز واستيراده تقدر بنحو 12 مليار دولار سنوياً. وتوقع تصفير حرقه ووصول استخداماته إلى نسبة 100بالمائة خلال العامين المقبلين.

وأعلن رئيس الوزراء محمد شياع السوداني في وقت سابق، اتخاذ عدة إجراءاتٍ لتطوير قطاع الطاقة واستثمار الغاز المصاحب، بما يمثل بداية لأمرين، أولهما إيقاف وتصفير حرق الغاز بما يحمي البيئة من التلوث والمشكلات. والثاني، استخدام الغاز بعد معالجاته.

ضياعات اقتصادية

وبحسب تصريحات وزارة النفط، فإنه خلال مطلع العام الجاري، بلغت كميات الانتاج من الغاز الطبيعي المصاحب 3000 مقمق باليوم، يتم استثمار 1600 مقمق، ويحرق الباقي منها والذي يقدر بحدود 1300 - 1400 مقمق يوميا، وتعتبر هذه كمية كبيرة مقارنة بكمية الانتاج.

وضمن هذا السياق، يذكر الاستشاري في التنمية الصناعية والاستثمار، عامر الجواهري، ان “الخسارات التراكمية تشكل ضياعات كبيرة للتنمية الاقتصادية المستدامة، وتتمثل هذه الخسائر بالغاز الذي يحترق بالوقت الذي يمثل مادة لها قيمة سوقية”.

ويقول لـ “طريق الشعب”، ان ذلك يتسبب بـ”حرمان الجهات المستفيدة من الغاز مثل محطات الكهرباء الغازية التي عانت من شح التجهيز واللجوء الى الاستيراد المكلف اضافة الى عدم استقرار التجهيز وشح تجهيز المعامل التي تستخدم الغاز كمادة أولية، وتستمر المعاناة من ندرة الغاز في لتشغيل معامل الأسمدة الكيمياوية والبتروكيمياويات والحديد والصلب”.

ويضيف الجواهري ان “حرق الغاز سبب ضياعا كبيرا لفرص الاستثمار للمشاريع والمنشآت ذات الصلة، وعرقلة تنفيذ الرؤى نحو استثمار مشاريع كبيرة تحقق تنويعا للاقتصاد الوطني، مثل مشاريع البتروكيمياويات الجديدة التي تأخر العراق كثيرا فيها”.

 وعن اهمية الاستثمار في الغاز، يوضح الجواهري ان “الاستثمار يساهم في الحفاظ على الثروات الوطنية من الهدر، والتوسع الأفقي بالمشاريع التي تساهم في تنويع الاقتصاد وزيادة فرص العمل، اضافة الى مساهمته في تحسين بيئة العمل لجذب الاستثمارات المباشرة”.

ويجد ان الخطوات الجارية لاستثمار الغاز ضمن جولة التراخيص الخامسة، ستحدث نقلة نوعية في اقتصاد البلد، إذا ما تمت تحت ادارة جيدة لتلك العقود والأعمال بما يحقق المصلحة العامة للمجتمع، معبرا عن تفاؤله بالقرارات الحكومية كونها لامست قطاعات أهملت لفترات طويلة.

السبب في غياب الارادة

ويشير الى ان سبب التأخير في اتخاذ خطوة استثمار الغاز المصاحب، يعود لغياب الارادة الحقيقية للبناء والتنمية، يرافقها وجود من يسعى لعرقلة التطور.

حاجة حقيقية للاستثمار

سلام سميسم، باحثة اقتصادية، تقول لـ “طريق الشعب”، ان “عمليات الحرق مستمرة منذ عام 2004 والى الان، وهي تفتقر الى اجراءات البحث الحقيقي عن الغاز لأجل إنتاجه وتسويقه”.

وتعد جولة التراخيص الخامسة هي الاولى من نوعها التي تلتمس فيها شيئا من الجدية.

وتبين سميسم ان “العراق اليوم هو ضمن اتفاقيات الطاقة النظيفة، بالوقت الذي يشهد نتائج كارثية على مستوى الوضع البيئي، وتحديدا في المناطق التي تحتضن حقولا للنفط، اذ يكون فيها التلوث وانتشار الامراض بمستوى عال، لذا العراق اليوم ملزم بإيجاد حلول وان يكون جادا في اتخاذ اجراءات حقيقية في هذا الصدد.

وتستدرك سميسم بالقول ان “العراق أكبر مستورد للغاز الإيراني، باعتبار ان منظومة الكهرباء تعتمد على الغاز، لذا من المهم أن نبدأ باستخراج وتصنيع الغاز لسد الحاجة المحلية”.

عرض مقالات: