اخر الاخبار

نتائج مروّعة

نشرت صحيفة المساء (أفتون بلاديت) السويدية مقالاً للكاتب يان كييلو، بمناسبة مرور عقدين على حرب العراق، أشار فيه إلى أن ما أسفرت عنه هذه الحرب، لم يكن سوى سلسلة من نتائج مروّعة بكل المقاييس، سواءً بملايين الضحايا أو بتمزيق البلد وتدمير الدولة أو بخراب الإقتصاد.

وبعد أن أكد المقال على أن لا أحد في تاريخ الشرق الأوسط، وعلى مدى قرون، قد سبب كارثة كبيرة لوطنه كما فعل صدام حسين، تهّكم بالقول أن المصادفة الجيولوجية، التي منحت العراق ربع ما موجود في كوكبنا من نفط، قد تكون السبب الأهم لإحتلاله.

وأد التقدم

وأعاد المقال التذكير بمنجزات العراقيين، الذين ما أن حققوا تحررهم من الإستعمار البريطاني، واستعادوا هيمنتهم على مواردهم النفطية واستخدموا عائداتها الضخمة في بناء نظام تعليمي متطور، وفي إحداث تنمية زراعية وصناعية مناسبة، تتمكن من رفد الدخل الوطني إذا ما نضبت موارد النفط، حتى ورطهم صدام حسين في حرب مع جارة العراق الشرقية، مقدّماً خدمات مجانية كبيرة لخصومه في واشنطن وتل أبيب. ولم تكن لتنتهي الحرب المدمرة، التي استمرت ثمان سنوات واسفرت عما يزيد على مليون ضحية، حتى غزا صدام جارته الجنوبية، الكويت، دون أن يعرف أحد حتى الآن، من أقنعه بهذه الفكرة، التي لم تكن أقل حماقة من الحرب ضد إيران.

وكانت نتائج الحرب الثانية هذه، كما أورد المقال، أبشع من سابقتها، حيث شكلت بداية الانهيار النهائي للعراق، عبر القضاء على الجيش العراقي، وقطع جميع إمدادات الكهرباء والمياه وجميع محطات معالجة مياه الصرف الصحي، وفرض الحصار الشامل. وقد علل الغرب هذه الإجراءات المدمرة، التي إستمرت 13 عاماً، وتسببت في وفاة 576000 طفل، بالحاجة إلى إقناع الشعب العراقي بمساويء دكتاتورية صدام حسين ومزايا الديمقراطية، أي باقتصاد السوق وبخصخصة صناعة النفط.

ثم إستغلت واشنطن الهجوم الإرهابي على نيويورك في 11 سبتمبر 2001، وتصاعد الأصوات المطالبة “بالثأر”، فقررت شن هجوم على العراق الممزق، الذي يهدد العالم بأسره “بأسلحة دمار شامل” سرية، حسب وصف نائب الرئيس ديك تشيني، رغم أن معظم المشاركين بعمليات نيويورك، كانوا من مواطني السعودية، الدولة الحليفة لواشنطن.

موقف السويد

واشار المقال إلى الصراع الكبير الذي شهدته الساحة السياسية والشعبية السويدية قبيل وأثناء الحرب، حيث أصطف اليمين مع مشاريع واشنطن ولندن، إلى الحد الذي وصف فيه زعيم حزب الشعب الليبرالي بير أهلمارك، رفيقه في الحزب، مفتش الأسلحة هانز بليكس، بأنه “ضعيف ويسهل خداعه”، لأنه أعلن خلو العراق من أسلحة الدمار الشامل الكيماوية والبيولوجية. وأوضح بأن اليسار وقسم كبير من يسار الوسط، فضح هذه الأكاذيب غير المعقولة، واعتبرها ذرائع للحرب، تتعلق بالنفط، ولا علاقة لها بإنقاذ أوروبا من صدام حسين، ونظّم مظاهرات السلام التي شارك فيها الملايين.

وانكشف المستور

وأعرب كاتب المقال عن إعتقاده بأن الديمقراطية، التي أعلن الحاكم الأمريكي بول بريمر، بأنه جاء بها معه، قد أفتضحت عاجلاً لتعني خصخصة جميع أصول الدولة العراقية، بما في ذلك صناعة النفط، التي يجب أن يكون للشركات الأمريكية، حصة الأسد فيها. غير أن المفاجأة الكبرى كانت في عدم إستقبال الشعب العراقي لهذه الإصلاحات الديمقراطية بابتهاج، ومطالبته بخروج المحتلين بسرعة. كما تحولت سجون الأمريكان إلى مفرخة للإرهابين، حيث كان الحراس عاجزين عن فهم لغة وثقافة المسجونين.

ولم يمض وقت طويل حتى عرف الناس كم هو عدد ضحايا الحرب من العراقيين، وكم هو عدد من مات أو تشوه بسبب اليورانيوم المنضب الذي تم إستخدامه، وكم أرتفعت معدلات وفيات الأطفال والسرطان، وكم هي محطات تنقية المياه والكهرباء التي دمرت، وأخيراً أي نظام للمحاصصة والفساد قد كان الإحتلال سبباً في ولادته. وهكذا، عرف التاريخ بأن حروب واشنطن لم تعطل تطور الديمقراطية بل كانت سبباً في إنتشار الإرهاب، حسب رأي كاتب المقال.