اخر الاخبار

افرز نهج المحاصصة الذي اعتمدته قوى السلطة لإدارة العملية السياسية في العراق “الويلات” التي قلبت حياة العراقيين جحيما، على مختلف الصعد الاقتصادية والسياسية والامنية، بينما لا تزال تلك القوى متشبثة بنهجها الذي يديم بقاءها في السلطة.

فبعد التجربة الفاشلة لهذا النهج المأزوم، يشدد خبراء ومعنيون على ضرورة تبني عقد سياسي جديد رافض لهذه الاليات، مؤكدين أن ذلك مرهون بـ”توحيد عمل القوى الوطنية”.

خرق قانوني

وفي هذا السياق، يقول الباحث في الشأن السياسي وسام المالكي إن “من المفترض ان يشارك الشعب في حكمه لنفسه، عن طريق النظام الديمقراطي، لكنه انصدم بواقع سياسي مشوه، لم يعبر عن تطلعات الناس منذ الغزو الأمريكي في العام ٢٠٠٣، وحتى الآن، وذلك لكون مسارات ممارسة السلطة، أخذت أشكالا بعيدة عن مفهوم الإدارة السياسية”.

واضاف المالكي في حديثه لـ”طريق الشعب”، قائلاً ان “الدستور ـ الذي الورقة العامة الجامعة، التي تحدد الصلاحيات و الحقوق و المسار العام لإدارة الدولة ـ لم يتضمن مصطلح المحاصصة ولم يحتو على مادة او فقرة تؤكد توزيع السلطة والمناصب و الرئاسات بحسب التوازن المكوناتي و الطائفي و المناطقي”، منوها الى انه “على هذا الاساس بنيت العملية السياسية بصورة تنافي مفهوم الادارة وتحجب وصول الاشخاص النزيهين و الكفوئين و المهنيين الى المناصب و مراكز صناعة القرار”.

واكد ان المحسوبية والمنسوبية كانت هي المحرك لعملية الاختيار، وهذا ما خلف تراجعا في مستوى ادارة البلد على كل الصعد، وهذا الالتفاف يعد خرقا قانونيا، اذ ان الكتل المتنفذة تعمل بالعرف السياسي لا بالدستور.

وبين المالكي في سياق حديثه بالقول: ان هذا الغموض والتعقيد السياسي “خلف شرخا كبيرا بين الممارسة والواقع، وولّد فجوة بين السلطة والمواطن، وعكس صورة سلبية على حياة الشعب، تسببت بتردي الواقع الاقتصادي الذي اثر في كرامة عيش المواطن، واثر كذلك على الجانب الامني”.

وخلص الباحث في الشأن السياسي الى القول ان “الدولة المدنية الجامعة على اساس الهوية الوطنية، هي الحل كونها تنظر الى المواطنين بصورة متساوية في الحقوق والواجبات والخدمات، فهي تراعي النظام الديمقراطي وتكفل حريات المواطن وتحميه وتوفر له الامن وكرامة عيشه”.

سياسة تجهيل وتغييب الوعي

من جانبه، يجد الكاتب والمحلل السياسي نظير الكندوري ان البلد انحدر الى الوراء على مدى هذه السنوات الطويلة، وتغيرت الثقافة التي كانت سائدة في المجتمع العراقي، وتراجع العراق بشكل كبير، ونحن لا نتحدث هنا عن المنظومة السياسية فقط بل نتحدث عن المستوى الثقافي”.

ولفت الكندوري في حديثه مع “طريق الشعب”، الى ان “القطاع الثقافي والشأن الحضاري للبلاد، شهدا ترديا بشكل كبير بسبب ممارسات القوى المتنفذة، التي عملت حين استلمت السلطة، على تغييب الوعي حتى وصل لمستويات متدنية جداً”.

وأشار المحلل السياسي إلى، ان “النخب العراقية اليوم تعيش معركة وعي مع المنظومة السياسية وقواه المتنفذة والفصائل المسلحة. جميعهم يحاولون ان يحطوا من وعي الشعب العراقي”.

وعد الكندوري، أن عملية خوض معركة الوعي ضد عمليات التجهيل من اكثر المهام الملحة على المثقفين العراقيين.

ولفت إلى ان “الناس اليوم يغلب عليهم اليأس من التغيير نحو الأفضل، لذلك ندعو إلى شحذ الهمم وعدم الانزواء، وفي النهاية سنجد بارقة امل تغير واقع الحال العراقي الى ما هو أفضل ومنشود”.

المحاصصة مهدت للفساد

إلى ذلك، أكد المحلل السياسي حسين الجاف، أن “نهج المحاصصة هو الذي مهد للفساد بكل قوة”.

وقال الجاف في حديث مع “طريق الشعب”: ان “الفساد كارثة تعصف بالعراقيين منذ العام 2005 وحتى الآن، من دون ان يكون هناك رادع قانوني يضع حداً لهذه الكارثة التي تعصف بكيان المجتمع العراقي، ومستقبل العراقيين”.

وأضاف، “أننا بحاجة ردع وايقاف نهج المحاصصة، من خلال الاعتماد على الكفاءات المخلصة والوطنية ذات الخبرة”.