اخر الاخبار

بغداد ـ طريق الشعب

نجحت القوى المسيطرة المهيمنة على القرار البرلماني، في مسعاها من خلال إقرارها تعديلا لقانون الانتخابات، أعاد تقسيم الدوائر الانتخابية الى 18 دائرة، معتمدا على صيغة سانت ليغو المعدل (1,7) لحساب عدد المقاعد.

ووصف مراقبون الطريقة التي مرر فيها القانون بأنها “اقصائية”، وقد جرى فيها الابقاء على ذات النهج الفاشل في الحكم. فيما أعرب اخرون عن استغرابهم من عدم منح المكون المسيحي حقوقهم؛ اذ جرى تقسيم العراق الى دائرتين انتخابيتين بالنسبة لهم، في محاولة لحصر اصواتهم بين القوى الكبيرة، وابعاد القوى الممثلة لتطلعاتهم.

ويقول محللون، ان هذه الكتل تتبجح بانها نجحت في توجيه ضربة الى القوى المعترضة على نهج المحاصصة والفساد، لكن الواضح انها ستواجه تحالفات تعسى لكسر احتكار السلطة، اذ بدأ بالفعل العمل باتجاه تشكيل تحالف مدني ديمقراطي واسع، يسعى لخوض الانتخابات من اجل احداث نقلة في موازين القوى داخل البرلمان.

 التصويت على التعديل

وجاء في بيان صادر عن مجلس النواب، أنه صوت في “جلسته السادسة عشرة فجر الاثنين بحضور 218 نائبا، على قانون التعديل الثالث لقانون انتخابات مجلس النواب ومجالس المحافظات والاقضية رقم (12) لسنة 2018”. وجاء التصويت بعد طرد أعضاء في المجلس ـ نظموا احتجاجًا على إلغاء نظام الدوائر المتعددة، والعودة إلى النظام القديم ـ من قبل القوة الأمنية المسؤولة عن حماية مبنى مجلس النواب، بناءً على أوامر مباشرة من رئيس المجلس محمد الحلبوسي.

وأظهرت مقاطع مصورة التقطت بعضها كاميرات هواتف النواب المعترضين، استدعاء الحلبوسي للقوة العسكرية في مبنى البرلمان لإخلاء القاعة من المعترضين على القانون، قبل التوجيه بإحالتهم إلى الادعاء العام بتهمة “الإخلال بالنظام الداخلي لمجلس النواب”.

وعقب ذلك، واصل مجلس النواب إجراءات التصويت على مسودة التعديل، التي تضمنت الزام الحكومة بتحديد موعد الانتخابات لمجالس المحافظات في هذا العام على أن لا يتجاوز تاريخ 20 كانون الأول 2023، فضلاً عن اعتماد “ سانت ليغو” المشوه بصيغة (1.7، 3، 5، 7، 9... إلخ).

 تظاهرات رغم الامطار

بالتزامن، شهدت مدن عدة وسط وجنوبي البلاد، من بينها الحلة والناصرية، تظاهرات رافضة لتعديل قانون الانتخابات إلى صيغة “سانت ليغو المعدل”، على الرغم من سوء الأحوال الجوية، في ظل انتشار أمني مكثف.

فيما نشر النواب المعترضون مقاطع مصورة قالوا فيها إنّهم تعرضوا إلى “اعتداء” من قبل القوة الأمنية المسؤولة عن حماية البرلمان، وفق أوامر من الحلبوسي. واتهم النواب المعترضون قوة حماية البرلمان بـ”الاعتداء عليهم” وتوعدوا بالطعن بمقررات الجلسة أمام المحكمة الاتحادية.

 سينقلب عليهم

ولم تمر الجلسة من دون ردود فعل حول ما جرى، فقد وصف مدونون على مواقع التواصل الاجتماعي الامر بـ”تقويض للديمقراطية”.

وفي هذا الشأن، قال الرفيق ياسر السالم عضو المكتب السياسي للحزب الشيوعي العراقي، في تدوينة على حسابه في (تويتر) ان “قانون سانت ليغو المعدل، الذي اصرت قوى السلطة على تمريره، سينقلب عليهم لصالح قوى المعارضة، بمجرد ان تجتمع القوى المدنية منها والناشئة المؤمنة بمشروع التغيير الحقيقي، تحت مظلة تحالف واحد.. وهذا ما سيتحقق عن قريب”.

واعتبر الرفيق جاسم الحلفي، أنّ ما حدث في البرلمان “مهزلة وإنهاء لدور المعارضة”.

وقال في تغريدة له على حسابه في (تويتر): “مهازل ديمقراطية! القوات الأمنية تدخل قبة البرلمان لطرد النواب المعارضين لسانت ليغو، بأمر من الحلبوسي! وبهذا لم يبق معنى للمعارضة الرسمية!”.

الديمقراطية الى أين؟

اما النائبة سروة عبد الواحد، فقالت إنّ الجلسة تعكس حالة “عدم الديمقراطية في العراق”.

 وذكرت في تغريدة لها: ان “هذه المشاهد أقل ما يقال عنها إنها معيبة، أنصحكم بأن تشاهدوا برلمانات العالم.. حينما يعترض ٨٤ نائباً، كيف تتعامل الرئاسة مع هكذا حالات.. الديمقراطية وين طنبورة وين!!”.

ورغم التهليل والتكبير للقوى المتنفذة، ترى القوى الرافضة للقانون المشرّع، ان من الممكن ان ينقلب السحر على الساحر ويتحول القانون المقر الى نقمة على الأحزاب المتنفذة في حال بناء تحالف مدني واسع.

 تصحيح مسار المعارضة

فيما يرى النائب سجاد سالم، أن الصيغة الحالية قد توفر شرطا موضوعيا للوحدة، لذلك نسعى لتشكيل التحالف المدني الديمقراطي الواسع، مؤكدا البحث مع أغلب الاطراف المدنية والوطنية في هذا الموضوع و”حققنا تقارباً كبيراً معهم، وسنذهب للجميع دون استثناء لتشكيل هذا التحالف”.

وأكد المتحدث باسم حركة “نازل آخذ حقي” خالد وليد، بأنه يتم التحضير لاعلان تحالف معارضة عراقي جديد، يضم نخباً من مختلف الشرائح، ومن بينهم نواب.

 وقال خالد وليد في حديث صحافي لشبكة رووداو الاعلامية، انه “لدينا القناعة مكتملة داخل قوى التغيير، بأن التجربة النيابية الموجودة والمحسوبة على قوى المعارضة السياسية داخل البرلمان بحاجة الى دعم وتصويب وتصحيح للمسار”.

 وأضاف وليد ان “قوى التغيير الديمقراطي ترى ضرورة إعلان تحالف قوى التغيير بأسرع وقت ممكن، ويجب ان نتعامل مع التحديات القادمة في شكل القانون الانتخابي”، منوها الى ان “الايام القادمة ستكون حافلة باجتماعات ولقاءات من أجل وضع الاطر والاليات النهائية لمشروع قوى التغيير، وسنكون في تواصل مستمر مع جميع اطراف المعارضة السياسية لإعلان مشروع قوى التغيير وآليات عمله”.

المتحدث باسم حركة “نازل آخذ حقي”، ذكر ان “الشارع والقوى السياسية وعددا لا بأس به من النواب يضغطون بهذا الصدد، لذلك يجب ان تتجسد هذه القوى في مشروع وطني واضح، يعمل على خلق بديل وطني يواجه تحديات الاحزاب التقليدية المصرة على محو كل تطورات الوعي والنضج عند الجمهور العراقي، واصرارها اصبح واقعاً وهناك ضغوط بمختلف المجالات ضد الشباب والناشطين وأصحاب الرأي والمؤسسات بشكل عام”. وأكد أن “التغيير سيكون بشكل تدريجي، حيث تصدينا بالأمس، وسنتصدى اليوم وفي المستقبل، وسيكون النجاح حليفنا في نهاية المطاف”.

 “يؤسس لديكتاتورية فئوية”

من جهته، يقول المحلل السياسي د. عصام فيلي، ان هذا القانون يكرس ظلماً مستمراً بحق المكونات الاجتماعية، وبإمكان المحكمة الاتحادية طلب إعادة النظر في توزيع الكوتا بما يتعلق بالمكون الصابئي والفيلي، بحيث يكون مساوياً للمكون المسيحي.

ويضيف فيلي، ان القوى السياسية المتنفذة “لا تكترث لقرارات المحكمة الاتحادية، ويبدو ان قناعة بعض القوى السياسية هي البقاء  في السلطة أطول فترة ممكنة، في سبيل المحافظة على مكتسباتها دون تفعيل التجربة الديمقراطية”.

ويشير فيلي الى أن “قوى السلطة تريد تسخير كل القوانين باتجاه ما يخدم بقاءها، وان هذا القانون من الناحية العملية هو قتل للممارسات الديمقراطية، وربما يؤسس لديكتاتورية فئوية”.

ويعتبر المتحدث اعتراض القوى المدنية على هذه الصيغة من قانون سانت ليغو “شعورا بالمسؤولية؛ فحالة الإيثار التي تتمتع بها قوى التغيير تختلف تماما عما تؤمن به القوى المتنفذة وهو الاستئثار بالسلطة”، مشيرا الى ان القوى التقليدية ترغب في الابقاء على المحصلة العددية في البرلمان، وهذا ما يدفعها لغلق الباب امام اية جهة تريد ان تكون جزءا من المشهد التشريعي”. ويخلص فيلي الى ان هذا القانون يشكل “محاولة لاختطاف الدولة”، مبرهنا على ذلك بأن “الكثير من القوانين والتشريعات تطرح بما يتلاءم مع طموح القوى السياسية المتنفذة اكثر مما يعبر عن آمال الشعب”.

 التعديلات المقرة

 وبحسب بيان لمجلس النواب، فقد اشتملت التعديلات التي صوت عليها، المادة 2 من القانون لتكون على النحو التالي: “الناخب النازح: العراقي الذي تم نزوحه من مكان إقامته الدائم إلى مكان آخر داخل العراق بعد 9/12/ 2013 لأي سبب كان على أن يكون مسجلاً في وزارة الهجرة والمهجرين”.

 كما صوت على تعديل المادة 6 من القانون، لتقرأ بالشكل الآتي:

اولاً: أ - على مجلس الوزراء بالتنسيق مع المفوضية تحديد موعد الانتخابات لمجالس المحافظات في هذا العام على ان لا يتجاوز تاریخ 20/12/2023.

بعد انتهاء الدورة الانتخابية لمجالس المحافظات المنصوص عليها في البند (اولاً) من هذه المادة تجري الانتخابات قبل 45 يوماً ويحدد موعد الانتخابات بقرار من مجلس النواب بالتنسيق مع المفوضية قبل مدة لا تقل عن 90 يوماً.

ج: تجري الانتخابات للدورات الجديدة لمجلس النواب ومجالس المحافظات والاقضية قبل 45 يوما من تاريخ انتهاء الدورات التي سبقتها.

رابعاً: تجري انتخابات مجالس المحافظات غير المنتظمة بإقليم في يوم واحد في عموم جمهورية العراق.

خامساً: لمجلس الوزراء بناءً على اقتراح المفوضية تعطيل الدوام الرسمي لأيام الانتخابات”.

وعدّل المجلس المادة الـ 7 من أصل القانون على النحو التالي:

اولاً: عراقي كامل الأهلية أتم (30) الثلاثون من عمره يوم الاقتراع.

مقترح اللجنة: يعدل البند ثامناً ليقرأ بالشكل الاتي:

ثامناً: تقديم قائمة بأسماء ما لا يقل عن (500) خمسمائة ناخب غير مكرر داعم لترشيحه من الناخبين المسجلين في الدائرة الانتخابية التي يتقدم للترشح فيها بقائمة منفردة على وفق تعليمات يصدرها مجلس المفوضين.

ثانياً أ - أن يكون حاصلا على شهادة البكالوريوس أو ما يعادلها باستثناء كوتا المكونات تكون الشهادة اعدادية فأعلى.

يعدل البند ثالثاً ليقرأ كالاتي:

ثالثاً:أن يكون غير محكوم عليه بجناية أو جنحة مخلة بالشرف او قضايا الفساد الإداري والمالي المنصوص عليها في المواد (330، 333، 334، 335، 338، 339، 340) من قانون العقوبات رقم 111 لسنة 1969 المعدل، بحكم قضائي بات سواء كان مشمولا بالعفو عنها من عدمه.

ثامناً: تقديم قائمة بأسماء ما لا يقل عن (500) خمسمائة ناخب غير مكرر داعم لترشيحه من الناخبين المسجلين في الدائرة الانتخابية التي يتقدم للترشح فيها بقائمة منفردة على وفق تعليمات يصدرها مجلس المفوضين”.

 وصوت مجلس النواب على تعديل مواد أخرى من أصل القانون على النحو التالي:

“البند أولاً من المادة 12:

اولاً: تقسم الاصوات الصحيحة لكل قائمة على الاعداد التسلسلية (1.7 ، 3 ، 5 ، 7 ، 9.....الخ) وبعدد مقاعد الدائرة الانتخابية ويتم اختيار أعلى النواتج حتى استنفاذ جميع مقاعد الدائرة الانتخابية.

 المادة 14: اولاً: اذا فقد عضو مجلس النواب او عضو مجلس المحافظة مقعده لأي سبب كان يحل محله المرشح التالي له في عدد الاصوات الحاصل عليها في قائمته.

 ثانياً: اذا فقد عضو مجلس النواب او عضو مجلس المحافظة مقعده لاي سبب كان وكان ضمن قائمة منفردة فيخصص المقعد الى مرشح اخر حاصل على اعلى الاصوات الحزب او تنظيم سياسي حصل على الحد الاعلى للاصوات ولم يحصل على مقعد”.

 وكان مجلس النواب قد صوت في جلسته يوم (20 آذار 2023) على سبعة مواد من أصل 15 مادة في القانون الذي جرى تعديله رغم الاصوات الواسعة المعارضة لذلك داخل وخارج البرلمان.