اخر الاخبار

اعاد قرار وزارة الموارد المائية اخيراً بإيقاف العمل في سد مكحول التذكير بالتحذيرات التي وجهها معنيون ومهتمون بالشؤون المائية عبر تقارير متواصلة أعدتها جريدة “طريق الشعب”، من عدم جدوى هذا المشروع اقتصادياً، الى جانب المخاطر الكبيرة الناجمة عن انشائه، والتي تؤثر في مجالات عديدة.

وبررت الوزارة هذا الايقاف بانها تريد أن تتوجه نحو مشاريع اعادة تأهيل وتطوير منشآت وقنوات الري، فيما انتقد خبراء المزاجية وغياب التخطيط والاستراتيجية في مشاريع الوزارة.

تحذيرات عديدة

وفي هذا الشأن، تشير دراسات علمية إلى وجود مخاوف تتعلق بسلامة السد، إذ يؤكد خبراء ومهندسون أن التربة في المنطقة هي “تربة جبسية” وهو ما يرفع نحو احتمال انهيار السد نفسه، بسبب تركيبة التربة التي سيقام عليها، إضافة إلى ارتفاع احتمالات حدوث انزلاقات في الصخور المحيطة بالسد، كما يذكر خبراء من عدة قطاعات مختلفة، إلى جانب دراسات متعددة، أن للسد عواقب وخيمة للغاية.

وحددوا هذه العواقب بأن الضرر الذي قد ينشأ عن إقامة السد لن يتوقف عند تدمير تراث حضاري وإنساني عريق جدا، وإنما أيضاً سينجم عنه تهجير عشرات الآلاف من الأسر واختفاء نحو 40 قرية بشكل كامل، وبحسب هذه الدراسات فان السد سيغمر أيضاً 395 منشأة خدمية من مدارس وعيادات ومحطات مياه وكهرباء ومقابر وملاعب رياضية ومراكز ثقافية، كما ستتعرض قرابة 67 كيلومتراً مربعاً من الأراضي الزراعية والعقارات والبساتين للزوال.

 ليس من ضمن الاولويات!

وفي هذا الشأن، اكد المتحدث الرسمي باسم وزارة الموارد المائية علي راضي، ان وزارته اوقفت العمل بسد مكحول في الفترة الحالية، وصدر كتاب عن الوزارة ووجهت نسخ منه الى كل الجهات ذات العلاقة.

واوضح راضي في حديث خص به “طريق الشعب”، ان اسباب الايقاف جاءت لان وزارته تتجه نحو “مشاريع اعادة تأهيل الكثير من منشآت الري وتطوير القنوات واعمال الصيانة التي تجري للسدود والمنشآت، والكثير من المشاريع الاخرى التي تتناغم مع ظروف الشحة المائية التي يعيش فيها البلد”.

ونوه المتحدث الى انه “لا توجد اليوم اولوية للسدود الخزنية باعتبار ان سد مكحول هو من السدود الخزنية، فنحن نواجه ظروف شحة مائية وفراغا خزنيا كبيرا في سدودنا، لذلك اليوم نتوجه نحو المشاريع الاستراتيجية التي تؤمن الماء والامن الغذائي وتعالج الشحة المائية”.

وعن مصير الاموال التي خصصت للمشروع، قال انها ستذهب “الى مشاريع تخدم البلد في هذه الظروف وتكون اكثر جدوى من انشاء السد”.

واكتفى الناطق باسم الوزارة بالإفصاح عن هذه المعلومات فقط دون ذكر تفاصيل اخرى، مؤكدا ان وزارته ستبين اسباب الايقاف في الفترة القادمة بالتفصيل.

لا جدوى اقتصادية منه

وفي هذا الشأن، علق خبير الاستراتيجيات والسياسات المائية رمضان حمزة بأنه “لا توجد استراتيجية واضحة لدى وزارة الموارد المائية منذ عام 2003 وحتى الان، وقضية المشاريع هي مسائل استراتيجية ويجب ان تعتمد على دراسات فنية وتكون ثابتة في استراتيجية الدولة، فهي ليست مجالا لاجتهاد وزير في مرحلة معينة”.

وتابع الخبير حديثه لـ”طريق الشعب”، قائلا ان “السدود تبنى على اساس استراتيجية تخدم لمدة 50 او 70 سنة، وسد مكحول كان بديلا لسد الفتحة، والاخير كان من المفترض ان يكون احد السدود التي تجمع مياه الزاب الاعلى ودجلة، على اعتبار ان المنطقة وسطية بين سد سامراء وسد الموصل”.

واوضح حمزة في سياق حديثه بالقول: ان “الدراسات الجيولوجية ذكرت ان الطبيعة الجيولوجية تشابه سد الموصل، وتم تزحيف محور السد الى منطقة مكحول وهي ذات الطبيعة الجيولوجية من ناحية الصخور الجبسية التي تتحلل في المياه”.

ولفت الى انه “في وقتها ذكرنا ان الجدوى الاقتصادية من هذا المشروع غير مجدية، بسبب ان مستوى خزين السد هو فقط 3 مليار متر مكعب، وبكلفة 3 مليار دولار، وهذه الكلفة كبيرة”.

واكد انه الى جانب مجموعة من اصحاب الاختصاص، طرحوا “مشروعا بديلا وهو تأهيل بحيرة الثرثار بربع هذا المبلغ واقل منه، وتغطية الطبقات الجبسية التي تتسبب بتملح المياه في المنخفض، والاستفادة من هذه البحيرة على شكل مراحل، وبكل مرحلة يكون حجم المياه بقدر سد الموصل بحجم 8 سدود استراتيجية تخزن 80 مليار متر مكعب وبكلفة قليلة، لكن لم يتم الاخذ بهذا المتقرح ولم يلق اذان صاغية”.

ونوه بان “العراق لا يزال غير متمكن من ناحية الخبرة الفنية والاجهزة الموجودة في اكمال هذا السد في زمن قصير و5 سنوات تعتبر مدة طويلة، بالاضافة الى اخطار هذا السد اذا ما واجه مشاكل فهو اخطر من سد الموصل، وعلى ما يبدو ان الوزارة الجديدة عرفت ذلك”.

وعن التعامل مع مشاريع الدولة بمزاجية قال الخبير ان هذا “خطأ كبير فالدراسة الاستراتيجية التي اعتمدتها الوزارة من 2015 الى 2035 هي فقط بالاسم دراسة استراتيجية. بينما المحتوى فارغ، ولو كانت هذه الدراسة فعالة لكان على ضوء هذه الدراسة، يقرر ما اذا يبنى هذا السد او لا”.

وخلص الى ضرورة محاسبة المسؤول عن المبالغ التي صرفت لهذا المشروع، وان تكون هناك لجنة فنية محايدة وتستعرض فيها مبررات بناء السد وكذلك ايقاف العمل به”.