اخر الاخبار

تابع العالم  بقلق بالغ في الأيام الماضية التصعيد الخطير في مواقف واشنطن وموسكو، بشأن تطورات الحرب في أوكرانيا والعلاقات بينهما، والتلميحات المتزايدة الى  استخدام السلاح النووي.

ويحدث هذا فيما تحل غداً الذكرى السنوية الأولى للاجتياح الروسي للأراضي الأوكرانية واندلاع الحرب بين البلدين .

فبعد أن تسببت الحرب في وقوع خسائر جسيمة في الأرواح والمعدات والبنى التحتية، وتركت أثاراً سلبية خطيرة على الأمن الغذائي وإمدادات الطاقة في العالم، ومكّنت حلف الناتو من توسيع نفوذه، وبعد أن فاقت أرباح  شركات النفط متعددة الجنسيات مائتي مليار دولار جراء أزمة الطاقة والعقوبات على روسيا، وحققت المجمعات الصناعية العسكرية الامريكية والاوربية مكاسب وأرباحا فلكية، عبر ما رصدته دول الغرب من مليارات الدولارات لشراء الأسلحة وتزويد حكومة كييف بها، بجانب ما سببته الحرب من مصاعب معيشية وخدمية في اوربا خصوصا .. بعد هذا كله وبسببه اشتدت المخاطر التي تهدد السلم العالمي، وراحت تتدفق على كييف آخر تقنيات القتل والتدمير، مع تحريضها على رفض أية مساع لإيقاف القتال وحل المشاكل العالقة بالطرق السلمية، فيما تجري محاولات حثيثة لإلحاق الهزيمة بالقوات الروسية وإذلال حكومة موسكو، التي تواجه الأمر هي الأخرى بتعنت شديد، بدوافع الحرص على أمنها القومي.

وقد تمثل ذلك أخيرا بتعليق موسكو المشاركة في معاهدة “نيو ستارت”، التي تعد آخر اتفاقية متبقية بين روسيا والولايات المتحدة للسيطرة على الأسلحة النووية، فيما أجرت القوات الروسية من جهة ونخب من قوات الناتو والمتقدمين لعضويته من جهة أخرى ، تمارين حول سبل مواجهة الحرب النووية في حال وقوعها. 

جهود يعرقلها التعنت

وبسبب الجهود التي تبذلها واشنطن وحلفاؤها لإشراك الأمم المتحدة في إدانة روسيا ومعاقبتها، واستخدام موسكو من جهتها حق النقض في مجلس الامن بغية تجنب الإدانة، جرى تعطيل دور المنظمة الدولية في حل النزاع، وهو دور تسعى دول عديدة كالصين والهند والبرازيل وغيرها، لإعادة الاعتبار اليه من أجل حماية السلم العالمي وتجنيب العالم كارثة نووية.

وبهذا الصدد يشير أستاذ العلوم السياسية الدكتور عبد الجبار عيسى في تصريح لـ “طريق الشعب”، الى أن “الشغل الشاغل الآن هو ما إذا كان النظام الدولي على حافة الهاوية، لاسيما بعد أن تم التصريح بإمكانية اللجوء الى السلاح النووي”. ويضيف “ إذا ما تطورت هذه الحرب واستخدمت فيها الاسلحة النووية فان ذلك سيكون بمثابة يوم القيامة في العالم، لان لكل دولة من هذه الدول ترسانتها النووية وضرباتها الثأرية، وسوف لن تقتصر العواقب على دولة معينة وانما ستشمل كل دول العالم “.

نشاطات جماهيرية واسعة

وقد فضح اندلاع الحرب واستمرارها في أوكرانيا، وتمسك موسكو وواشنطن بمواصلة المحرقة، بشكل جلي حقيقة ان الطرفين لا يعيران أهمية لمخاطر الدمار البشري ولتفاقم أزمات الغذاء والطاقة، الأمر الذي يؤدي الى تنامي القلق في أوساط الرأي العام العالمي  وشعوب الأرض، وتصاعد أصوات الملايين من أنصار السلام مطالبين بتخفيف الاستقطاب الخطير بين موسكو وواشنطن وإيقاف التصعيد المتبادل بينهما، وبايقاف الحرب في أوكرانيا فوراً، والبدء بمحادثات سلام جادة في اطار الأمم المتحدة، لضمان أمن وحرية شعوب المنطقة وتقدمها السلمي.

وقد تجسدت هذه المواقف في النشاطات الجماهيرية الواسعة، وخاصة تلك التي ستنطلق في الأيام القليلة القادمة في أرجاء أوربا، استنكارا للحرب واستمرارها في أوكرانيا، والتي باتت تشكل أكبر خطر على الأمن الدولي منذ أزمة البحر الكاريبي الكاريبي في خمسينات القرن الماضي.

 ويعبر الدكتور عيسى عن موقف بعيد تماما عن التفاؤل إذْ يشير الى أن “تجار الحروب المهيمنين على المال والسلاح والاعلام، قد لا يعبأون باعتراضات الجماهير عند اتخاذ قرارات الحرب، وهذا ما حدث عشية غزو الولايات المتحدة للعراق أو إبان حرب فيتنام أو حرب فوكلاند”. ثم يستدرك قائلا ان مخاطر عدم استيعاب الضربات النووية قد تثنيهم عن الاستمرار.

وما من شك في ان شعبنا الذي قاسى مآسي الحروب المدمرة، والذي تتصدره قواه المحبة للحرية والسلام، سيكون داعما للحملة العالمية المطالبة بإيقاف الحرب وتحقيق السلام، وتجنيب البشرية الكارثة المدمرة، وأنه يتطلع الى تحقيق هذا الهدف النبيل في اسرع وقت.