اخر الاخبار

بعد الجدل الذي أثارته “مسودة لائحة تنظيم المحتوى الرقمي” في العراق، وردود الفعل الغاضبة من قبل صحفيين وناشطين وقانونيين، بسبب ما تضمنته من مفاهيم و “مفردات ملغومة” قد تؤدي الى تكميم الأفواه والعودة للدكتاتورية، أصدرت هيئة الإعلام والاتصالات العراقية، الجمعة، توضيحا أكدت فيه على لسان رئيسها، على المؤيد، أن اللائحة التي تم تداولها ليست سوى “مسودة” لتنظيم المحتوى الرقمي. وأضاف في تصريحات لوكالة الأنباء العراقية “واع” أن الهيئة “بصدد دراسة المقترح وتطويره”، إذ أنها ستأخذ كل المقترحات “التي وردت في وسائل الإعلام”. وأشار الى أن اللائحة التي تضم 36 مادة ستكون “مقبولة وتوفر الحريات العامة وتضمنها، وتنظم المحتوى الرقمي بما يحصن شبابنا في المجتمع العراقي” على حد تعبيره.

العودة إلى الدكتاتورية

من جهته عبر مركز النخيل للحقوق والحريات الصحفية عن دهشته من تضمين اللائحة “مفردات وفقرات خطيرة جداً وأخرى انطوت على عبارات فضفاضة يمكن استغلالها وتحريفها للتقييد من الحريات وتصفيات الخصومات الشخصية”، مشيرا الى الخشية من استغلال حملة “مكافحة المحتوى الهابط” التي تقودها الحكومة العراقية في “تطويع القوانين والتعليمات للنيل من الصحفيين والمدونين وتقييد الحريات”.

كما أعرب المحامي، حسين القانوني، لـ “ارفع صوتك” عن اعتقاده من إن الغاية من القانون هي “تكميم الأفواه، حيث تتناول إحدى الفقرات، المنشورات التي تسيء قولا أو فعلا للعلاقات الدولية للعراق مع محيطه الإقليمي”، مما يعني تجريم من ينتقد دولة ما، بحجة المحتوى الهابط.

وكانت وزارة الداخلية العراقية شكلت لجنة لمتابعة المحتويات في مواقع التواصل، ومعالجة “الهابط” منها وتقديم صانعيه للقضاء، فيما حكمت المحاكم فعلا بالحبس على ستة من أصل 14 من صناع المحتوى الذين تم إلقاء القبض عليهم خلال الأيام الماضية، وهو ما وصفه المحامي حسين القانوني بالطعُم الأول الذي ألقته الجهات الحكومية، ليتسنى لها بعد ذلك قمع الحريات ومنع نشر أي شيء يمكن أن يهدد نظام الحكم.

حرية التظاهر

ويدعم القانوني رأيه، بوجود نص يتعلق “بعدم بث أي خبر يهدد الأمن القومي أو يهدف إلى إسقاط النظام”، وهو ما يعني “أن أي منشور يهدف إلى التظاهر يمكن أن يعتبر تهديداً للأمن القومي أو محاولة لإسقاط النظام ويمكن أن يحيلوك إلى القضاء بهذه التهمة”. أما الناشط السياسي مصطفى السراي، فيعتقد بإن لائحة هيئة الإعلام والاتصالات قد “وضعت حدا للكثير من الظواهر السلبية في المحتوى الرقمي وعالجت بعض المشاكل، إلا أنها فتحت مشاكل جديدة وخصوصا في قضية الانتقاد والاعتراض وعرض الملفات، فليس من المعقول منع نشر ملفات الفساد ومحاسبة ناشريها، أو محاسبة منتقد مؤسسة معينة أو موقف معين”. وأعتبر السراي العبارات الفضفاضة كالمستخدمة في الفقرة الخامسة والتي تقوض عمل المعارضة الشعبية التقويمية التي من شأنها أن تعترض على السلطات العامة والأشخاص في الدولة إضافة إلى وظيفتهم، وتوجه الانتقاد والتقويم لهم، كأحد أهم الإشكاليات في اللائحة.

وعن حملة وزارة الداخلية والقضاء ضد “المحتوى الهابط” الذي ينتجه بعض المؤثرين العراقيين على مواقع التواصل الاجتماعي والتي أدت الى اعتقال عدد منهم والحكم بسجن آخرين، يقول السراي “تحمل بعض المواد تناقضا واضحا مع فقرات أخرى، مثل المادة السادسة التي تتعارض مع السابعة والتي تنص على حظر أي محتوى حول تكفير الأفراد أو الجماعات أو التحريض على تكفيرهم أو قتلهم لأي سبب كان أو إجبارهم على تغير المذهب او المعتقد. هذه المادة تتعارض مع الفقرة السابعة التي تليها حيث جرى تضمين عبارة (المعترف بها في العراق)، وهذا التناقض لابد أن يحل كي لا يستخدم للضد”. ويستطرد قائلاً “ وردت في اللائحة إشارة الى النعرات القبلية والعشائرية التي تستخدم بقصد التحريض على الكراهية والعنف بين الأفراد أو النية لارتكاب أعمال العنف أو الدعوة إليها وحتى إن كان تهديدا خفيا أو ضمنيا، حيث لا يمكن القبول باستخدام كلمات مثل النية، خفيا، ضمنيا، كبوابة لمعاقبة الناس، لأنها تخضع لاجتهادات شخصية”.

مواد ملغومة

ويعتقد الباحث السياسي والأكاديمي سيف السعدي بأن لائحة تنظيم المحتوى الرقمي في العراق، “بحاجة إلى تنظيم والأفضل أن لا تقدم إلى البرلمان لإقرارها، لأن أغلب موادها ملغومة وحمالة أوجه، من ضمنها المواد 13 و14 و16 وهي تتعلق بالإساءة لمكانة الأسرة ومخالفة الآداب العامة “. وينتقد السعدي أيضا “المواد 25 و26 و27 من اللائحة التي تتحدث عن إلحاق الضرر بالآداب العامة ومخالفة عادات وتقاليد المجتمع أو الإيحاء بالإغراء الجنسي وقرارات تخص تسجيل المواقع لأنها خاضعة للتفسيرات الشخصية، ويمكن أن يتم تطبيقها ليس على أساس الجرم المرتكب وإنما على أساس الانتماء”. ويصف السعدي العديد من مواد اللائحة وكأنها “حقل ألغام يمكن أن ينفجر على أي مستخدم لمواقع التواصل الاجتماعي أو يعمل على محتوى رقمي، مثل المادة الرابعة المتعلقة بالعنف والتطرف والتي تتحدث عن فعل أو قول أو إيماء من شأنه إثارة النعرات الطائفية أو تهديد الأمن القومي ووحدة البلاد أو الممارسات الديمقراطية”.