اخر الاخبار

اصدرت وحدة المعلومات الاقتصادية EIU، مؤشرها السنوي للديمقراطية في العالم وكان العراق خارج هذا المؤشر، فيما عزا معنيون ذلك للمشاكل والقيود التي تواجهها حرية الصحافة والتعبير في البلاد.

ولم يبدِ ناشطون استغرابا من عدم وجود العراق ضمن هذه اللائحة بسبب ما يواجهون من تضييق واستبداد، تمارسه القوى المتنفذة.

ووفقًا للمؤشر، فإن الدول الأكثر ديمقراطية في العالم هي النرويج ونيوزيلندا وفنلندا والسويد وأيسلندا والدنمارك وإيرلندا وتايوان وأستراليا وسويسرا، بينما كانت سوريا الدولة العربية الوحيدة ضمن قائمة الدول الأسوأ في ما يتعلق بالديمقراطية.

كيف يعمل المؤشر الديمقراطي؟

وتجمع وحدة المعلومات الاقتصادية (EIU) بيانات بشكل سنوي، لتحديد مستويات الديمقراطية حول العالم، فيما يسمى “مؤشر الديمقراطية العالمي”، حيث يعتمد هذا المؤشر على مقياس من 0 إلى 10 لقياس المؤشرات التالية في جميع دول العالم سنوياً ومن هذه المؤشرات هي الحريات المدنية، العملية الانتخابية والتعددية، عمل الحكومة، الثقافة السياسية والمشاركة السياسية، وعلى أساس ذلك يقسم المؤشر دول العالم إلى دول “تتمتع بالديمقراطيات الكاملة” حيث تتميز هذه الدول بوجود: انتخابات حرة ونزيهة، الحقوق السياسية والحريات المدنية، ثقافة سياسية قوية، حكومة تعمل بشكل فعال لمصلحة المواطنين، وجود وسائل الإعلام المتنوعة والمستقلة، قضاء مستقل، ديمقراطية مزدهرة باستمرار. وايضا “الديمقراطيات المعيبة” حيث ان الدول التي تصنف تحت هذه الفئة يلاحظ فيها وجود: انتخابات حرة ونزيهة، الحقوق السياسية والحريات المدنية، الحكم غير الكافي أو غير الفعال، ثقافة سياسية متخلفة، ضعف المشاركة السياسية. وفي ما يخص “دول الأنظمة الهجينة” فيلاحظ فيها وجود: مخالفات في الانتخابات، ضغوط الحكومة على المعارضة، ثقافة سياسية ضعيفة، حكومة غير فعالة، ضعف سيادة القانون، مجتمع مدني ضعيف، الضغط على الصحافة وسلطة قضائية غير مستقلة

قيود حرية التعبير

وتعليقا على ذلك، يقول الصحافي والقانوني دولفان برواري في حديث مع مراسل “طريق الشعب”، ان حرية الصحافة والتعبير أحد أبرز معايير تقييم الانظمة الديمقراطية في العالم. وفي العراق تعاني هذه الحرية مشكلات عديدة.

ويسترسل برواري بالحديث: ان “اولى تلك المشكلات هي عدم توافق القوانين العراقية والمعايير الدولية والمواثيق والمعاهدات التي وقع عليها العراق. ببساطة: العراق لم يوفِ بالتزاماته الدولية التي تقع على عاتقه في مجال الصحافة وحرية التعبير التي وقع عليها في العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية”.

ويؤشر المتحدث وجود مخالفة في الدستور العراقي، قائلا: ان “العهد الدولي وضع ثلاثة شروط لتقييد حرية الصحافة والتعبير في الدول بالقوانين الداخلية. واول هذه الشروط ان يكون التقييد بموجب قانون. بمعنى يصدر قانون بهذا التقييد. والشرط الثاني ان يكون هذا التقييد ضروريا لتنظيم هذه الحرية. والشرط الثالث ان يكون التقييد متناسبا مع حجم التنظيم”، مردفا كلامه بان “الدستور العراقي يخالف هذا الامر: هناك مادة تؤكد امكانية تقييد الحقوق والحريات بقانون او بناءً على قانون. بما معناه انه يمكن لهيئة تنفيذية قائمة بموجب قانون أن تصدر لوائح تقيّد حرية الصحافة والتعبير”.

ويستشهد برواري على ذلك بمثال: ان “هيئة الاعلام والاتصالات في العراق، هي كيان قائم بموجب قانون، ووفقه تقوم بتقييد حرية الصحافة بمجموعة من اللوائح، بضمنها لائحة تنظيم البث الاذاعي والتلفزيوني التي يتم استخدامها حالياً في تقييد عمل الاذاعات والتلفزيونات”، يذكر ذلك بأسف واستياء.

قانون لانتهاك الحريات!

ويواصل برواري، ان هناك “مجموعة مشاكل في القوانين التي شرعت في العراق منذ العام 2003 وحتى الان، والمتعلقة بحرية الصحافة والتعبير؛ فقانون حماية الصحفيين يفرض الكثير من القيود التي لا تتناسب مع الدستور العراقي والمواثيق والعهود الدولية، وهو ايضا لا يعطي اية حقوق للصحفيين، بل على العكس يفرض عليهم مجموعة من القيود، وربما الوضع يكون افضل من دون هذا القانون” بحسب رأيه.

ويضيف أن هناك عددا من القوانين النافذة التي سُنت في زمن النظام السابق، والتي تنص على مجموعة من القيود المفروضة على حرية التعبير والصحافة.

السلاح والميليشيات

ويشير المتحدث الى أن “السلاح المنفلت والميلشيات والعشائر وحتى المؤسسات الحزبية للمتنفذين داخل الدولة، تشكل جميعها عوامل مقيدة لحرية الصحافة والتعبير في العراق. بالتالي لا يمكن تصنيف العراق ضمن لائحة الدول الديمقراطية، طالما لدينا مشاكل في حرية الصحافة والتعبير باعتبارها اكثر الحقوق التي يجب ان تكون مضمونة في الانظمة الديمقراطية”.

دكتاتورية من نوع آخر

أما الناشط والمدون أحمد الطائي، فيصف خروج العراق من هذه اللائحة بأنه “غير مستغرب”، لأن العراقيين “يعيشون منذ العام 2003 وحتى الان دكتاتورية بشكل اخر: الحريات مفقودة، فقد بانت وحشية هذه المنظومة السياسية في انتفاضة تشرين 2019، والتي تفننت بقمع المحتجين وقتلهم” بحسب قوله.

ويقول الطائي لـ”طريق الشعب”: ان من “يعارضون منظومة المتنفذين اليوم، يعانون جملة من الانتهاكات التي تطالهم، منها الخطف والاغتيالات، اضافة الى الحرب القذرة المتمثلة بتشويه السمعة والتشهير حيث يتم اختطاف بعضهم ويتم ابتزازهم بمقاطع وصور تؤخذ لهم تحت ضغط التعذيب والتخويف”.

ويضيف ان “القوى السياسية تتحمل المسؤولية كاملة، ولا يمكن ايضا الحديث عن حريات او إحياء للديمقراطية في ظل المنظومة الحالية المأزومة ما لم تتم ازاحتها من خلال التغيير الشامل”.

ديمقراطية مشوّهة 

الناشط والمهتم بقضايا الحقوق المدنية مازن محبوبة، يقول إن “التعامل مع الاحتجاجات السلمية في العراق دائما ما يتسم بالعنف؛ فالكثير من الناشطين والمتظاهرين تعرضوا وما زالوا الى عمليات اغتيال وخطف وتغييب”.

ويضيف ان العراق “امام العالم يعد بلد حريات ديمقراطي، ولكن في الحقيقة تمارس القوى المتنفذة الدكتاتورية الناعمة، التي تشمل كل من ينتقد او يعارض المنظومة السياسية”.

ويتابع محبوبة في حديثه لـ”طريق الشعب”، قائلا ان “الحقوق الدستورية يجب أن تحترم”، مشددا على ضرورة قيام الاعلام بلعب دور رئيسي في نقل الحقيقة من دون تزييف او تضليل أو تلميع، وبالتالي فان ذلك سيشكل ضغطا على الجهات المعنية لتحسن سلوكها والانضباط اكثر؛ فالديمقراطية في العراق منقوصة ومشوّهة”.

وفي ختام حديثه، ينبه محبوبة الى ان استمرار الحال على ما هو عليه “سيأخذنا الى منزلقات خطرة لا تحمد عقباها، ودوامة لا متناهية من القمع والاستبداد غير قابلة للكسر، بخاصة أن القوى المتنفذة تملك المال والسلاح والاعلام، ومستعدة لنسف اي محاولة او عملية تغيير في البلاد”.

عرض مقالات: