اخر الاخبار

العراق وأزمة الدولار

إهتمت الصحف العالمية خلال هذا الإسبوع بالأزمة التي تفاقمت في البلاد بعد تدهور سعر صرف العملة الوطنية مقابل إرتفاع غير مسيطر عليه لسعر صرف الدولار في الأسواق الموازية، حيث نشرت صحيفة الفاينانشيال تايمز مقالاً بقلم ريا الجلبي ذكرت فيه بأن رئيس الحكومة قد أقال محافظ البنك المركزي وعيّن محله المحافظ السابق بالوكالة، في مسعى منه لوقف تدهور قيمة العملة الوطنية. وفيما حدد المقال الإتجاه السياسي للمحافظين السابق والحالي، وإرتباطهما بالكتل المتنفذة، أشار إلى اعتماد الاقتصاد العراقي على الدولار الأمريكي بشكل كبير، مما يجعله عرضة لهزات قوية جراء حدوث فرق شاسع (وصل إلى 7 في المائة) بين قيمة الدولار في البنك (1460 دينار) وقيمته في السوق الموازية (1690 دينار)، وما يسببه ذلك من تراجع في القوة الشرائية للمواطنين وارتفاع أسعار السلع المستوردة.

لوائح صارمة

وأشارت الصحيفة إلى أن انخفاض قيمة العملة هو نتيجة للوائح الصارمة التي تريد جعل البنوك العراقية أكثر امتثالاً لنظام التحويل الدولي السريع، وهو أمر يسمح للعراق الوصول إلى احتياطياته من الدولار والموجودة في الفيدرالي الأمريكي، ويكبح التدفقات النقدية الخفية إلى دور الجوار.

وبموجب القيود الجديدة ، يتعين على البنوك العراقية استخدام منصة على الإنترنت للكشف عن معاملاتها وعن المرسل والمستفيدين، فيما يمكن للمسؤولين الأمريكيين الاعتراض على طلبات النقل المشبوهة. وأشارت الصحيفة إلى أن البنوك التي امتنعت عن التسجيل في المنصة الإلكترونية لجأت إلى الأسواق الحرة في بغداد لشراء الدولار، مما تسبب في زيادة الطلب على العرض.

بين نارين

وذكرت جلبي بأن رئيس الحكومة قد كّلف، وتحت ضغط واشنطن، قوات مكافحة الإرهاب بإغلاق صيرفات ومحاسبة تجار، عُرفوا بتهريب العملة إلى إيران، وهو ما يمثل اختبارا مبكرا له منذ توليه منصبه قبل أشهر، لاسيما في إتباع سياسة متوازنة تضمن الحفاظ على علاقات ودية مع طهران، وعدم مخالفة ضوابط مجلس الاحتياطي الفيدرالي، الذي يريد وقف حصول إيران على الدولار وممارسة مزيد من الضغط على طهران.

تهريب متواصل

وأشارت الصحيفة إلى أن إيران بحاجة إلى الدولارات لتحقيق الاستقرار في اقتصادها المتدهور والذي تضرر بشدة من العقوبات الأمريكية حيث فقدت العملة حوالي 30 في المائة من قيمتها خلال أقل من نصف عام. وأشار مستشاران للبنوك العراقية الخاصة للصحيفة، بأن إيران تتلقى حوالي 100 مليون دولار شهريًا من تجار عراقيين، فيما أكد لها عقيد في شرطة الحدود في معبر الشلامجة على إن عشرات المهربين يشترون الدولارات من أسواق العملة في بغداد ويستخدمون حقائب مدرسية لنقلها عبر الحدود تحت حماية حراس مسلحين.

الأزمة مستمرة

من جانبها، أشارت شبكة الميدل أيست أي، إلى ما يتعرض له الاقتصاد العراقي من ضغوط كبيرة، يمكن أن تستمر لأسابيع جراء تدهور قيمة الدينار بسبب القيود المفروضة من الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي، والتي أدت إلى شحة وصوله. وبينت أن العراق لا يعاني من أزمة نقص في الدولار، بل في الدينار، حيث تعتمد الحكومة على الأسواق للحصول عليه، وبالتالي تغطية رواتب ومستحقات الموظفين والمتقاعدين. وتوقعت الشبكة فشل الحكومة في تسديد هذه الرواتب، إذا لم تستطع بيع 275 مليون دولار يومياً، وهو أمر بات صعباً في ظل الأزمة.

وحول إطلاق البنك المركزي لمنصة الكترونية لبيع الدولار، نقلت الشبكة عن أحد مستشاري رئيس الوزراء تشاؤمه من تحقيق المبيعات المطلوبة عبر المنصة، بسبب عدم رغبة معظم المتعاملين، الكشف عن معلوماتهم الشخصية أو مصادر الدخل التي حصلوا على الدولار من خلالها لموقع المنصة حسب التعليمات. وحذر المستشار من إرتفاع التضخم وفقدان الدينار للمزيد من قيمته، إذا ما إضطرت الحكومة لطباعة المزيد منه لسد النقص وتوفير النقد اللازم للإنفاق التشغيلي بعد أن يصبح صعباً إستعادة الدينار العراقي من الأسواق من خلال بيع الدولار.