اخر الاخبار

يعد العراق من اكثر الدول تلوثا، في مختلف المرافق الحيوية، نتيجة للإهمال وعدم التعامل مع قضايا البيئية والمناخ والصحة بشكل جدي، الامر الذي انعكس بشكل سلبي على حياة الناس، الذين يعانون الامرّين جراء استفحال التلوث في البلاد.

تلوث الهواء

ويبدو ان الأكثر الحاحا في الوقت الحالي هو موضوع تلوث الهواء، في ظل استمرار حرق الغاز في آبار النفط، واستخدام مولدات الديزل الأهلية في توليد الكهرباء، وحرق النفايات والمخلفات بمختلف أشكالها.

وكشف مؤشر “أي كيو اير” الدولي المعني بشؤون تلوث الجو، امس الاربعاء، عن اكثر بلدان العالم إصابة بالتلوث الجوي خلال العام الماضي 2022، مؤكداً أن العراق يحتل المرتبة التاسعة عالميا.

وأوضح المؤشر بحسب البيانات، أن “نسبة التلوث الجوي المرتفعة في العراق تحصل نتيجة لــ “عوادم السيارات، مخلفات الحرب، استخدام مولدات الطاقة الكهربائية الخاصة بسبب ضعف تجهيز الطاقة، بالإضافة الى الحرائق المستمرة للغاز المصاحب من حقول النفط والمصافي”.

واضاف، أن “من الأسباب الأخرى التي اثرت على نوعية الهواء في العراق، هو احتراق معمل المشراق للكبريت عام 2003 والذي استمر لثلاثة أسابيع قبل اطفائه ليدخل التاريخ كـأكبر كارثة تسرب غاز ثاني أوكسيد الكبريت في العالم وقعت بخطأ بشري”.

ولفت المؤشر الى أن “مدينة أربيل، هي الأعلى بنسبة التلوث الجوي في العراق، إذ أن نسبها تزيد بمعدل النصف عن نظيرتها في بغداد”، مشيرا إلى “الدور الذي يلعبه استخراج النفط والغاز في كردستان بمضاعفة نسبة التلوث”.

مصادر التلوث

وفي هذا السياق، اشارت المختصة في قضايا البيئة هدى كامل الى ان “العراق احد اكثر البلدان إهمالا لموضوع التلوث المناخي، نتيجة عدم قيام الجهات ذات الصلة المباشرة بالموضوع بتشديد الرقابة على مصادر الملوثات”.

وأضافت كامل، ان “وزارة الصحة والبيئة هي احد مصادر تلوث الهواء بالإضافة الى الماء، نتيجة للمخلفات التي تطرحها في مياه نهري دجلة والفرات، اضافة الى المحارق التي تمتلكها المستشفيات والتي تتسبب يوميا بتلويث الهواء نتيجة حرق أطنان من المخلفات الطبية والجراحية”.

وتبيّن، أن “الشركات النفطية من اكبر المساهمين في تلوث الهواء، نتيجة لاستمرار حرق الغاز في حقول النفط وخاصة في محافظات الوسط والجنوب والإقليم، معتبرة استمرار حرق الغاز احد ابرز الملوثات التي يجب على الحكومة ووزارة النفط معالجتها دون تردد، منوهة الى ان الانبعاثات من عوادم السيارات والمولدات الاهلية ساهم في تلوث الهواء بشكل كبير”.

وتابعت، ان “جهات متنفذة تعمل في تجارة النفايات هي الاخرى من المساهمين الكبار في تلوث الاجواء من خلال حرق بقايا النفايات بعد نبشها. ويمكن ملاحظة ذلك أن سماء بغداد وبعض المحافظات تتحول الى كتلة من الدخان الخانق الباعث للغازات السامة وخاصة بعد الساعة العاشرة مساء، بشكل شبه يومي”.

وتعتقد كامل أن قضية معالجة تلوث الهواء بحاجة الى ارادة حكومية، فمن غير المعقول الاستمرار في الوضع الحالي، خاصة في ظل استمرار تفشي الامراض الخطيرة التي يعتبر تلوث الهواء احد اهم مصادرها، موضحة ان معالجة اساس المشكلة افضل من ملاحقة تبعاتها، ويمكن ملاحظة ذلك من اعداد المصابين بالسرطان في المستشفيات.

نتائج التلوث

وكشفت منظمة الصحة العالمية، يوم السبت الماضي، عن إصابة 35 ألف شخص بمرض “السرطان” في العراق، مبينة أن “57 في المائة منهم نساء”.

وسجلت محافظة البصرة، خلال الأعوام 2016 و2017 نحو 600 حالة إصابة بالسرطان شهرياً، لكن في عام 2019 سجلت البصرة نحو 800 إصابة بالشهر الواحد، ووفقا لمدير مكتب مفوضية حقوق الإنسان في البصرة مهدي التميمي، الذي يتوقع وصول أعداد المصابين بالسرطان في المحافظة إلى 1500 حالة شهرياً حتى عام 2025، مشيرا إلى ان “وزارة الصحة تتعمد إخفاء أعداد المصابين بالسرطان في البصرة، منذ سنوات”.

يذكر أنّ عضو الجمعية الملكية البريطانية للأطباء وعالم الأورام، جواد العلكي، كان قد وصف البصرة، في وقت سابق، بأنها “هيروشيما أخرى”، موضحاً أنّ الإصابة بالسرطان أصبحت خطراً يهدد أكثر من 40 في المائة من سكّانها.