اخر الاخبار

اصدر فريق (مدافعون لحقوق الانسان)، اخيراً، تقريره السنوي الموجز حول واقع حقوق الانسان في العراق لسنة 2022، والذي راجع اهم الانتهاكات التي استمرت بدون إجراءات مساءلة، او التي تم ارتكابها خلال هذا العام، لكي يكون مرجعا سريعا امام الرأي العام المحلي والدولي، وأمام السلطات للاستفادة منها او تحسين ادائها في التعامل مع ملف حقوق الانسان.

تقييم لأوضاع العراق في 2022

وبحسب مراسلون بلا حدود، فأن العراق تراجع 9 مراتب إلى الوراء عن سنة 2021، وجاء بالمرتبة 172 في مؤشر حالة حرية الصحافة في 180 دولة ومنطقة.

أما جمعية الدفاع عن حرية الصحافة في العراق، فقد وثقت “380 حالة انتهاك صريحة تنافي المادة 38 من الدستور وبأشكال مختلفة، في حين تجاوزت الانتهاكات بزيادة 47 انتهاكا عن عام 2021، منها 40 في إقليم كردستان”.

 وكان  أكثر أنواع الانتهاكات شيوعا بحسب التقرير هو “الاعتداء بالضرب ومنع وعرقلة التغطية من قبل القوات الأمنية الرسمية، حيث سجلت 54 حالة في عام 2022، و60 حالة اعتقال واحتجاز دون مذكرات  قبض، و12 حالة مداهمة وهجوم مسلح لمؤسسات إعلامية ومنازل صحفيين”، فضلاً عن “9 دعاوى قضائية رفعت بحق صحفيين ومؤسسات إعلامية و9 حالات إصابات أثناء التغطية، وحالتي تهديد بالقتل والتصفية الجسدية، و28 حالة تقييد جاءت نتيجة كتب رسمية صادرة عن مؤسسات حكومية”.

وأضاف التقرير، انه “في آخر تصنيف لمنظمة الشفافية الدولية وهي منظمة عالمية غير حكومية، تقود الحرب ضد الفساد، احتل العراق المرتبة 157 من 180 دولة، وبواقع مقياس 23 من 100، بحسب آخر تصنيف للدول من قبل المنظمة في مجال مكافحة الفساد، وهو لسنة 2021”.

أما في آخر تقرير لمنظمة العفو الدولية فقد اكد، ان “الجهات المسلحة التابعة للدولة استهدفت المعارضين والنشطاء وهددتهم واختطفتهم وأعدمتهم خارج نطاق القضاء وكذلك عائلاتهم، ما دفع الناجين الى الفرار للاختباء، فيما اعتقلت السلطات العراقية وحاكمت أفرادا على بعض هذه الهجمات، وقد ظل عشرات الأشخاص متخفين”.

وايضا “قمعت حكومة إقليم كردستان المعارضة وحكمت على نشطاء وصحفيين بموجب قوانين الأمن القومي والجرائم الإلكترونية، بسبب أفعال تتعلق بحرية التعبير. كما فرقت قوات الأمن والمخابرات التابعة لحكومة إقليم كردستان المتظاهرين بعنف واعتقلتهم”.

تسويف مستمر

واستمر التسويف في ملفات انتهاكات حقوق الانسان المتراكمة منذ سنوات، والتي مرت عليها حكومات متعددة ووعود متكررة بتحقيق العدالة، لكن بلا اجراءات حقيقية”.

وتطرق التقرير الى ملف المفقودين والمختفين قسرا خلال فترة احتلال تنظيم داعش وفي أثناء عمليات التحرير، حيث قدرت الجهات الرسمية اختفاء بحدود (8000 ــ 11000) حسب الشكاوى والبلاغات المقدمة لهذه الجهات، والتي تتعلق بفترات مختلفة منها: خلال فترة سقوط المدن تحت تنظيم داعش وخلال حكم التنظيم. ثم خلال فترة تحرير المناطق من داعش من قبل القوات الامنية العراقية مدعومة بالتحالف الدولي والمجاميع الساندة. واخيرا خلال بداية سيطرة الجهات الامنية الرسمية او الساندة على المدن المحررة.

وبحسب البلاغات والشكاوى، فإن الجهات المتهمة “اما مجهولة او تنظيم داعش او القوات الامنية العراقية او المجاميع المسلحة، وعلى الرغم من تشكيل لجان لأجل التحقيق في القضية الا ان الاجراءات تكاد تكون معدومة؛ فلا توجد قاعدة بيانات مركزية حول الاسماء، ولا خطة وطنية واضحة للعمل في الملف، كما أن مسؤوليات كل مؤسسة غير واضحة أيضا”.

ملف النازحين

ولا يزال ملف النازحين متلكئا، وفيه انتهاكات واضحة ضد المدنيين؛ فعلى الرغم من إعلان الحكومات السابقة عزمها إغلاق الملف بالكامل، في 2019 و2021 لكن لا تزال التقارير الدولية تتحدث عن مليون و176 الف نازح. وبحسب التقارير فإن نسبة 25 في المائة فقط من هذا العدد مسجلة لدى وزارة الهجرة.

تجميد عمل مفوضية حقوق الإنسان

وتناول التقرير “استمرار تجميد عمل مفوضية حقوق الانسان؛ فمنذ تموز 2021 وبسبب انتهاء الولاية القانونية لمجلس المفوضين (الدورة الثانية)، اخفق البرلمان في تشكيل مجلس مفوضين جديد، في حين طالب البرلمان من مجلس المفوضين المنتهية ولايته بعدم ممارسة اي مهام بعد انتهاء المدة القانونية، ولم يوافق على تمديد عمل المجلس.

 وبحسب التقرير فان البرلمان “صمت عن تدخل مجلس الوزراء بشكل غير قانوني في تشكيل لجنة لإدارة المفوضية، والتي كانت بحجة دفع رواتب الموظفين، ولكنها بدأت تمارس صلاحيات إدارية ومالية اوسع، وبشكل مخالف لقانون المفوضية، بل حتى الصلاحيات الممنوحة لها في قرار مجلس الوزراء (362) لسنة 2021. وفي الوقت ذاته تواجه المفوضية خطورة فقدان تصنيفها في التحالف العالمي لمؤسسات حقوق الانسان، والذي تم رفعه مؤخرا في تموز 2021 الى تصنيف (9)، بسبب عدم تشكيل مجلس مفوضين، إلى جانب التدخلات في عملها”.

ملف الإتجار بالبشر في العراق

وتناول التقرير ملف الاتجار بالبشر “بحسب آخر تقرير صادر عن وزارة الخارجية الأمريكية، والذي وضع العراق في تصنيف (38) (2 (Tire، حيث لم تفِ حكومة العراق تماما بالمعايير الدنيا للقضاء على الاتجار بالأشخاص، لكنها تبذل جهودا كبيرة للقيام بذلك”.

 وشملت هذه الجهود إدانة المزيد من المتاجرين بمن فيهم المسؤولون المتواطئون، تعزيز قدرات مديرية مكافحة الاتجار بالبشر التابعة لوزارة الداخلية بتمويل وموظفين إضافيين وزيادة التدريب على إنفاذ القانون لتحسين معرفة المسؤولين بقوانين مكافحة الاتجار بالبشر.

ملف التعذيب

وفي تشرين الثاني 2022 اثار الاعلام المحلي قضية المواطن من محافظة كركوك حسن اسود الطائي، والذي تعرض في وقت سابق إلى احتجاز وتعذيب تسبب في بتر احد يديه، وتعرضت عائلة الشاب لضغوطات أمنية وعشائرية وتهديدات لإرغامهم على التنازل عن الدعوى المرفوعة ضد الضباط المتورطين.

ويوثق تقرير لبعثة الامم المتحدة لمساعدة العراق ـ يونامي، مكتب حقوق الانسان، والذي يغطي الفترة من 1 تموز 2019 إلى 30 نيسان 2021 ويستند إلى مقابلات مع 235 شخصا محرومين من حريتهم، انه “قدم أكثر من نصف المحتجزين الذين قابلتهم بعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق/ المفوضية السامية لحقوق الإنسان، لهذا التقرير روايات موثوقة عن التعذيب، بما يتفق مع الأنماط والاتجاهات الموثقة في الماضي من قبل يونامي وغيرها من المنظمات”.

التوصيات

وترى مجموعة مدافعون لحقوق الانسان، ان استمرار هذه الانتهاكات يولد قناعة لدى الفرد على عدم قدرة الدولة على حماية الحقوق والحربات المنصوص في الدستور العراقي، والصكوك الدولية المصادق عليها من قبل العراق بل عدم وجود إرادة سياسية لذلك، وان منحنى النظام السياسي الديمقراطي في تراجع وانحراف خطير، نحو مسار سلطوي.

كما تلاحظ المجموعة “من خلال المعطيات الموجودة والمتراكمة من أن ثقة الشعب بالنظام السياسي والعملية السياسية أصبحت شبه معدومة، حيث ان وجودها أصبح شكليا فقط، من خلال انتخابات كل أربع سنوات بلا تغيير حقيقي او اهتمام بهموم المواطن”، محذرين من أن “فقدان الثقة التامة بالنظام والدولة قد يليه شعور بالعداوة مع الدولة والذي قد ينتهي بتمرد على الدولة”.

ودعا الفريق “المجتمع الدولي من خلال تعامله مع القوى السياسية المحلية في العراق، الى الانتباه لكي لا يكون مساهما بشكل واخر في تقويض النظام الديمقراطي ودعم التحول الى نظام سلطوي”، مؤكدين ان “احترام حقوق الانسان وحماية الحريات هو السبيل الوحيد لبناء نظام ديمقراطي وازدهار حقيقي وتحقيق الاستقرار في البلد”.