اخر الاخبار

من المتوقع أن يشهد العراق موجة احتجاجات شعبية غاضبة، على اعتبار ان الأزمات لم تعالج، بل تفاقمت أكثر، كما أن المعاناة تنهش بالمواطن العراقي، وهو ما يستدعي أن تكون هناك جبهة مدنية تمتلك أهدافا ورؤى ثابتة لقيادة المرحلة القادمة سياسيا واحتجاجياً، فما هي الاستعدادات؟

توحيد الرؤى

وقال الناشط النجفي حسنين العميدي ان “الحركة الاحتجاجية في الفترات السابقة تمخضت عنها قوى وأحزاب وطنية ناشئة”، مردفا أنه “في ذات الوقت هناك الكثير من المحتجين لم ينضووا في احزاب معينة، ما خلق هوّة بالحراك الاحتجاجي على الرغم من ان المشتركات كثيرة”.

وأكد العميدي في حديثه لـ”طريق الشعب”، أن “الكثير من هؤلاء الشباب يفتقرون إلى التنظيم، وهنا يجب ان يتم توضيح الصورة للشباب الذين يرفضون التنظيم، من خلال لقاءات وحوارات ومؤتمرات خاصة بذلك لمعالجة هذا الخلل؛ ففي الحراك الاحتجاجي في أيام انتفاضة تشرين كانت هناك خطوات رائعة، في الساحة تتثمل بجلسات الحوار والندوات، بينما نفتقد اليوم هذه الفعاليات المهمة على ارض الواقع”.

وفي خضم توترات المرحلة قال العميدي انه “يتحتم علينا اليوم أن نعملَ على خلق أجواء، من خلال سلسلة من الخطوات الفاعلة التي تؤدي الى تواصل وتوحيد الرؤى، ولا ينبغي ان تكون هذه الخطوات على مستوى محافظة واحدة فقط، بل في عموم المحافظات لكل من يسير في الخط الرافض لهذه المنظومة السياسية التي تسيطر عليها الميليشيات”.

وشدد في كلامه على أن هناك “قدرة على توحيد الصف، وان الارضية جدا صالحة، والفجوة كبيرة اليوم بين المواطن والسلطة، ومن الخطأ ان نعيش في عزلة عن المواطن ونسلك سلوكيات قوى السلطة، فإذا استمر التواصل بين ابناء الخط الاحتجاجي، فمن الضروري ان تكون الخطوة الاخرى هي توطيد العلاقة بين الحركات الاحتجاجية، وابناء المجتمع استعداد للقادم”.

قنبلة موقوتة

من جانبه، وصف المتظاهر مرتضى علي وهو أحد ناشطي ذي قار، بأنهم “قنبلة موقوتة ومهيأ في اي لحظة للانفجار، وفي ذات الوقت هناك مخاوف من ان يتم استغلال احتجاجهم من قبل قوى السلطة لتصفية الخصوم، بينما هناك رغبة حقيقية قوية في النزول الى الشارع”.

وذكر في حديث خصّ به “طريق الشعب”، ان “الأحزاب التي انبثقت من تشرين منها امتداد والبيت الوطني ونازل اخذ حقي، استطاعت تنظيم قسم من الجمهور، في المقابل هناك قسم اخر بقي مستقلا، فالشباب المحتج كان يرفض فكرة القيادة، لكن اليوم هناك تفاهمات بين الشباب واتفاقات بأن تبرز قيادات لقيادة الاحتجاج، ووارد جدا تنظيم صفوف جميع الشباب ومن جميع الحركات والأحزاب التي انبثقت من تشرين”.

وعن مكاسب هذا التنظيم قال انه “سيحقق مكاسب كبيرة للاحتجاج، وهو قوة للحركة الاحتجاجية، فواحدة من نقاط ضعف تشرين أنها لم تكن لها قيادة مركزية او تنظيم، وإذا ما نجح الشباب في إبراز قيادة لهذا الاحتجاج ستكون هناك رؤية واضحة للقيادة بالمستقبل”.

ووجّه الناشط رسالة “الى جميع شبابنا بالعراق بان يوحدوا صفوفهم، وتكون كلمتهم واحدة، ويتركوا التخوين او المصادمات الشخصية، فالمشتركات التي تجمعنا نحن كشباب احرار كبيرة جدا، فمن المفترض انه حتى لو كانت هناك خلافات شخصية، يجب ان تترك جانبا من اجل قضيتنا الوطنية الكبرى في سبيل قيادة مرحلة المقبلة”.

السلطة لن تنتج حلول

وعلى صعيد ذي صلة، قال الناشط زين العابدين البصري من محافظة البصرة، ان “المشهد في العراق عبارة عن احتجاجات مطلبية عارمة، تشمل جميع المحافظات. وبطبيعة الحال لا تزال الاحتجاجات المطلبية هي سيدة الواقع اليوم بسبب سوء الخدمات والأزمات المتعددة التي تشهدها المحافظات”، منوها بانه “لا يمكن ان نجزم بان الشارع سيمتاز بالهدوء والركود في الفترة المقبلة، فالحكومة وقوى السلطة لن تنتج حلولا جذرية، وهو ما يذهب بنا باتجاه ان تحدث ردود فعل شعبية في الشارع”.

وأوضح البصري لـ “طريق الشعب”، قائلا: “الحراك الاحتجاجي لكي يأخذ أثره ويحقق مطالبه، لا بد ان يمتاز بالتنظيم، ويكون له فواعل ورؤوس، بينما الساحة لا تزال تشهد غياب التنظيمات على مستوى التنسيقيات الاحتجاجية”، لافتا إلى انه “في الفترة الأخيرة شاهدنا ان عددا من التنسيقيات الاحتجاجية أصبحت ادوات فاعلة بيد السلطة، التي استحكمت قبضتها على هذه الفواعل وأصبحت مسيطرة على زمام الأمور”.

وأكد في حديثه أن “النشطاء وفواعل الاحتجاج في الشارع البصري يزامنون ويواكبون كل الاحتجاجات الشعبية ويدعمونها، لكن التوجه اليوم أنضج بالنسبة للنشطاء، والنظرة أوسع، فهم ينظرون للأزمة والى حلولها الجذرية لا الترقيعية التي تنتهجها الحكومة، فأصبحت هناك مطالبة اليوم ببرامج حكومية ممكن ان تنتشل العراق من واقعه على النواحي الاجتماعية والاقتصادية والبيئية المزرية”.

وبيّن أن وضع الحركات الاحتجاجية في البصرة “بالنسبة للشارع في الوقت الحالي هو عبارة عن مجاميع مغلقة ولكل مجموعة اهداف فرعية متفرقة، تحول دون جمعهم تحت سقف مشترك، فالبعض يطالب بالفيدرالية والاخر بتغيير البرنامج الاقتصادي للعراق، واخر عن تغيير نظام الحكم”.

وشدد على ضرورة ان تكون هناك “مبادرات في الوقت الحالي تجمع هذه المجاميع وتخرج بمؤتمرات وتنضج المسار وتجمع هذه الأهداف على طاولة مشتركة، وهذا يمكن ان يحرك الركود الموجود في الأوساط المدنية”.

وأكد السعي الى “توحيد الحراك الاحتجاجي والسياسي، فلا يمكن ان نتصور ان الحركات المدنية متفرقة، فهذا ضعف ويجب ان نحكم قبضتنا ونكون أكثر تنظيما، وكل ما نحتاجه هو ان تتظافر الجهود لتوحيد الخطاب المدني والجبهات المدنية”.

عرض مقالات: