أصدر مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية تقريراً، وجه فيه نداءً “لاستعادة” الأهوار العراقية، فيما أكدت الخارجية الامريكية على دعمها للجهود الدولية والمحلية في هذا الملف. ويعمل ناشطون محليون “لاستعادة” الأهوار لما تملكه من “تنوع احيائي” مهم، لكنهم دائماً ما يصطدمون بإهمال حكومي لم يوفر “متطلبات اليونسكو” الخاصة بضم الأهوار إلى لائحة التراث العالمي. وتؤكد وزارة الموارد المائية أن الأهوار لا تصلح كي تكون خزينا مائيا دائما، لكنها في الوقت ذاته تسعى للحفاظ على المسطحات المائية العميقة، في الأهوار.

نداء دولي

وذكرت الأمم المتحدة، في تقريراً لها، على أهمية التزام العراق باتفاقية “رامسار” من خلال “إنشاء شبكة من المناطق المحمية”، وأشارت إلى أن الأهوار، ومن خلال الدعم المناسب، يمكن أن تصبح مصدرا “لتطوير قطاع ثالث” يعتمد على إدارة الموقع والسياحة والضيافة، والتي ستساهم على المدى الطويل في حماية واستدامة النظم البيئية والمناظر الطبيعية.

واستجابة لتقرير صادر عن مكتب الأمم المتحدة لتنسيق ‏الشؤون الإنسانية، جاء إعلان الإدارة الأميركية بتوفير 4 ملايين دولار لدعم مشاريع التنمية ‏في الأهوار العراقية، وذلك بمناسبة الذكرى الخمسين لاتفاقية “رامسار” ‏للحفاظ والاستخدام المستدام للمناطق الرطبة.‏

ووفقا لتغريدة نشرتها وزارة الخارجية، أعلنت فيها تقديم “4 ملايين دولار لدعم الجهود الدولية والمحلية لاستعادة الأهوار العراقية”.

وأضافت أن “الأهوار هي أحد مواقع التراث العالمي لليونسكو، مما يوفر نظامًا بيولوجيًا فريدًا لجاموس الماء ومئات الأنواع من الأسماك والطيور”.

وأكدت الأمم المتحدة على ضرورة مواجهة التحديات التي يفرضها التغير المناخي في الأهوار العراقية، ويعد هذا التغير جزءا أساسيا من الخطة التي اعتمدها الرئيس الأميركي، جو بايدن، في وعوده الانتخابية ومنذ تسلمه الإدارة الأميركية في كانون الثاني.

جهود محلية

وتعليقاً على مفردة “استعادة الأهوار” التي جاءت في تغريدة الخارجية الامريكية، قال الناشط في حملة حماة دجلة، سلمان خير الله، لـ”طريق الشعب” إن “الناشطين البيئين يعملون على استعادة الأهوار العراقية منذ عام 2004، كأراض رطبة”. 

وأضاف إننا “نعمل على استعادتها لما تملكه من تنوع إحيائي، ومناسيب المياه ونسب الإغمار فيها، كل تلك النقاط هي ضمن رؤيا المنظمات والناشطين المعنيين في هذا الشأن يسعون للحفاظ عليها”. 

ويتطلع الناشطون في مجال البيئة، أن تكون الأهوار في أفضل حالاتها كما كانت بين الأعوام 1973 و1976، من ناحية الراحة للسكان وكمية الإنتاج الحيواني التي كانت أفضل بكثير، مع نسب إغمار عالية، والتنوع الاحيائي الكبير، من حيث الاستدامة التي كانت موجودة في ذلك الوقت.

وبين خير الله، أن “سوء الإدارة المحلية والدولية، تمنع عودة الأهوار إلى أفضل حالاتها، وأنها بحاجة إلى كميات مياه اخرى لإدامة هذه المفاصل”.

تنوع بيولوجي

وأشار إلى أنه “للحفاظ على التنوع البيولوجي عملت منظمات المجتمع المدني منذ عام 2007 إلى عام 2013 على هذا الملف، وأصدرت منهاجاً عن التنوع الاحيائي في العراق، وضمن هذا المنهاج فقرة تخص الأهوار، يوضح هذا المنهاج الأنواع الإحيائية المحلية المهددة بخطر الانقراض، والمهاجرة التي قد لا تجد بيئة أمنة لها في رحلتها عبر العراق”.

 ولفت الناشط البيئي، أن “هناك اصوات بدأت تقلل من الجريمة التي ارتكبها النظام السابق بحق الأهوار عندما عمد إلى تجفيفها، واعتبر أن الجفاف الذي حدث مبنياً على أسس علمية، لكن ما فعله النظام السابق وإلى الآن تدفع ضريبته الأهوار “.

لا تصلح للخزن

وقال المتحدث باسم وزارة الموارد المائية، عوني ذياب، في تصريح لـ”طريق الشعب”، إن “الأهوار مسطحات مائية كبيرة جداً، الخزن فيها غير صحيح، أذا بقينا نضخ فيها مياها سوف تتعرض للتبخر”.

وذكر أن “الأهوار تتأثر بالسنوات الرطبة والجافة، فحالتها غير مستقرة، حتى في سنوات قبل التجفيف كانت المياه تنحسر فيها بشكل حاد، خصوصاً في سنوات الجفاف”.

وأوضح “لا يمكن أن تبقى الأهوار مسطحات مائية دائمية، ولا يمكن تحويل الأهوار إلى خزانات مياه دائمية، كما يريد البعض، في الوقت ذاته يمكن أن تكون الأهوار خزانات مياه موسمية”. وأشار إلى ان “ذلك مرهون بنسب الأمطار أو السيول التي تحدث في شرقي العراق”.

وبين المتحدث، أن “في هذا العام لم تصل للأهوار كميات مياه كافية مثل العام الماضي، نتوقع أن بعض السيول قد تصل إلى منطقة واسط تحديداً هور الشويجة”.

ولفت إلى أن الوزارة تحاول الحفاظ على “المسطحات المائية العميقة”، في الأهوار، وتضخ كميات مياه للحفاظ عليها.

وقال: تقدر كمية المياه في الأهوار في حال الامتلاء بالكامل بـ 5 مليار متر مكعب، وحالياً تتراوح المياه فيها من 2 إلى 3 مليار متر مكعب.

وكانت منطقة الأهوار تغطي 9 آلاف كيلومتر مربع في السبعينيات، لكنها تقلصت إلى 760 كيلومتر مربع بحلول عام 2002 ثم استعادت نحو 40 في المائة من المنطقة الأصلية بحلول عام 2005. بحسب تقرير الام المتحدة.

 اهمال محلي لمتطلبات دولية

تحدثت الأمم المتحدة عن إمكانية تحويل الأهوار إلى قطاع منتج لكن الحكومات المحلية لم تهتم بهذا الشأن.

الناشط البيئي، نصير باقر، في ذي قار، يؤكد أن “الحكومة المحلية لم توفر متطلبات اليونسكو الخاصة بضم الأهوار إلى لائحة التراث العالمي، وأن اللجان التي شكلت لم تفعل شيء”.

وذكر باقر في حديث لـ”طريق الشعب”، أن الحكومات لم تهتم في ملف، “الحد من مصادر التلوث او اعتماد مبادئ السياحة البيئية”، وحفظ التنوع الاحيائي، أضافة إلى الوصول الآمن للأهوار. 

ولفت إلى ان “الناشطين البيئيين لا يحبذون زيارة السواح إلى الأهوار، معظمهم مضرون بها، على الرغم من وجود قانون حماية وتحسين البيئة رقم 27 لسنة 2009. الكفيل بحماية الأهوار من الضرر”.

تراث عالمي

ويدعم برنامج الأمم المتحدة للبيئة حكومة العراق، منذ عام 2004، في جهودها لإدارة مناطق التنوع البيولوجي الرئيسية في بلاد ما بين النهرين، مع إدراج الأهوار العراقية كموقع للتراث العالمي، عام 2016، ووضع خطة إدارة بيئية للمنطقة.

وتلتزم منظمة الأغذية والزراعة الأممية ضمن البرنامج، بتحقيق نظام غذائي أكثر مرونة ودعم جهود الحكومة العراقية لتحسين الأمن الغذائي والتغذية وزيادة سبل العيش المرنة لسكان الريف في جنوب العراق بما في ذلك الأهوار.

عرض مقالات: