اخر الاخبار

خلال العقدين الأخيرين لم تحصل وزارة الثقافة على تخصيصات مالية كافية، كتلك التي تدعم عمل بقية الوزارات خاصة الأمنية والعسكرية. ولم يقتصر الاهمال على الجوانب المالية فقط، بل شمل مسألة تشريع القوانين التي من شأنها النهوض بالقطاع الثقافي. ويقول مراقبون إن القوى السياسية التي لا تزال تتحكم بالمشهد العام أسست وجودها على “قاعدة جاهلة”، لأنها تدرك أن التيار الثقافي “يشكل تهديدا عليها، ولخطاباتها الطائفية”.

زيادة التخصيصات

ويجد وكيل وزارة الثقافة عماد جاسم، أن “القطاع الثقافي يحتاج إلى تضامن من قبل الاتحادات الثقافية والمجتمع والنخب، للتأكيد على ضرورة ان تهتم الدولة بكل مؤسساتها بهذا القطاع، والمطالبة بتشريع قوانين مهمة تخص وزارة الثقافة والاثار والتراث العراقي”.

ويأمل جاسم أن تشهد موازنة العام الجاري التي لم تقر للآن “تخصيص أموال مناسبة لمواكبة حركة التطور الثقافية في العالم”.

ويضيف جاسم لـ”طريق الشعب”، أن وزارته “كانت طيلة الأعوام السابقة تأتي في مؤخر اهتمامات القوى السياسية، لذلك غالباً ما تكون هناك ميزانية متواضعة، فضلاً عن وجود ضعف ملحوظ في تشريع القوانين التي تخدم الجانب الإبداعي والثقافي”.

ويجد أن “الثقافة تحتاج الى تخصيصات مالية تقترب من تخصيصات وزارة الداخلية التي غالباً ما تحظى بالنصيب الأكبر”، لأنه يؤمن بأن “انعاش الحالة الجمالية يساهم في القضاء على كل مخلفات المعارك والحروب”.

ويشير جاسم إلى أن “ابرز القوانين التي يحتاجها القطاع الثقافي تلك التي تتعلق بتسهيل الاستثمار”، فيما تعاني أغلب بنايات وزارة الثقافة، التي بنيت منذ عقود طويلة، من الإهمال والاندثار “نتيجة لغياب التخصيصات” بحسب الوكيل.

وينوه جاسم بضرورة أن “تحصل وزارة الثقافة على ملكية البنايات التي تشغلها الجهات التابعة لها، كون أن بعضها عائد الى وزارة المالية، وبالتالي فان ذلك يمنعنا من استثمارها”.

ويلفت إلى أن “المبدأ الذي يتعلق بتعظيم الواردات المالية للدولة يجب ان لا يطبق على وزارة الثقافة، لان مؤسسات وزارة الثقافة لا يمكن لها ان تقدم أموالا وعائدات لخزينة الدولة”.

مشروع ثقافي متكامل

فيما يؤكد الناطق الإعلامي لاتحاد الادباء والكتاب العراقيين، عمر السراي في حديث لـ”طريق الشعب”، ان “النهوض بالقطاع الثقافي في البلاد يتطلب ان تتبنى الدولة مشروعا ثقافيا متكاملا، لكن ذلك يحتاج لتشريع قوانين تدعم الحركة الثقافية”.

ويضيف أن “من ابرز القوانين التي تحتاجها الثقافة، هو تشريع قانون يخص المجلس الثقافي الوطني وقوانين تخص تقاعد المثقفين وصندوق دعم الثقافة وجائزة الدولة للمبدعين، وقانون التفرغ الإبداعي”.

ويرجع السراي الاهمال الذي يلاحق القطاع الثقافي الى “التخبط والعشوائية”، مردفا “ان جزءا منه كان ممنهجاً لان التيار الثقافي يشكل تهديدا للسياسيين، الذي أسسوا لوجودهم وثباتهم عبر تجذير القاعدة الجاهلة في وسط المجتمع”.

لا توجد رؤية إصلاحية

أما الكاتب والأكاديمي أحمد جبار، فيقول إن “النظام السياسي في مرحلتي ما قبل وبعد 2003، لا يمتلك إطلاقاً اية استراتيجيات أو برنامج رصينة للارتقاء بواقع الثقافة العراقية”، مبيناً أن “جزءا كبيرا من النتاجات الفنية والابداعية كانت انعكاساً مباشراً لايديولوجيا من هم على رأس النظام”.

ويضيف جبار لـ”طريق الشعب”، أنه “بعد انهيار النظام الدكتاتوري، دخل العراق في دوامة من الاقتتال الطائفي والانقسامات السياسية التي أدار دفتها، بكل عنف، قادة لا علاقة لهم بالثقافة”.

ويربط جبار إيجاد رؤية إصلاحية تنهض بملف الثقافة العراقية، ومرافقها “بالتحرر من هيمنة القوى السياسية المتنفذة”.

ويلاحظ أن “بعض القوى التي تحكمت بالمشهد السياسي جاءت محملة برؤى انتقاميّة، تمثلت في إهمال أي مرفق ثقافي يشيع ابداعات جمالية، من الممكن أن تمثل نقداً حاداً لسياسة الانقسام الطائفي والعقائدي والقومي والمناطقي” بحسب قوله.