اخر الاخبار

انهى مجلس النواب في شهر آب من العام الماضي عمل مجلس مفوضية حقوق الانسان في العراق. ولم يحسم منذ ذلك الوقت اختيار أعضاء مجلس المفوضين الجديد، الامر الذي جعل عمل المفوضية مقيداً، ودفعها للمطالبة بتدخل نيابي لحسم الموضوع، حيث انها منذ ذلك الوقت بلا عمل أو صلاحيات أو رواتب.  إن أداء مفوضية حقوق الانسان لم يكن مقنعاً بالنسبة للمعنيين في مجال المدافعة عن حقوق الانسان، والسبب بحسب قولهم، انها لم تكن بمعزل عن نهج المحاصصة الطائفية، فضلا على أن قانون المفوضية يحتوي على ثغرات سمحت لأحزاب السلطة بالتدخل في شؤونها.

بلا صلاحيات 

وقال المتحدث الرسمي باسم المفوضية علي البياتي في بيان اطلعت عليه “طريق الشعب”، إن “المفوضية ناشدت مجلس النواب التدخل العاجل لحسم موضوع مجلس مفوضية حقوق الإنسان، إما بإنهاء عضويته أو إعادة حقوقه المسلوبة”، مضيفا أن “المفوضية تعيش حاليا حالة فوضى بعملها، نتيجة لانتهاء الدورة الأخيرة لها منذ شهر آب الماضي”.

وأضاف البياتي، أن “عملية تمديد عمل المجلس الحالي لحين تشكيل المجلس الجديد لإدارة عمل المفوضية بحسب القانون، تحتاج إلى قرار من مجلس النواب”، منوها بأن “عمل مجلس المفوضية متوقف حاليا، إضافة إلى أنه بلا صلاحيات أو رواتب منذ ستة أشهر”. 

مفوضية المحاصصة 

بدورها، قالت عضو مجلس المفوضين الأسبق، بشرى العبيدي لـ”طريق الشعب”: أنه “من خلال الدورات السابقة للمفوضية لم تقدم المفوضية أي فائدة في مجال حقوق الانسان”، مضيفةً أن “المفوضية شأنها من شأن مؤسسات الدولة الأخرى فهي خاضعة للمحاصصة الطائفية، وتسيطر عليها الأحزاب. بالتالي لا يمكن لها ان تقدم شيئا من مهامها التي تنص عليها مبادئ باريس”.

وأضافت “لم تكن المفوضية مستقلة حقاً، وطالما لم يكن فيها أعضاء مجلس مفوضين مستقلون ومهنيون، فلا داعي لوجودها”، مبينةً أن “كثرة الانتهاكات مؤخراً في البلاد تتطلب وجود مفوضية مستقلة ونزيهة تدافع عن حقوق الانسان، وتكتب تقارير موضوعية”. 

وطالبت العبيدي بـ”إبعاد مجلس النواب عن اختيار أعضاء مجلس المفوضين”، مقترحة أن “تُشكل لجنة مكونة من الأساتذة الجامعيين والاكاديميين ومنظمات المجتمع المدني، وبعضوية هيئة الأمم المتحدة، على ان تخضع المفوضية لرقابة شعبية وإعلامية”. 

وأشارت إلى أن “قانون مفوضية حقوق الانسان فيه ثغرات سمحت بحصول خروق كثيرة لاختيار أعضاء مجلس المفوضين، ويجب ان يخضع للتعديل بموجب التوجهات التي تكفل حماية حقوق الانسان”.

تجميل أداء الحكومة

من جهته، قال رئيس مؤسسة الحق لحقوق الانسان، عمر فاضل، أن “المفوضية جهاز لديه العديد من الصلاحيات، التي تعزز حقوق الانسان، ولكن بسبب سوء الإدارة أصبحت المفوضية مجرد شكل لتجميل أداء الحكومة في مجال حقوق الانسان”.

وتزامن عمل مجلس المفوضين الأخير مع جملة من الانتهاكات في مجال حقوق الانسان في البلاد، وعلى رأسها الانتهاكات التي حدثت في انتفاضة تشرين 2019 وما بعدها، ولم تضع أي جهة رادعا لتلك الانتهاكات.

ويرى فاضل، أن “الخلل كان في المفوضية ذاتها لأنها تمتلك أدوات ولديها صلاحيات تكفي لحماية الحقوق، إلا انها لم تستخدم كامل الصلاحيات إزاء الانتهاكات”. 

وذكر أنه “في انتفاضة تشرين كان موقف المفوضية خجولا، ولكن الضغط الجماهيري صحح مسار عمل المفوضية، وأصدرت بيانات واحصائيات تخص التظاهرات. نتمنى ان يكون ذلك مؤشراً لتصاعد عملها، ولكن هذا النشاط للمفوضية لم يستمر، وجزء من عدم استمراره هو ان الحكومة لم تتفاعل مع خطابات المفوضية”.

ولفت إلى أن “المفوضية ومؤسسات المجتمع المدني تعودت ان تصدر بيانات ادانة للانتهاكات، ولكن من دون تحديد دوافع الانتهاك واسبابه والجهات التي تقف خلفه، بالتالي ذلك لا ينهي وجود الانتهاكات”.

اجابات متأخرة

من جانبه، قال علي ميزر، نائب رئيس المفوضية السابق، لـ”طريق الشعب”، إن “الاجابات التي عادت من قبل السلطات في البلاد على التقارير التي رفعت سابقاً، جاءت في وقت انتهاء دور مجلس المفوضين، ولذا لا نستطيع ان نصرح بأي شيء بذلك الخصوص. خصوصاً وان فترة انتهاء عمل مجلس المفوضين تزامن مع الانتخابات البرلمانية التي حصلت في تشرين الماضي، ومن المفترض ان يكشف مجلس المفوضين الجديد عن اجابات مجلس النواب”. 

وأضاف ميزر “أن المفوضية تعد تقارير سنوية عن الانتهاكات التي تحدث وترفعها لمجلس النواب، والاخير هو من يفاتح الجهات التي مارست الانتهاكات، فسرعة اجابة مجلس النواب للمفوضية تُحدد بسرعة تفاعل الاطراف التي مارست الانتهاكات مع مجلس النواب”. وعدا ذلك، قال ميزر ان التقارير السنوية “تتم الاجابة عليها خلال سنتين إلى اربع سنوات. كما ان قانون المفوضية جاء مطابقا للمبادئ العامة لاتفاقية باريس، التي نظمت عمل مفوضيات حقوق الانسان في العالم، والدليل ان احد أسباب ارتقاء تصنيف المفوضية لدى الامم المتحدة من تصنيف (ب) إلى (أ) هو ان قانون المفوضية محكم وهذا ما تتحدث به الامم المتحدة”. 

القانون سليم 

إلى ذلك، قال الخبير القانوني زهير ضياء الدين، في تصريح لـ”طريق الشعب”، إن “قانون المفوضية لا يتضمن تكريسا لنهج المحاصصة، ولا توجد فيه اية ثغرات، لكن القوى المتحكمة في الوضع السياسي اخضعت المفوضية للمحاصصة”. 

وتابع: سبق وان قُدمت دعوى الى المحكمة الاتحادية العليا من قبل مجموع نشطاء وقانونيين طعنت فيها تطبيق نهج المحاصصة في تشكيل مجلس المفوضين، ولدينا ادلة تثبت ان اعضاء المفوضية معظمهم لهم انتماءات سياسية. 

وأكد القانوني، أن “المحكمة الاتحادية استدعت كل اعضاء المفوضية وطلبت منهم ان يقدموا ما يثبت استقلاليتهم، والزمتهم بالعمل كمستقلين وغير مرتبطين بأي كيان سياسي”.