اخر الاخبار

حذّر مسؤولون عراقيون من خطورة تنامي النزاعات العشائرية في بعض المحافظات، والتي تتسبب بشكل مستمر في سقوط ضحايا. وفيما أكدوا أن تلك النزاعات باتت تقلق السلم الأهلي، طالبوا بـ “قرارات حازمة” للحد منها.  وشهد قضاء قلعة صالح في محافظة ميسان، نهاية الأسبوع الماضي، تجدد نزاع عشائري مسلح بين قبيلتين، كان متوقفا منذ نحو 15 عاما. وعلى إثر ذلك نفذت القوات الأمنية خطة انتشار في القضاء، وفرضت حظرا للتجوال، واعتقلت عددا من المشاركين في النزاع. وبحسب ما صرّح به قائم مقام القضاء علي المحمداوي لوكالات أنباء، فإن “الاجهزة الامنية تواجه صعوبة بفرض السيطرة على النزاعات العشائرية، نظرا لتلقيها أوامر عليا تقضي بأن من يقتل عنصرا عشائريا خارجا عن القانون، يتحمل مسؤوليته. لذا يتوجب فرض السيطرة دون استخدام السلاح”.  وفي محافظة ذي قار شهدت مدينة سوق الشيوخ قبل أسابيع نزاعاً مسلحاً بين قبيلتين، دام نحو 5 ساعات، وانتهى بمقتل 6 أشخاص وإصابة نحو 30 آخرين. ونشب النزاع إثر طلاق زوجين ينتمي كل منهما إلى إحدى القبيلتين. وقد اعتقلت القوات الأمنية عددا من أفراد القبيلتين بعد انتهاء الاشتباكات المسلحة.

ونُقل عن مصادر أمنية في سوق الشيوخ أن “النزاعات العشائرية لم تنته رغم حملات اعتقال أفراد من العشائر، التي لا تزال تؤمن بأخذ الثأر والاعتداء على الآخرين. وقد بلغ عدد المعتقلين في ذي قار وحدها بتهم النزاعات المسلحة، نحو 280 شخصاً منذ مطلع عام 2020، لكن عادة ما يتم التدخل من قبل مسؤولين ووجهاء في المدينة للإفراج عنهم، بضمان عدم مشاركتهم في أي نزاع مستقبلا”.

وأضافت المصادر الأمنية، أن “نزاع سوق الشيوخ الأخير، تسبب في إرباك الوضع الأمني نحو 5 ساعات، ولم يتوقف رغم النداءات الأمنية والدعوات من المساجد إلى التهدئة”، موضحة أن “النزاعات العشائرية باتت تمثل إرهاباً مجتمعياً، ما يتطلب تقوية الأجهزة الأمنية وحماية أفرادها، ليتمكنوا من مواجهة تلك النزاعات”. 

عودة بعد تراجع

وكانت النزاعات العشائرية قد تراجعت بشكل ملحوظ خلال فترة الحظر الصحي، لكن ناشطين من مدن جنوبية أكدوا عودتها، مشيرين في أحاديث صحفية، إلى أن بعضها لا يتم نقله عبر الإعلام. 

وقال الناشط المدني من ذي قار علي الحمداني، ان “الدكة العشائرية تراجعت كثيراً خلال فترة الحظر الوقائي، لكنها عادت حالياً وتحدث بشكلٍ أسبوعي في مناطق متفرقة من المحافظة، وبقية المحافظات”، مبيناً أن “ضعف القوات الأمنية وخشيتها من التدخل، إضافة إلى التدخلات السياسية للإفراج عن المتورطين، هما من أسباب استمرار النزاعات العشائرية”.

وكان العراق قد عدّ في وقتٍ سابق “الدكّات العشائرية” من الجرائم الإرهابية. وشدد على ضرورة التعامل مع مرتكبيها بحزم - حسب ما جاء في بيان لمجلس القضاء الأعلى. 

عناصر الأمن مهددة!

من جهته، يذكر المسؤول في قيادة عمليات ذي قار، شاهر الشمرتي، أن “القوات الأمنية تواصل ملاحقة المتسببين في أحداث الشغب وتهديد السلم الأهلي،واعتقالهم ومحاسبتهم وفق القانون، لكن هناك تجاوزات تحدث من قبل بعض المحسوبين على العشائر، تنال من عناصر الأمن الذين ينفذون القانون”.

ويلفت الشمرتي في تصريح صحفي، إلى أن “بعض المحسوبين على العشائر يحذرون القوات الأمنية من التدخل، وإلا فإنهم سيعتبرون أي عنصر أمني شريكا في النزاع وقد تتم تصفيته أو استهداف منزله”، مؤكداً أن “هناك عشائر في الجنوب تمتلك أسلحة ثقيلة، مثل مدافع الهاون، وقد حدث أن استخدمت هذا النوع من الأسلحة في صراعاتها”.

أسلحة مرخّصة وطائرات مسيّرة!

علي البدري، وهو من وجهاء وشيوخ مدن الجنوب، يشير إلى أن “ذي قار وميسان والبصرة من أكثر المحافظات التي تسجل نزاعات عشائرية”، مبينا في حديث صحفي، أن “هذه النزاعات يذهب ضحيتها العشرات، سواءً من المشتركين فيها أم من الأبرياء الذين لا ذنب لهم”. ويعتبر البدري أن “معظم الجهود التي قامت بها لجان المصالحة بين العشائر، لم تصل إلى نتيجة، بسبب وجود مستفيدين من هذه النزاعات”. فيما يؤكد أن “معظم السلاح المتوفر لدى العشائر مرخص من الدولة. وهو تابع لمنتسبين في الأجهزة الأمنية والحشد الشعبي، وقليل منه خارج إطار الدولة”. وكان مستشار محافظ البصرة لشؤون العشائر، محمد الزيداوي، قد ذكر في حديث صحفي أنّ “نزاعاً عشائريا وقع في منطقة الكرمة، شهد تطورات جديدة تمثلت في استخدام الطائرات المسيَّرة لتصوير الأهداف وتحديدها، ومن ثم ضربها”، لافتا إلى أنّ “العشائر المتنازعة أطلقت صواريخ متعددة الأنواع ومختلفة المديات”.