اخر الاخبار

عقد اتحاد الشبيبة الديمقراطي العراقي فرع بغداد، مؤخرا، ندوة بخصوص الاستحقاقات المائية للعراق والمشاكل التي تواجه هذا الملف مع الدول المجاورة، فضلا عن الحلول الممكنة لها. وقد جرى في الندوة إستضافة كل من الباحث الايكولوجي، الدكتور ثامر الصفار، والنائب السابق ورئيس الجمعية العلمية للموارد المائية فرع السليمانية، محمود رضا، فيما أدار الندوة سكرتير فرع الاتحاد في بغداد، همام مصطفى.

أزمة تاريخية لم تجد الحلول

أشار الباحث ثامر الصفار إلى أن النظرة الأولية لموضوع المياه تبدأ من تفاصيل نهري الفرات ودجلة، فالأول يتراوح طوله ما بين 2700 - 3000 كيلو متر وتساهم تركيا بنسبة 88 في المائة من مياهه وسوريا بنسبة 11 في المائة والعراق بنسبة 1 بالمائة فقط. أما نهر دجلة فطوله 1840 كيلومتر، تساهم تركيا بنسبة 51 في المائة من مياهه والعراق بنسبة 39 في المائة وإيران بنسبة 10 في المائة وبشكل سنوي. وأوضح الدكتور الصفار أن النهرين يتغذيان من المتساقطات، لذلك فأن كميات المياه المتدفقة بالنهرين متغيرة تبعا للفصول. وأن الاشكال الحالي بشأن الملف المائي يتمحور بعدم التعاون بين العراق وتركيا وسوريا، وظهور حالة من التنافس الشديد لاستغلال المياه وأقامة العديد من المشاريع التي لم تصمم على أساس الحاجة الفعلية لكل بلد وإنما على أساس الخوف من الآخر.

وتابع الباحث، أن الطاقة التخزينية المائية للعراق بحسب المعطيات التي لديّ تبلغ 150 مليار متر مكعب، بينما لم يتجاوز الخزين في عام 2018 نسبة 17 مليار متر مكعب أي أنه لدينا بحدود 133 مليار متر مكعب كطاقة تخزينية للمستقبل، لكننا لم نقم بما يجب. لقد تسبب مشروع الثرثار بزيادة ملوحة التربة بالأراضي الواقعة جنوبه وزاد من مشكلة زحف الصحراء تجاه الشرق. ففي سوريا مثلا، كان عدد السدود 164 سداً لغاية عام 2008، اربعة منها على الفرات وأكبرها سد الطبقة الذي بدأ العمل فيه عام 1975 متسببا بتوتر كبير مع العراق، أما تركيا فهي ليست بحاجة إلى المياه لإرواء مساحاتها الزراعية لان الأمطار لديها عالية وتحتاج ذلك فقط لتوليد الكهرباء، فأقامت سد كيبان سنة 1973 وساهمت بنقص المياه في العراق. وفي السبعينات أيضا بدأت تركيا بمشروع لإقامة خمسة وعشرين سداً لخزن المياه وتوليد الكهرباء في جنوب البلاد. وهنا نلاحظ وبالمقارنة مع الاستخدامات المتنوعة لمياه النهرين للبلدان المتشاطئة، بأن جهداً كافياً للتنسيق لم يبذل، بل جرى التخطيط لتأمين المصالح وزيادة الطاقة التخزينية بعيدا عن البلدان الأخرى.

ومضى الصفار بالقول: منذ مطلع القرن الماضي كانت هنالك معاهدات واتفاقات وحوارات واسعة بين البلدان لضمان حصة كل منها، وشهدت عقود طويلة توترات مستمرة بخصوص الملف المائي. وفي أواسط الستينات جرت محادثات مطولة بخصوص إنشاء وملأ سدود كيبان والطبقة وحديثة وكلها على الفرات. وأثمرت تلك المحادثات عن موافقة تركيا على ضمان توريد ما لا يقل عن 350 متراً مكعباً في الثانية أسفل سد كيبان، بشرط أن تتوفر المياه بشكل طبيعي للفرات. وجرت أيضا أول جولة بين العراق وتركيا وسوريا حملت طابعا فنيا، لكن الأمر الغريب أن الجميع رفع سقف مطالبه إلى كميات كانت تفوق الكميات المتدفقة في الأنهر، وهذا يعطي تصوراً على طبيعة المباحثات والفوضى التي سادت الملف لأنها لم تعتمد على دراسات حقيقية. ووافقت سوريا لاحقا على استلام العراق 59 بالمائة من كميات المياه الداخلة إلى سوريا من الفرات. وفي أواسط السبعينات صار الاتفاق على ان تكون نسبة العراق 60 في المائة وتواصلت مباحثات اخرى، لكنها شهدت فشلاً كبيرا.

وبحسب الخبير الايكولوجي، فأن العراق في تسعينات القرن الماضي طالب تركيا بزيادة كميات مياه الفرات الواردة إلى سوريا لتصل إلى 700 متر مكعب وليس 345، لكن الأخيرة رفضت لتحدث في عام 1996 أول أزمة كبيرة بعدما أنشأت تركيا سد بيرجك رغم الاحتجاجات السورية والعراقية التي لم تسمع. نحن لا نمتلك قوانين ملزمة للدول المتشاطئة لمياه أنهر الدول غير الملاحية، لقرن من الزمان، ونعتمد على معاهدات هلسنكي وبرلين وهي غير ملزمة التطبيق ولم نوجد دراسة واقعية لتجنيب العراق الكارثة.

مشكلة الجانب الإيراني

من جانبه، تحدث محمود رضا، النائب السابق ورئيس الجمعية العلمية للموارد المائية في السليمانية عن تفاصيل تخص الروافد المائية التي تأتي من إيران. فقال بأنه قبل مباشرة إيران بإجراءات “المشروع الاستوائي المائي” كان يأتي للعراق سنويا حوالي 45 مليار متر مكعب من خلال 42 نهراً مشتركاً بين البلدين، لكن عددها انخفض الآن إلى أقل من 10 في المائة. وأن نهري “كرخة” و “كارون” قد خرجا من الحسابات العراقية بعد اتفاقية سنة 1975 وأصبحا نهرين إيرانيين، لافتا إلى أن التصنيف بالنسبة لنهر سيروان وصل إلى نسبة الصفر خلال أقل من سنة واحدة، وكذلك الأمر بالنسبة للزاب السفلي. وتابع النائب السابق (خلال عامي 2016-2017 قدمت إلى مجلس النواب العراقي دراسة مفصلة عن القضية وحاولنا بشكل كبير إنقاذ الوضع المائي، لكن لم تبد أي جهة مختصة كالحكومة ووزارة الموارد المائية والبرلمان أي ردة فعل إيجابية للتعامل مع هذه المخاطر. أود أن أشير إلى أن آخر فقرة من الدراسة التي قدمتها تنص على التالي: “وبما أنه من المتوقع أن يواجه العراق في قادم الأيام كارثة جفاف وعطش بسبب عدم وجود سدود كافية، على الحكومة أن تعطي الأولية وتتحرك بسرعة لوضع حل لتلك المخاطر المتأتية من الخارج أو الداخل وبناء الذات والسبيل لضمان الحق المائي”).

وأردف   رضا “ الآن وقع المحظور وان التحركات العراقية الخارجية متأخرة جداً، ونحن كبلد بلغنا مستوى الكارثة ووصلنا إلى منطقة ما بعد الخطر، وأن الأرقام المائية متدنية ومتشائمة جداً. فالوارد المائي في سد دربندخان قبل سنة واحدة كان يبلغ 41 متراً مكعباً في الثانية وبلغ اليوم 14 متراً مكعباً في الثانية فقط. قبل عام من الآن كان الخزين في هذا السد يبلغ مليار و800 مليون متر والآن يبلغ 880 مليون متر فقط. ونقص الخزين المائي في سد دوكان في العام الماضي 4 مليارات متر مكعب في الثانية قياسا مع السنة التي سبقته. كما تجدر الإشارة إلى أن مشكلة أخرى تهدد الموقف العراقي وهي تتعلق بالمياه الجوفية والمستوى الواطئ الذي بلغته، ففي السليمانية كمثال وفي واحدة من مناطقها نزل المستوى إلى أكثر من 16 متر.

ويلفت   رضا إلى أن مشكلة العراق مع دولتي إيران وتركيا هي مشكلة كبيرة، لأنهما لا تلتزمان حتى وان كان هنالك قانون، فما بالك وان القانون الدولي الحالي غير ملزم، ولا يجري العمل في هذا الملف وفق العلاقات الدولية وحسن الجوار. أن أبرز ملامح السياسة المائية التركية تجاه دول المصب تتلخص بأنها لا تعترف دوليا بدجلة والفرات، وتعتبرهما نهرين تركيين، وتنكر وجود حوضين مستقلين لدجلة والفرات وتقول إنهما حوض واحد. كما أنها لا تعترف بالتعريف القانوني للنهر الدولي الذي يقول بان النهر الدولي هو النهر الذي يشق مجراه بين دولتين أو أكثر، فتستخدم النهر العابر للحدود لا النهر الدولي، كما ترفض محاصصة النهرين وتستخدم مبدأ تخصيص المياه للبلدان المتشاطئة. أن تركيا تستند في تعاملها مع النهرين على السيادة الإقليمية المطلقة التي تعرف باسم نظرية هارمون التي عفا الزمن عليها وحلت محلها نظريات أكثر أنسانية، لذا فأنها وبكل وضوح تستخدم المياه كسلاح سياسي وهي صريحة جدا بهذا الأمر منذ بداية تسعينات القرن المنصرم. وتتهرب تركيا من عقد اتفاق ملزم بين الدول الثلاث المتشاطئة، وصممت مشاريع كبيرة وأكثر من عشرة سدود ومحطات لتوليد الطاقة على الزاب العلوي. لذا، فأن السياسة المائية التركية تنطلق من مبدأ عدم الاقرار بالاتفاقيات بحجة أن القانون الدولي لا يجبرها، وهذه نقطة الضعف بالقانون الدولي، الذي لا يتضمن حلولاً لخرق القوانين. كما لا تعترف تركيا بالحقوق المكتسبة جراء مرور النهرين في العراق منذ الآف السنين، وترفض المطالبة السورية العراقية بالاحتياجات المائية وتتطرف ببناء السدود ومحطات توليد الطاقة، وهي خامس دولة غنية بالمياه ولا مشكلة لها عكس إيران التي لديها مشاكل حقيقية.

حرب المياه في المستقبل

وبالعودة إلى الباحث ثامر الصفار، فأن الحل الأساسي للمشكلة التي تهدد أمن المواطن هو الاعتراف بأسبابها، خصوصا وأن كل الدراسات تقول بأن الحروب المستقبلية ليست لأجل البترول وإنما للمياه بعد التغيرات المناخية. ويتابع   الصفار، يجب أن نعترف بجذر المشكلة. نحن كدولة لا زلنا لا نعترف بجذور المشكلة ونعتمد على المباحثات الثنائية وتحريك المشاعر والاستجداء العاطفي. هنالك قضية جدلية تتمثل باعتماد العراق وسوريا على المعادلات الرياضية للتعامل مع تركيا بالملف المائي وهذه إشكالية حقيقية. يتم احتساب أقسام دجلة والفرات التي تدخل إلى العراق وسوريا من مجموع الحجم الكلي وعلى أساسه يتم تحديد المياه، بينما ترفض تركيا ودول غيرها هذه العملية، ويفترض أن يتم الحديث بالضرورة على الحاجة الفعلية لكل بلد لاستغلالها بالطرق الرشيدة. إننا كبلد ننظر منذ 100 عام إلى أن النهرين خالدان، ولا يمكن نضوبهما وهذا غير صحيح. نحن إلى الآن لا نملك دراسات حقيقية عن هذا الملف خلافا لبقية دول العالم، ويمتنع العراق وسوريا دائما عن القيام بدراسات مشتركة ويعتمدون على المعادلات الرياضية المعقدة. ويمكن لتركيا رغم اعتراضها، أن تقبل بذلك لكنها سترسل المياه بدون تصفية وتخلق مشاكل كبيرة، لأن لها مصالح تريد تحقيقها. أن العراق كنظام غير شفاف بطرح التفاصيل في هذا الملف، يعتمد في سياساته بهذا الخصوص على الاستجداء من الدول والمنظمات لفتح المياه من قبل الآخر وبذلك فأن الكثير من الخطط التي وضعت لا حلول تذكر لها.

ويتابع الباحث قائلا: تركيا حولت المياه التي هي أساسا حسب القوانين والأعراف مادة ضرورية وأساسية للإنسان لا يمكن بيعها وإنما استخدامها، حولتها بذكاء إلى سلعة غنية من خلال النواظم والخزن والسدود وتصفية المياه من المتساقطات والأشجار وحولتها إلى كميات مياه لا تتطلب سوى جهداً بسيطاً لتكون صالحة إلى الشرب. إننا إذا اقتنعنا بهذه الفكرة سنعمل على ترضية تركية واحتياجاتنا بنفس الوقت. نحن بحاجة لدراسة المسألة لأن إيران لا تعتبر من جانبها من الدول المتشائطة وبالتالي من حقها أن تتعامل مع انهرها وان تستخدمها، والحل الاستراتيجي بالنسبة لي هو استبعاد إيران حاليا من المعادلة لأنها توفر 10 في المائة فقط من مياه نهر دجلة خلافا لتركيا.

أهمية المياه الإيرانية

وتعقيبا على استبعاد التفكير بالمياه الإيرانية، يوضح النائب السابق محمود رضا بأنه لا يمكن القيام بذلك لأن ذلك يعني الاستغناء عن الزراعة وهذا أمر غير ممكن أبدا. كما أن مياه الشرب تأتي من إيران عبر الزاب السفلي، فمدينة السليمانية وقسم من كركوك وجمجمال وملايين الناس يشربون من هذا الزاب. أما نهر سيروان فتعتمد عليه محافظة ونصف المحافظة تقريبا، وبذلك لا يمكن الاستغناء عن الملف الإيراني المائي رغم قيام طهران بقطع المياه بالكامل عن العراق.

ويؤكد   رضا على أن السياسة المائية الإيرانية أخطر بكثير من التركية، لان لديهم مشروعين، الأول هو لنهري كرخه وكارون، حيث يتم تحويل مجرى نهر كرخة إلى منطقة اصفهان مع تحويل حوض نهر سيروان إلى كرخه. وهنا نلاحظ بوضوح أن إيران تتلاعب بالأحواض وأن القانون يمنع ذلك بشكل صريح. أما المشروع الثاني فهو مشروع المياه الاستوائي ويتكون من عدد كبير من السدود. أن العراق يشتري من تركيا وإيران مياها بشكل غير مباشر عن طريق إستيراد المنتوجات الزراعية وهذا لا يمكن القبول به، وتتطلب الحاجة أن يسعى البلد إلى حل الملفات العالقة لأن الوضع غير مبشر أبدا.

وقال   رضا بأنه يود أن يطرح بعض التوصيات بخصوص الوضع العراقي: أن البلاد تعتمد إلى الآن على الري التقليدي (السومري) بينما إيران لديها أكثر من 1000 سد، تم إنشاؤها خلال العقدين الماضيين، فيما نحن مكتفون بسدودنا دون أن نستفيد منها ومياهنا ملوثة والتبخر عال جدا فيها. لقد اقترحت فكرة الأبعاد الاستراتيجية لجعل الإقليم خزاناً مائياً للعراق وهذا ممكن الحدوث لو فكرنا فيه، فنحن لا نسيطر على أمننا المائي، وهو بيد البلدان المجاورة، مما يشكل نقصاً كبيراً في السيادة. جانب آخر مهم، أن العراق لا يحدد التكاثر البشري، ومن المتوقع أن يصل التعداد في عام 2050 إلى أكثر من 80 مليون، فيما ينخفض الوارد المائي إلى أقل من 50 او 60 في المائة، فكيف سنتدبر أحوالنا؟ التلوث البيئي كبير وناتج من تصرفات البشر، مياه الصرف الصحي تصرف إلى مجرى الانهر، ولا يوجد احترام للبيئة من قبل المواطنين، ولا نعرف قيمة المياه، وهذه كلها عوامل كارثية. نلاحظ أن سعر برميل المياه يعادل ضعف سعر برميل النفط وهذا يوضح أهمية الملف الذي نتحدث عنه.

تركيا مفتاح الحل

من جهته، لفت الباحث ثامر الصفار إلى أنه بمجرد الوصول إلى اتفاق مع تركيا وبعض الدول المجاورة، فأن إيران سيكون من مصلحتها ان تتفاوض وتفتح المياه وتصل إلى اتفاق مع العراق. إن إيران وتركيا بحسب الصفار، ليستا على استعداد في الوقت الحالي للجلوس والتفاوض، لأنهم أصحاب القوة والمتحكمون. وحتى نجبر الجانب الايراني على مسايرة وضعنا، يجب ان نحّل الأمر مع تركيا وهذا هو المنطق. إن إقليم كردستان متاثر بمياه إيران والعراق ويمكن ان يدخل بخطة واضحة لبناء سدود قانصة للمياه التي تاتي من الجبال الكردستانية، ويمكن الاستفادة منها في حال أن إيران بقت مصّرة حتى بعد الاتفاق مع تركيا. كما توجد حلول كثيرة مثل فتح أنبوب وسحب مياه من الخليج العربي لبحر النجف وتخزينه وتحليته وانزاله إلى الفرات مجدداً. 

أنا أقول ببساطة أن مفاتحة تركيا بإمكانية نقل مياهها إلى الاردن سيجعلها تفاوض الجانب العراقي، ويتم ذلك بعمل أنبوب أو قناة من سد الموصل للقائم، على أن ينشأ هناك سد لتخزين المياه القادمة من الأنبوب ومن سوريا عبر الفرات. ويمتد من القائم أنبوب آخر إلى منطقة الزرقاء في الأردن. أن الفكرة من ذلك هو ضرورة ايقاف العمل تماما ببحيرة الثرثار، فالمياه التي تاتي لدجلة قبل ان تدخل الثرثار تتملح بشكل كبير وخطير جدا، فهي تدخل البحيرة بنصف غرام باللتر الواحد كاملاح وتخرج من الثرثار بنسبة 2.5 غرام ملح في اللتر، ويعني هذا تمليح لأراضينا.

كما يمكن مفاتحة تركيا بنقل مياهها للكويت ايضا باستخدام المجرى الطبيعي لدجلة. هي تريد ذلك ويجب أن نستغل مصالحها وطموحها لأنها تريد أموالا مقابل صرفها على المياه وهذا هو جوهر الموضوع. ستأتي فوائد لتركيا إذا نقلنا مياهها للكويت، فهي لن تبيع بطرق ملتوية مجددا، ولكنها سوف تستفيد من الكويت وسنتخلص من كل القوانين المائية الدولية. تركيا لن تحتاج إلى تخزين كميات كبيرة لفترات طويلة لأن هذا مكلف بالاساس، وهي تريد أن تخزن الماء ثم تبثه وتولد الطاقة من خلاله وتوصله للدول الأخرى. لدى تركيا سد على بعد أربعين كيلومتر من العراق، وسنجبرها على عدم التوجه لهذا النوع من السلوك، ويمكن ان نتفق معها على رسوم لمرور مياهها للكويت. وكبادرة لو طبق هذا المشروع ممكن ان تتوقف تركيا من ملء السدود. ويمكن ان تقوم شركات تركية وعراقية بهذا المشروع الذي سيشغل 10 ألاف عاطل عراقي ومن مختلف التخصصات، وستتوفر فرص عمل لعشر سنوات قادمة على أقل تقدير. يمكن للعراق من خلال هذا التوجه أن يزيد تغذية مياه الفرات بمياه عذبة لأن مثلا في منطقة المسيب نرى فارقاً بين مستوى دجلة والفرات بحوالي متر، فاذا فتحنا قناة بـ 45 كيلو، يصبح من الممكن توريد المياه من دجلة للفرات لاحياء المناطق الزراعية وانهاء مشكلة التصحر وزيادة الطاقة التخزينية وتوليد طاقة كهربائية، وبهذا سيرتفع العراق دوليا من بلد المصب إلى بلد أعلى النهر. إن توصيل المياه من تركيا إلى الكويت وبكل هذه الفائدة للعراق لا يتضمن اي تكاليف ويوفر فرص للعراق ويحل جزءً كبيراً من مشكلتنا المائية المعقدة والمتشابكة، وهذا لن يحدث ما لم يتم الاعتراف بان تركيا هي صاحبة القوة. ونحن بعد مئة سنة لم نقم بشيء ولم نطور أنفسنا وبالتالي تجاوزنا مرحلة الخطر خلافا لبقية البلدان.