اخر الاخبار

رغم الازمة الاقتصادية الطاحنة التي يمر بها السودان، والتحديات الامنية المتمثلة في انتشار الجيوش ومظاهر العسكرة المختلفة للحياة العامة، الا ان بعض المؤسسات المالية العالمية اشادت بالتحولات التي انجزتها الحكومة. وقال صندوق النقد الدولي ان ماحققه الاقتصاد السوداني الذي يتقدم في وقت تتراجع فيه الاقتصادات العالمية، يمثل تحديا للجاذبية الارضية.

هكذا ردد السيد خالد عمر وزير شئون مجلس الوزراء مغتبطاً، في ندوة سياسية بالخرطوم نهاية الاسبوع الماضي.

لكن رغم ذلك فان مراقبين يؤكدون ان خطوات الانتقال لا تسير بالسلاسة التي تراها بها بعض الجهات الدولية التي تساند الخرطوم. وان الاوضاع في حقيقتها مرشحة للانهيار او التراجع عن الديمقراطية، بصورة اكثر تعقيداً  مما حدث في تونس.

وفي هذا الصدد قالت مجلة “افريكا كونفيدنشال” المرموقة ان نجاح السودان في تسوية ديونه الخارجية، والحصول على قروض ومساعدات من مؤسسات التمويل الدولية والاقليمية، لن يكون كافياً  لإنجاح عملية الانتقال الديمقراطي  في ظل وجود قيادات عسكرية وأمنية تسعى الى عكس عجلة الانتقال، والى بناء نظام استبدادي مدعوم من الجيش، على غرار نظام الجنرال عبد الفتاح السيسي في مصر. واضافت المجلة التي تصدر في بريطانيا: “بالنسبة لهؤلاء الضباط وداعميهم الاقليميين، يوفر الضعف الاقتصادي للسودان فرصة لتقويض الحكومة الانتقالية التي يقودها المدنيون”.

واشارت  الصحفية رشا عوض، رئيسة تحرير صحيفة “التغيير” الاليكترونية التي تصدر في الخرطوم، في تصريح لـ “طريق الشعب”، الى ان السودان لم يصل حتى الان محطة اجراء  انتخابات عامة، تتشكل بموجبها الحكومة والبرلمان، وما زال متعثرا في طريق الوصول الي هذه المحطة. فالسياق مختلف عن تونس، لان العملية الديمقراطية لم تبدأ بعد. لكن احتمالات التراجع عن المسار الديمقراطي التوافقي في السودان واردة، حتى قبل بلوغ محطة الانتخابات. وفي هذه الحالة سوف يحجز السودان مقعده في جهنم  وليس في الخطوط التونسية. اذ ليس في تونس جيش طامع في سلطة او مليشيات تسرح وتمرح وحركات متمردة، كما الحال في السودان.

وليس بعيداً عن رشا  عوض وصف علي زين العابدين القيادي في الحركة الشعبية - جناح عبد العزيز الحلو في حديثه مع “طريق الشعب”، وصف السلطة بانها تمثل تحالف الرعب بين مشروع المدنيين المدعوم من التيار النيوليبرالي، مقابل الشق العسكري المدعوم من اليمين الامريكي والاوربي.

واضاف ان المشروع النيوليبرالي  يحتاج الى القوة العسكرية لاظهار استقراره، ولتطمين اصحاب القروض بان اموالهم ستكون في أمان. كما ان الجنرالات يحتاجون للمدنيين لضمان عدم انتفاضة الجماهير. واكد  زين العابدين في رده على سؤالنا حول احتمال التراجع عن العملية الانتقالية، بانه لا يوجد انتقال بالمعني الحقيقي، وانما انتقال كامتداد لطبيعة ونوع ذلك التحالف لتقنين تلك الوضعية بالحفاظ على مصالح تلك القوى.

واوضح اكثر ان المشروع المعتمد على القروض لا يمكن ان يفضي الى تحول ديمقراطي حقيقي. لان شروط القروض تعطل تطور آليات الانتقال الحقيقي.   فهي تحتاج الى برلمان يبصم على شروط القروض وقانون نقابات لا يرتقي بها الى مصاف المشاركة في اتخاذ القرارات  والبت في الشروط. ولا يمكن لتوجه سياسي واقتصادي ان يصنع آليات مضادة لمشروعه.

وقال صديق فاروق عضو لجنة الاتصالات السياسية  في الحزب الشيوعي السوداني لـ “طريق الشعب”: “اننا نشهد قيام دولة مليشيات مفككة، واكثر فشلاً وموغلة في التبعية ومتعددة الولاءات الخارجية، ومتعددة مراكز السيطرة والنفوذ داخلياً. وهاهي تواصل نهب الثروات المحلية وتقدم الريع والاراضي والدم السوداني بثمن بخس. وتعمل كل هذه الديناميات على اعادة انتاج ديكتاتورية السوق، واحكام سيطرة الراسمالية الطفيلية على الثروة، مسببة المزيد من الصراعات والآلام وعدم الاستقرار والانحدار  الاقتصادي، ومعمقة كافة اشكال التمايز الطبقي والاقليمي والثقافي”.

ومن جانبه استبعد شهاب ابراهيم الناطق الرسمي باسم التحالف السوداني تكرار السيناريو التونسي، ورجح بدلاً عنه انهيار الاوضاع، وعودة القوى غير الحريصة على اعادة هيكلة الدولة السودانية والتحول الديمقراطي. وذلك من خلال تحالفات تعبر عن مصالح قوى اجتماعية  وسياسية تهمها فقط المحافظة على مكاسبها التاريخية.

واوضح تقرير مجلة ( افريكا كونفيدنشال) المشار اليه ان رئيس مجلس السيادة (البرهان) قد لا يكون هو من يخشاه (حمدوك)، بل يخشى نائبه محمد حمدان دقلو حميدتي، الذي زاد التوترات في غضون اسبوعين، رافضاً دمج قوات الدعم السريع في الجيش الوطني. مما يعد تحولاً بموجب تقاسم السلطة حسب اتفاق جوبا، الموقع في اكتوبر من العام الماضي.

عرض مقالات: