اخر الاخبار

برغم أحاديث الحكومة المتكررة عن إيلائها عناية خاصة بملف الرعاية الاجتماعية في وزارة العمل، لا يزال الكثير من الفقراء المسحوقين ينتظرون، منذ أكثر من عام، شمولهم في تلك الاعانات، التي تعلل الوزارة تأخرها بقلة التخصيصات، فيما يطالب مستشار حكومي بفتح تحقيق في ذلك، لأنه يعتقد ان مجلس الوزراء رصد مبالغ كافية لصالح برامج الوزارة.

لا توجد تخصيصات

المواطنة زهراء علوان، تشكو بؤس حالها المعيشي إثر وفاة زوجها، وتذكر لـ”طريق الشعب” انها “ارملة منذ 3 سنوات وعملت على ترويج معاملة الشمول بالرعاية الاجتماعية، منذ الشهر التاسع من العام الماضي، لكن اسمها لم يظهر مع قوائم المشمولين الجدد، التي أعلنتها الوزارة”.

تقول زهراء انها “راجعت الوزارة لاكثر من مرة، لكن الأطراف المعنية أكدت لنا انه لا يوجد شمول جديد بالرعاية الاجتماعية، بسبب قلة التخصيصات المالية”.

حسين غالب (مواطن ـ 34 عاما) قال لـ”طريق الشعب”، ان اسمه ظهر ضمن قوائم المشمولين بالرعاية الاجتماعية منذ ستة أشهر بعد تقديمه على قناة مجلس النواب، الا انه لم يتقاض راتبا الى الان “بسبب التأخير في اطلاق التخصيصات المالية”، حسب رد الوزارة على استفساره.

استغلال لحاجة الفقراء

بينما يتهم علي عمر (مواطن آخر ـ 43 عاما) وزارة العمل والشؤون الاجتماعية بـ”عدم النزاهة” في التعاطي مع ملف الشمول بالرعاية الاجتماعية.

ويقول لـ”طريق الشعب”: ان ترويج معاملة الرعاية الاجتماعية “امر ليس بالهين خاصة وان اغلب مستحقيها هم من النساء المطلقات والارامل وكبار السن، اضافة الى ذوي الاحتياجات الخاصة”، منبها الى ان “هناك الكثير من الاستغلال يتعرض له المواطنون أثناء محاولة تقديمهم على الرعاية الاجتماعية”.

ويضيف عمر، ان “الوزارة تؤكد بين الحين والاخر عدم وجود قوائم جديدة ضمن شبكة الرعاية، بينما نلاحظ شمول جديد لأسماء يتم قبولها من تحت الطاولة مقابل مبالغ مالية (رشوة)”، منبها الى ان “من يملك وساطة لدى مسؤول (مدير عام في الوزارة أو نائب في البرلمان) تمرر معاملته خلال فترة وجيزة”، بحسب قوله.

الوزارة ترد

وتعقيبا على أحاديث المواطنين، يقول المتحدث باسم وزارة العمل والشؤون الاجتماعية نجم العقابي لـ”طريق الشعب” ان “الوزارة عملت وبجهود كبيرة على زيادة وفتح شمول جديد للرعاية الاجتماعية. الان هناك الكثير من المعرقلات ابرزها تقليص المخصصات المالية”.

ويضيف العقابي أن “مجلس الوزراء وافق على مقترح وزارة العمل بزيادة التخصيصات المالية للرعاية الاجتماعية لأجل شمول ما يقارب 5 آلاف اسرة. الان الوزارة فوجئت برفض المقترح من قبل مجلس النواب، والتصويت على قانون الموازنة بتخصيصات مالية مخفضة اكثر ما كانت عليه في السابق، ما احال الى دون فتح شمول جديد”.

ويؤكد ان “موازنة ذوي الاحتياجات الخاصة والمعين المتفرغ هي الاخرى خفضت الى النصف؛ فبعد ان كانت 600 مليار دينار، أضحت اليوم لا تتجاوز 300 مليار”.

وأكد العقابي ان وزارته “تعجز اليوم عن دفع رواتب المشمولين الجدد بالرعاية الاجتماعية، الى حين رصد مبالغ مالية كافية تستوعب تلك الاعداد”.

استثناءات وزارية

وعن اتهامات المواطنين بوجود شمول جديد، أوضح المتحدث بان “الوزارة لديها استثناءات؛ فهناك الكثير من الاسر هم بامس الحاجة الى راتب الرعاية الاجتماعية، على الرغم من قلته، فهؤلاء يتم التعامل معهم استثناء من القانون (صلاحية وزير)”.

وكشفت وزارة العمل والشؤون الاجتماعية، مؤخرا، عن حجم العجز الحاصل في رواتب شبكة الحماية للأشهر المتبقية من العام الحالي.

وقالت رئيسة هيئة الحماية الاجتماعية بالوزارة هدى سجاد في تصريح صحفي تابعته “طريق الشعب”، إن “الاموال المخصصة للهيئة خفضت من خمسة تريليونات الى ثلاثة تريليونات و500 مليار دينار، كما تمت مناقلة  70 مليار دينار الى هيئة ذوي الاعاقة، ما ادى الى عدم امكانية فتح شمول جديد للإعانات، فضلاً عن مناقلة تريليوني دينار من الاموال المخصصة”.

وأضافت أن “هيئة الحماية تمنح حاليا اعانات الى مليون و400 ألف اسرة، اي نحو اربعة ملايين و480 ألف فرد، بمعدل 300 مليار دينار شهريا، حيث تمت زيادة مبلغ الاعانة للأسر المستفيدة، واصبح 275 ألف دينار لأسرة الرجل، و325 ألف دينار لأسرة المرأة، ومنحت بأثر رجعي، اعتبارا من مطلع العام الحالي”.

الخوف من ذلك؟

ويعلق الناشط المدني، حسين ياقوت في حديث لـ”طريق الشعب” على ذلك بالقول: ان “المعلومات المتوفرة هي ان الوزارة تتعرض لاستغلال من قبل جهات سياسية (انتخابياً)، وبالتالي فان هناك تخوفا من الاستثناءات الممنوحة للوزير ومن استغلالها انتخابياً، وعلى الحكومة ان تعمل على سحب هذا الاستثناء”.

ويضيف ياقوت “تابعنا خلال الفترة الماضية نشر اعلانات من قبل المكاتب الاعلامية لنواب من جهات محددة، تفيد بحصولهم على موافقات وزارة العمل بشأن تسجيل اسماء المواطنين في الرعاية الاجتماعية، وهذا دليل آخر على استغلال امر هؤلاء المواطنين الفقراء انتخابياً”.

750 الف موافقة

وأوضحت سجاد أن “هناك 750 ألف موافقة جديدة  لدى الهيئة، ادخل بموجبها بحدود 189 ألفا منها بقاعدة بياناتها، بيد انه لا يمكن منحها الا بعد ورود تخصيصات مالية جديدة، اما عن طريق المناقلة او اقرار موازنة تكميلية”.

ووفقا للمستشار المالي لرئيس الوزراء مظهر محمد صالح فان “سوء التخطيط الصادر من قبل وزارة العمل والشؤون الاجتماعية، وعدم ايضاحها اعداد المشمولين الفعليين بالرعاية الاجتماعية، حال دون تخصيص المبالغ الكافية في قانون الموازنة”.

مطالبات بفتح تحقيق

وقال صالح لـ”طريق الشعب”، انه “وفق المعطيات التي قدمتها الوزارة عن المشمولين، فان المبالغ التي رصدت تفي بالغرض”.

وبشأن تخفيض التخصيصات للرعاية الاجتماعية، قال صالح انه “يجب ان يكون هناك تحقيق حكومي واسع بهذا الخصوص حول اسباب تخفيض التخصيصات المالية، سواء من قبل وزارة المالية أم اللجنة البرلمانية للرعاية الاجتماعية”، مستبعدا ان “يتم التصويت على مخصصات مالية لا تنسجم مع حاجتها الفعلية، خاصة وان الحكومة اولت اهمية خاصة برصد المبالغ المالية الكافية للمستفيدين من الرعاية الاجتماعية”.

وذكر صالح ان المبالغ المالية التي رصدت الى وزارة العمل والشؤون الاجتماعية في قانون الموازنة، تبلغ 5 ترليون دينار، من بينها 2.4  ترليون دينار مخصصة الى البرامج الخاصة التي ينضوي ضمنها رواتب الرعاية الاجتماعية.

تحذير

بدوره، حذر النائب عن محافظة نينوى نايف الشمري، من استغلال البعض لمعاناة المواطنين في ما يتعلق بملف الرعاية الاجتماعية، داعيا وزارة العمل الى ايضاح وضع الوزارة وآليات الشمول والتخصيصات المالية لديها امام وسائل الاعلام كي لا يتم استغلال تلك الشريحة المسكينة.

وقال الشمري في حديث صحفي، تابعته “طريق الشعب” إن “البعض بدأ استغلال معاناة المواطنين وهمومهم كسلعة دسمة للدعاية الانتخابية، والتي من بينها تقديم الوعود للمواطنين وشمولهم بالرعاية الاجتماعية”.