اخر الاخبار

أثار مشروع خط نقل النفط العراقي الخام من البصرة إلى ميناء العقبة الأردني، جدلا كبيرا في الأوساط السياسية والاقتصادية والشعبية، بشأن الغاية من إنشائه وجدواه الاقتصادية للعراق، والتحديات الأمنية المحتملة التي تواجهه، الأمر الذي جرّده من أية مقومات تجعله مشروعا واضحا ومفيدا للعراق والعراقيين.

تكلفة عالية

وقال الخبير في الشأن النفطي الدكتور بلال خليفة، ان تحديات كثيرة تواجه هذا المشروع، لعل أبرزها ما يخص الجانب الأمني، كونه يمتد من البصرة مروراَ بحديثة، ومن ثم دخوله الاردن وحتى ميناء العقبة، حيث يصعب مروره بصحراء المنطقة الغربية حيث ينشط داعش، وفي الداخل الأردني يواجه تحديا أمنيا أيضا.

وأضاف خليفة في حديث مع «طريق الشعب»، أن «ميناء العقبة يبعد عن ميناء إيلات الإسرائيلي حوالي 4 أميال بحرية. وفي حال عبوره الى مصر كما تقول بعض الاخبار، فهو حتماَ سيمر بالمياه الاقليمية للكيان الصهيوني، وبالتالي يجب ان نجلس معهم وتفاوض ونتفق على الترانزيت».

وزاد بالقول: إن الحكومة تقول ان الهدف من هذا المشروع هو استهداف الاسواق الاوروبية لبيع النفط، مبيناً ان «العراق ينتج اكثر من 4 مليون برميل: مليون منها للاستهلاك المحلي والباقي يصدر الى خارج البلد. تذهب منها بحدود مليون برميل الى الهند، و700 ـ 800 الف إلى الصين، وجزء الى كوريا الجنوبية. بما معناه ان الحصة الكبرى من بيعنا للنفط هي في السوق الآسيوي، اي اكثر من 2 مليون ونصف المليون برميل. ويتبقى من هذا كله 700 الف تذهب الى مختلف الأسواق الأوروبية والأمريكية والأفريقية».

ماذا عن طريق التنمية؟

ونبه الى ان «السوق الرئيس للنفط العراقي هو أسيا. واذا أنشئت منصة جديدة لتصدير النفط، فان عملية مرور السفينة عبر مضيق باب المندب الذي يعاني من مشاكل كثيرة، ومن ثم الى مضيق صفيران وتيران قرب الحدود الإسرائيلية، ستكون المسافة اكثر، ما يعني أن الكلفة ستكون اعلى بكثير بالنسبة للمستهلك؛ فعلى سبيل المثال ان السوق الصيني سيفضل الشراء عبر ميناء الفاو، كونه سيكون بكلفة أقل»، مشيرا الى أنه «لدينا منفذ الى السوق الأوروبي عبر ميناء جيهان، وبالتالي يفترض بنا حل هذه المشكلة مع تركيا، لرفع السعة التصديرية».

وتساءل خليفة عن «مدى حاجتنا الى مد انبوب العقبة لاستهداف السوق الاوروبية، في الوقت الذي تتبنى فيه الحكومة مشروع طريق التنمية، الذي يشمل مسارات عديدة للنقل البري والسككي والخدمات (النفط، الغاز، الطاقة المتجددة، الكابل الضوئي وغير ذلك).

وأكد ان هناك «حاجة ملحة لإعادة التفاوض وتقييم الانبوب الممتد الى بانياس عبر سوريا، وتحديد اضراره لاصلاحه، كونه اقرب الى السوق الأوربية، اذا ما كنا فعلاً نستهدف السوق الاوربية، اضافة الى ان كلفته ستكون اقل».

تطبيق قسري مع الكيان!

من جهته، قال الخبير النفطي حمزة الجواهري، ان «المشروع جرى تحريكه من قبل رئيس الوزراء الاسبق نوري المالكي في العام 2013، وتفاعل معه أسلافه، لكنه لم يُشرع بتنفيذه حتى جاءت صفقة القرن التي فرضها ترامب على الدول العربية من أجل التطبيع مع الكيان الصهيوني الخبيث».

وأضاف الجواهري في حديث مع «طريق الشعب»، ان «هذه الصفقة اعتبرت خط البصرة ـ العقبة حجر الزاوية في مسألة التطبيع مع الكيان، لان هذا المشروع سوف يمنح الكيان الصهيوني القوة لمسك العراق من اليد التي تؤلمه، وليفرض عليه الأمر الواقع، كون العراق هو العقدة المستدامة أمام التطبيع الكامل مع بقية البلدان التي ما زالت ترفض التطبيع، وترفض الكيان، وتعتبر القدس عاصمة فلسطين».

وتابع الجواهري، ان «مرور السفن التي تنقل النفط من ميناء العقبة إلى البحر الأحمر لا بد لها من المرور عبر خليج العقبة ومضايق تيران، التي تسيطر عليها إسرائيل والدول الخمسة التي تتحكم بمضيق تيران بتفويض من الأمم المتحدة. وبهذه الطريقة سيكون المشروع عبارة عن حصان طروادة للتطبيع القسري مع الكيان».

الجدوى الاقتصادية للمشروع

وبالنسبة للجدوى الاقتصادية لهذا المشروع، قال انه «يمثل خسارة فادحة للعراق؛ فالتكلفة الأولية للمشروع تصل الى ٢٨ مليار دولار، وعند التشغيل يخسر العراق ما يزيد على ٧ مليارات دولار، وفقا للتقديرات بحدها الأدنى، والتي تستمر إلى اكثر من ٣٠ سنة».

وعن مستوى المخاطر، أوضح ان «الأنبوب يمر عبر وادي حوران الذي تسيطر عليه داعش، وتمنع القوات العراقية من العمل في الوادي بشكل تام. كما ان الخط في الجانب الأردني يمر في مناطق نفوذ الاخوان المسلمين والقاعدة وداعش، لذا فإن اي تفجير قد يسبب كوارث، ولا يمكن إصلاح الخط بسهولة. نحن نتحدث عن خسارة كميات كبيرة من النفط».

وخلص الى القول: ان الخيار الأفضل هو الاستمرار في تصدير النفط عبر الخليج الذي تعتبره دول العالم الكبرى جزءا من امنها القومي.

مصدر تمويل جديد للأردن

من جهته، قال الباحث في الشأن الاقتصادي، احمد عيد: انه «في ظل الأحداث والتوترات الإقليمية يعتبر الأنبوب النفطي العراقي باتجاه العقبة من البدائل الناجحة لتصدير النفط، لتجنب الخروقات المتكررة التي تتعرض لها ناقلات النفط عبر البحر، سواء كانت في الخليج العربي، او عن طريق ميناء عدن باتجاه البحر الأحمر».

وبيّن قائلا لـ»طريق الشعب»، انه في العام ١٩٨١ طرحت فكرة الأنبوب ثم أعيد طرحها في عام ١٩٨٣، وفي فترة الحصار الاقتصادي المفروض على العراق قبل الغزو الأمريكي كانت الناقلات النفطية تنقل النفط باتجاه ميناء العقبة كمنفذ، بعد اتفاقية النفط مقابل الغذاء والدواء في حينها، لذا فانه «من الناحية الاقتصادية أكثر جدوى من النقل البحري والبري، لأنه يختصر الوقت والمسافة ويضمن وصول الكميات النفطية بأمان. كما يجعل العراق من البلدان التي تمتلك منافذ تصدير متعددة تصب في مصلحته لسد بلدان أوربا وأمريكا» بحسب رأيه.

وذكر عيد، ان «الكلفة التقديرية للمشروع لا تتجاوز 10 مليارات دولار، بطاقة تصديرية تصل إلى 3 ملايين برميل نفط يومياً، ويستفيد الأردن من هذا المشروع من خلال الرسوم المفروضة على الخط ضمن الأراضي الأردنية، بالإضافة إلى اعطاء حصة نفطية الى عمّان، يتفق عليها الجانبان».

وأردف عيد كلامه بأن هناك «إصرارا امريكيا على إكمال المشروع، في الوقت الذي اوقفت فيه واشنطن مساعداتها المالية لعمان، وأخذت تبحث عن مصادر تمويل جديدة للأردن، من بينها القطاع المصرفي الأردني الذي استحوذ على نسبة كبيرة لدى المصارف العراقية».

نحتاج لتنويع منافذنا 

من جهته، قال المدير السابق لإدارة المشاريع والتعاقدات في وزارة النفط، احسان العطار: إن مشاريعنا يجب أن تتم وفق خطوات محددة وبطريقة علمية، وتحديد الهدف من المشروع سواء كان مصفى أم خط انبوب، وبعد تحديد الهدف يخضع لدراسة جدوى فنية واقتصادية».

واضاف قائلا لـ»طريق الشعب»، أن «الهدف من مشروع العقبة قد يكون اكبر من زيادة الطاقة التصديرية، فنحن لدينا منافذ، لكن قد تكون الغاية منه خلق مرونة عالية واحتياط لما قد يحدث من تقلبات جيوسياسية، كون العراق جزءا من 49 دولة ليست لديها سواحل لا على البحر او المحيط».

وحذّر من «التعاطي مع هذه المشاريع على انها هبة سياسية، وأن نعطي كميات من النفط بشكل مجاني الى البلدان التي يمر عبرها هذا الانبوب».

وخلص الى القول: ان «كمية النفط التي تشتريها اسواق اوروبا من النفط العراقي قليلة، لأن لديها أسواقا أخرى تفضلها على العراق، أما السوق الاسيوي فهو المشتري الأكبر للخام العراقي».

عرض مقالات: