اخر الاخبار

 

تزامناً مع الذكرى السنوية الرابعة لإعلان الانتصار على عصابات داعش الارهابية في الموصل، يؤكد ناشطون ومراقبون، استمرار التحديات والعراقيل لإعادة بناء المحافظة، التي شهدت خسارة ما يقارب 20 مليار دولار، نتيجة العمليات العسكرية. 

خسائر كبيرة وجهود بطيئة

ويتحدث المواطنون في الموصل، عن بطء الجهد الحكومي في إعادة المحافظة إلى ما كانت عليه قبل وقوعها في قبضة الإرهابيين على أقل تقدير. إضافة إلى أنه من غير المنطقي أن تبقى المحافظة بهذه الهموم الثقيلة، وقد مر على إدارة البلد 3 رؤساء للحكومة المحلية، وقريبا سيكون موعد الانتخابات التي يفترض أن تأتي برابع، على حد قولهم.

ويوضح عضو اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي، فلاح القس، إن الموصل تشهد الآن تقديم بعض الخدمات الأساسية، لكنها دون مستوى طموحات أبناء المحافظة.

ويقول القس لـ”طريق الشعب”، إن “الخدمات التي تقدم إلى المحافظة خلال الفترة الحالية، يمكن اعتبارها مطمئنة إلى حد ما، خصوصا وأنها تشمل مناطق متفرقة، لكنها تبقى بنظر الأهالي غير كافية ولا تواكب حجم الخراب الكبير الذي الحقه الإرهاب والعمليات العسكرية بالموصل”، لافتا إلى إن “التخصيصات المالية التي تقدم لإعادة الإعمار، تكون ضئيلة ولا تدفع بشكل كامل وإنما على شكل وجبات، مع الأخذ بنظر الاعتبار إن جزءا من منها يأتي عن طريق المنظمات الدولية”.

ويضيف المتحدث أنه “بعد مرور 4 أعوام على تحرير الموصل، ما زالت نتائج ملف اجتياح المحافظة وإسقاطها بيد الإرهاب غامضة، ولم يكشف عنها رغم الحديث المتواصل من قبل جهات حكومية ونيابية عن أهمية ذلك. وأتوقع أن يعود الحديث مجددا مع اقتراب موعد الانتخابات للاستفادة السياسية والابتزاز لا أكثر. بينما يبقى المتورطون في مأمن وفق هذا المشهد المأساوي”، مشيرا إلى “وجود الكثير من الموصليين في مخيمات النزوح رغم قرار وزارة الهجرة بإعادتهم. علما أن أعدادا ليست بالقليلة منهم لا تقبل بالعودة لأسباب تتعلق بعدم توفير مستلزمات العيش الكريم في المناطق التي هربوا منها، وأخرى ذات صلة بالانتقام العشائري الذي يجب أن تحله الدولة بشكل قانوني، وان تحمي الأبرياء وغير المتورطين بالإرهاب”.

 

خسائر هائلة

وفي ما يتعلق بحجم الخسائر في البنية التحتية للموصل، يقول الناشط المدني أسامة النعيمي: إن الحد الأدنى منها يصل إلى 20 مليار دولار وفق تصريحات مسؤولين في المحافظة.

ويضيف النعيمي في حديث لـ”طريق الشعب”، أن “ما حصلت عليه الموصل حتى الآن لا يصل إلى ملياري دولار، وهذا يبين حجم العمل المطلوب لإعادة الوضع من جديد، فيما تبقى الصراعات السياسية والتدخلات التي تفرضها جهات متنفذة هي العائق الأكبر أمام امنيات الاهالي وتطلعاتهم، فضلا عن ضعف تخصيصات الموازنة، والكثير من المشاكل الكبيرة”.

وبحسب الأرقام المتداولة، تشير تقديرات بعض المنظمات الدولية إلى فقدان حوالي 8 آلاف مواطن، واستشهاد ما يقارب 11 ألف آخرين بسبب العمليات العسكرية، بينما رصدت حوالي 85 مقبرة جماعية، كان التنظيم الإجرامي سببا رئيسيا في وجودها.

وفي تصريح سابق للمتحدث باسم وزارة التخطيط، عبد الزهرة الهنداوي، فان تكاليف إعمار الموصل لعشر سنوات (2017 ـ 2027) قدرت بحوالي 100 مليار دولار.

 

مشاكل كثيرة

وعلى صعيد ذي صلة، يؤكد سعد العكَيدي، وهو أحد أهالي الجانب الأيمن من الموصل، بأنه “غير سعيد” بذكرى التحرير، “لأن الواقع ما زال عسيرا والمدينة لم تشهد أي إعمار حقيقي، ولم يجر تعويض المتضررين، فضلا عن وقوع المحافظة بيد الجهات السياسية المتنفذة التي تريد ان تتقاسمها”.

ويشير العكَيدي خلال حديثه لـ”طريق الشعب”، إلى أن “الواقع الصحي متردٍ بشكل كبير في أحياء المحافظة، ولم تتمكن الحكومة من إعادة تعمير وبناء المستشفيات، ومعالجة ما لحق بها من تخريب وتدمير خلال العمليات العسكرية”، موضحا أن “الكثير من أهالي المدينة يضطرون إلى السفر باتجاه أربيل والسليمانية من أجل زيارة الأطباء وإجراء العمليات الجراحية، أو مراجعة المستشفيات الأهلية في الموصل. كما أن المدينة تعاني من نقص الجسور وشبكات الطرق، ومنذ أربع سنوات، تعتمد على جسرين حديديين”.

ولفت إلى أن “من المشاكل التي يعاني منها الأهالي، القصور في ملف تعويض المتضررين وضحايا العمليات العسكرية، إذ لا تزال المئات من العوائل تنتظر معاملاتها المتوقفة”، مستغرباً من دعوات الحكومة لعودة النازحين من دون “تعويض المتضررين أو تعمير المناطق التي تعاني من عدم وجود المياه الصالحة للشرب وشبكات الصرف الصحي. كما أن بعض الأحياء تعاني من مشاكل سياسية وأخرى تتمثل بالصراعات بين الوقفين الشيعي والسني”.

 

مشكلات عالقة

من جانبه، يقول الباحث والمختص في الشأن السياسي فراس ألياس، في حديث لـ”طريق الشعب”، إن “استحقاقات المدينة لفترة ما بعد التحرير كانت معقدة جداً، إذ سرعان ما واجه الأهالي أزمات متعددة على صعيد الخدمات والأمن والاقتصاد، والتي جاءت بمجملها نتيجة لحالة الصراع السياسي في المدينة بين القوى التقليدية والقوى الوافدة مع معارك التحرير”.

ويضيف، أن “المدينة لم تشهد أي تقدم يمكن ان يؤخذ به على صعيد أي ملف من الملفات، وهو ما جعل الواقع العام في المدينة في حالة تراجع مستمر، في ظل عجز حكومي واضح عن تصحيح الأوضاع”، داعيا الى “تعويض المتضررين والشروع في ملف إعادة الإعمار والبحث في ملف المغيبين ومحاسبة المتسببين في سقوط المدينة”.

وحول أسباب عدم محاسبة المقصرين في موضوع سقوط الموصل، يذكر ألياس أن “حالة الصراع السياسي وظروف الحرب على التنظيم الارهابي، فضلاً عن الظروف التي شهدها العراق في مرحلة ما بعد داعش، جعلت من ملف الموصل ملفا ثانويا مقابل صعود ملفات أخرى أكثر تأثيراً”.

وحول استمرار معاناة الاهالي في المدينة، يقول الاكاديمي علي أغوان، إنه “بعد تحقيق النصر العسكري على عصابات داعش الارهابية، ما زال اهالي الموصل ينتظرون تحقيق النصر الحقيقي والشامل من خلال اعادة البناء والاعمار، ومعالجة مشكلة مخيمات النازحين”، مشيراً الى أن “أسباب سقوط المدن في يد التنظيم ما زالت موجودة”.

ويضيف أن “المؤشرات تؤكد أن الامور ما زالت معقدة في الموصل، خاصة في ظل إهمال المدينة من قبل الحكومات المتعاقبة، التي لاتذكرها الا في اوقات الكوارث والانتخابات فقط، فضلا عن استمرار وجود القوى السياسية الفاسدة في المحافظة”، موضحا أن “السيطرة على المحافظة تتقاسمها احزاب متنفذة من داخل المدينة وخارجها، وفصائل وافدة لها خلال عمليات التحرير، تجمعها علاقة وطيدة اساسها المصالح المشتركة في ما بينها”.

ويبين الأكاديمي أغوان، أن “المحافظة بعيدة عن القرار السياسي، انما تتحكم بها زعامات سياسية من خارجها، ولا وجود للزعامات الموصلية الحقيقية، خاصة ان الزعامات الكلاسيكية في المدينة لا يمتلكون اي مقبولية من الاهالي”.