اخر الاخبار

بغداد – أنقرة.. نقاط الاتفاق وصعاب الخلاف

حول مستقبل العلاقات العراقية التركية، نشر موقع (اتالاير) دراسة للكاتبة ناتاليا مادينا، أشارت فيها إلى أن بغداد وأنقرة، قد قررتا وبعد سنوات من التوتر الشديد، التعاون في تحقيق المصالح ومواجهة التحديات، عبر شراكة اقتصادية واسعة، رغم اختلافهما الحاد حول قضية تقاسم المياه.

زيارة متعددة الأبعاد

وأعربت الكاتبة عن اعتقادها بإن التواصل بين أنقرة وبغداد تجاوز قضية المياه، فقد وقع ممثلو الجانبين على حزمة من الاتفاقيات المتعلقة بالطاقة والاقتصاد والأمن، حيث تمتعت الأخيرة بأهمية خاصة، بسبب المنظمات المسلحة التي يُعتقد بأنها تهدد أمن البلدين. وأشارت إلى الكلمات التي تبادلها الجانبان، حيث صرح رئيس الحكومة العراقية بأن بغداد لا تسمح لأي قوة باستخدام أراضيها كقاعدة انطلاق ضد دول الجوار كما لا تسمح بأي انتهاك لسيادتها، فيما أعلن الرئيس التركي عن إنشاء لجان مشتركة دائمية لتأمين المستلزمات الفنية في إطار الحرب ضد الإرهاب.

وبعد أن استعرضت الكاتبة ما مرت به العلاقات النفطية بين البلدين في السنوات الأخيرة، ذكّرت بسعي بغداد لإعادة تأهيل خط أنابيب كركوك - جيهان، الذي كان يضخ في السابق 50 في المائة من الإمدادات العالمية، ليضخ حوالي 350 ألف برميل من النفط يومياً إلى تركيا، وهو أمر لا تدعمه شركات النفط ولا حكومة إقليم كردستان، التي تعتمد بشكل شبه كامل على عائدات النفط من اتفاقيات تقاسم الإنتاج مع الشركات الأجنبية. 

وأكدت الكاتبة على أن زيارة أردوغان إلى بغداد أعطت زخما قويا للخطة الخاصة بطريق التنمية، والذي ستشترك فيه إلى جانب البلدين، كل من الإمارات وقطر، والذي يمكن أن يشكل مشروعاً منافساً لخط الملاحة الدولي عبر قناة السويس، معربة عن اعتقادها بأن الزيارة جعلت الخطة تسير بسلاسة.

المشكلة الأصعب

وذكرت الكاتبة بأن زيارة الرئيس التركي الأخيرة لبغداد كانت ستعّد بمثابة ميلاد مرحلة جديدة في العلاقات التركية العراقية، خاصة بعد أن أسفرت عن التوقيع على معاهدات أمنية وطاقية واقتصادية بين البلدين، وخلقت أجواءً بدت ايجابية لحل الخلافات حول نقص المياه في العراق. غير إن الاكتفاء باتفاق ضعيف يقضي بتشكيل لجان ثنائية لمعالجة هذا النقص، خيّب آمال المراقبين، ولاسيما الطرف العراقي، وكشف عن عدم استعداد اردوغان لاقتراح حلول مادية لأزمة المياه، في الوقت الحالي على الأقل.

واشارت الكاتبة إلى أن أزمة المياه لم تكن موجودة في الماضي، بل كانت البلاد تفتخر بوفرة المياه، إلى الحد الذي لم تكن مضطرة معه إلى استخدام طرق الري الحديثة، وهو ما راحت تتذرع به الحكومة التركية في بعض الأحيان، لإلقاء اللوم في مشكلة الجفاف على الاستخدام غير الأمثل للموارد المائية في العراق، وكذلك لعرض خدمات شركاتها الوطنية، التي تدّعي بأنها ذات تقنيات وخبرات وكوادر، قادرة على المساهمة في إنقاذ العراق من الأزمة.

واوضحت الكاتبة بأن مشكلة الجفاف هي بالدرجة الأولى قضية وطنية، باتت تمثل أولوية قصوى بعد معاناة السنوات الأخيرة وعواقبها الوخيمة، وهو ما دفع بوزارة الموارد المائية لإتخاذ خطوات مهمة للحد من الكارثة كتنظيم تدفق المياه وتبطين الأنهار والجداول وإنشاء أنظمة الري الحديثة وترشيد الاستهلاك. وأضافت بأن الأمر قد يتحول أيضاً لقضية دولية، فهناك الكثيرون، غير العراق، ممن يقلقون من المشكلة المتمثلة بمعاناة 40 مليون انسان من آثار الجفاف، جراء بناء تركيا للسدود على نهري دجلة والفرات، واستغلال إيران المكثف للأنهار الرافدة التي تربط الأراضي الإيرانية بالأراضي العراقية، وهو أمر يمكن أن يحسّن من الموقف التفاوضي للعراق.