اخر الاخبار

من مخاطر التغيير المناخي في العراق

نشر المعهد الفرنسي لأبحاث العراق مقالاً للكاتب فابريس بالانش حول العلاقة بين العنف والتغيير المناخي، أشار فيه إلى أن تقرير البنك الدولي في العام الماضي، اعتبر العراق خامس أكثر دول العالم تضرراً من ظاهرة الاحتباس الحراري، حيث ترتفع درجات الحرارة إلى أكثر من 50 درجة مئوية لأسابيع طويلة في الصيف، وحيث انخفضت كميات المياه على مدى السنوات العشرين الماضية من أكثر من 2000 متر مكعب للفرد سنويًا إلى أقل من 500 متر مكعب. وأضاف المقال بأنه ومع استمرار تناقص هطول الأمطار وقيام تركيا وإيران بتخفيض الإطلاقات في دجلة والفرات وروافدهما مثل نهر ديالى، تزايدت احتياجات العراق من المياه خاصة بعد أن تضاعف عدد سكانه خلال العقود الثلاثة الماضية.

مشاكل بلا حلول 

وأشار المقال إلى أن تزايد الأثار السلبية للتغيير المناخي في الآونة الأخيرة، حيث يعاني الناس من قسوة أشهر الصيف، في ظل انتاج متدن للطاقة الكهربائية وتهالك شبكات نقلها وتوزيعها وارتفاع أعداد العوائل التي تعيش دون مستوى الفقر إلى الحد الذي يُفقدها القدرة على شراء الطاقة من المولدات الأهلية، أو قضاء الصيف في إقليم كردستان، حيث تتمتع المنطقة الجبلية بظروف مناخية أقل قسوة. واعتبر الكاتب التدهور الكبير الذي باتت تعاني منه الزراعة جراء هذا التغيير أمراً أكثر خطورة، حيث أدت الحرارة المرتفعة وطريقة الإرواء بالغمر إلى رفع مستوى الملح وفقدان الكثير من الأراضي الصالحة للإنتاج الزراعي، فيما يتسرب أو يتبخر 90 بالمائة من المياه التي تدخل نظام الري، دون أن تتمكن الدولة الضعيفة من التحكم بتنظيم عملية التوزيع وترشيد إستهلاك الماء، أو حماية الإنتاج الزراعي المحلي من المنافسة مع السلع المستوردة.

وذكر المقال بأن هذه المشاكل سببت نزوحاً مكثفاً لا يمكن إيقافه، من الريف إلى المدينة، حيث يهجر الشباب الزراعة وينتقلون للعمل في الخدمات بالمدن أو الانضمام إلى الفصائل المسلحة، مما خلق تجمعات للفقراء حول المراكز الحضرية الكبيرة وأحياناً في وسط المدن القديمة المتهالكة. وأضاف الكاتب بأن أغلب هؤلاء يعتمدون على دعم الأحزاب السياسية وزعماء القبائل للبقاء في هذه التجمعات، عسى أن يحصلوا على سندات الملكية فيها، الأمر الذي أدى إلى حدوث توترات اجتماعية وتدهوراً شديداً في الخدمات العامة وفي التلوث البيئي. وضرب الكاتب مثلاً على ذلك في مدينة البصرة، حيث يعيش 40 بالمائة من السكان في هذه التجمعات وحيث تعاني المدينة من أزمة سكن حادة.

الأرباح اولاً

وأشار المقال إلى غياب أية استراتيجية تعني بتقلبل التأثيرات السلبية للتغيير المناخي في هذه التجمعات وحتى في الأحياء المشيدة حديثاً، كاستخدام مواد عازلة مثلاً، وذلك لأن المستثمرين يبحثون عن تعظيم أرباحهم فقط ويستخدمون مواد بناء رديئة، مما يؤدي إلى تدهور سريع، منبهاً إلى ضياع فرصة استثمار إعادة إعمار الموصل، في إقامة مشاريع تساهم في تكييف السكن مع الظروف المناخية الجديدة.

ونصح المقال بتخصيص الموارد الكافية لحل مشكلتي ارتفاع درجات الحرارة ونقص المياه، بحيث يمكن تكييف البيئة وكميات المياه المتوفرة، وتقليل الصرف على استيرادات الغذاء الضخمة والإعتماد الكامل على صادرات المواد الهيدروكربونية، وهدر ثروة البلاد على الاستهلاك بدلا من الاستثمار في المستقبل، فلن تتمكن الدولة، حسب تعبيره، من القيام بوظيفتها الريعية لأكثر من بضع سنوات، قبل ان تتمزق على نحو بشع. واختتم مقاله بالتحذير من تواصل الهجرة القسرية بسبب التغيير المناخي وما ستؤدي اليه من عنف وتوترات لا يحمد عقباها.