اخر الاخبار

مع إعلان رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، امس الأول الاحد، تفاصيل جداول موازنة العام 2024 المرسلة إلى البرلمان، قال مختصون في الشأن الاقتصادي ان الإدارة المالية للحكومة تقود العراق نحو الهاوية، في ظل ارتفاع حجم الانفاق غير المبرر.

وأضاف المختصون، أنّ الموازنة الحالية كسابقاتها اعتمدت على الريع النفطي كأساس للإنفاق، مع تأشير ان الإنفاق في الموازنات الاستثمارية هو الآخر يوجه الى قطاعات غير إنتاجية، وعليه فأنه لا يؤدي الى خلق عملية تنمية اقتصادية.

تفاصيل الموازنة

وقال السوداني في مؤتمر صحفي، أمس الأول الأحد، عقب جلسة مجلس الوزراء الاستثنائية الخاصة بجداول موازنة 2024، إن «قانون الموازنة العامة الاتحادية رقم (13 لسنة 2023)، يستوجب إعداد جداول الموازنة وتقديمها إلى مجلس النواب، وهي المرّة الأولى التي يصدر بها قانون موازنة مالية اتحادي يغطي 3 سنوات.

وشدد على أن «مهمة الحكومة ومجلس النواب والمجالس المحلية في المحافظات التأكد من خلوّ المشاريع الخدمية من الهدر»، مشيراً إلى أن «الموازنة الثلاثية، ساعدت الحكومة في تفعيل المشاريع المتلكئة والمتوقفة، البالغة 1321 مشروعاً، كما منحت الثقة للشركات المتعاقدة بالاستمرار في العمل وعدم التوقف».

وبيّن انه «جرى استئناف العمل في (471) مشروعاً، وإنجاز 120 مشروعاً تم تسليمها».

وأكد ان «الحكومة أتمّت جداول الموازنة لإرسالها إلى مجلس النواب، وتضمنت الجدول (أ) الإيرادات بمجمـوع (144.336) تريليون دينار، والجدول (ب) يخص النفقات المخططة الكلية بمجموع (210.936) تريليون دينار»، مبينا ان «العجز المخطط للموازنة بلغ (63.599) تريليون دينار، والجدول (ج) هو جدول القوى العاملة الممولة مركزياً، وبلغت (4.079906) موظف، وبلغت النفقات الحاكمة (10.042) تريليون دينار».

وأشار الى ان «الجدول (هـ) يوزع تقديرات الموازنة على الأبواب الرئيسية للموازنة، ويوزع الجدول (و) النفقات حسب القطاعات والأنشطة»، مبينا ان «الموازنة الاستثمارية لعام 2024، (54.298) تريليون دينار، وقد تصل إلى 55 تريليون دينار»، منوها الى ان «تخصيصات المحافظات لبرامج الحكومات المحلية بتخصيص استثماري بلغت (10.633) تريليون دينار في عام 2023، وموّلنا (3.333) تريليونا، بناءً على الطلبات الأصولية من المحافظات، حيث ان المتبقي من التخصيصات (7.333) تريليون دينار في حساب أمانات، تحت تصرف حكومات المحافظات».

وتابع السوداني: «أنفقنا في 2023 ما نسبته 24 في المائة في الموازنة الاستثمارية، وقد أحدثت ورشة عمل كبيرة في كل القطاعات الإنشائية والبنى التحتية»، مبينا ان «67 في المائة من الموازنة كانت إنفاقات تشغيلية وفي محاربة الفقر، انعكس ذلك على المستوى المعيشي للمواطن».

زيادة في الانفاق

وحول المعطيات الأولية للموازنة، قال أستاذ الاقتصاد في جامعة المعقل نبيل المرسومي ان «الإنفاق وصل إلى 210 تريليونات دينار، أي أكثر من العام الماضي، ووجدنا أن العجز قد ارتفع إلى 66 ترليون دينار»، موضحا أن «الإنفاق الاستثماري ظل كما هو عليه وهو الأقل بنسبة 26 في المائة إنفاق استثماري ونسبة 77 في المائة إنفاق تشغيلي».

واضاف المرسومي في حديث مع “طريق الشعب” أن “الرواتب أيضًا قد ازدادت بحوالي 3 تريليونات دينار، حيث كانت 59 تريليونا، ووصلت إلى 62 تريليون دينار. ويبدو أن ما تسرب من أخبار يشير إلى أنه حتى موازنة تنمية الأقاليم والبترودولار قد تم تخفيضها في موازنة 2024 لصالح موازنة الوزارات، وهذا بالطبع من الممكن أن يثير لغطا كثيرا واعتراضات”.

وأضاف قائلًا: «حتى سعر برميل النفط قد تم رفعه في هذه الموازنة من 10 آلاف إلى 16 ألف دينار، وهذا قد يثير اضطرابات واحتجاجات من قبل المصافي، لأنه سيحولها من شركات رابحة إلى خاسرة».

وأكد أنه في ظل هذه المعطيات «فإن البلد يُقاد نحو الهاوية، فحجم العجز كبير والأكبر في تاريخ العراق، وقطعا سيُمول من خلال الاقتراض الداخلي أو الخارجي، وحتى لو انخفض العجز إلى النصف سيبقى المبلغ كبيرًا جدًا، ونلاحظ أن جل الإنفاق هو إنفاق تشغيلي وحتى الاستثماري قسم كبير منه يذهب لنفقات جولات التراخيص، والقسم الآخر استثمارات لا تؤدي إلى طاقات إنتاجية جديدة، كما هو الحال في استثمارات المجسرات أو المجاري والطرق، فالبرغم أهميتها الا إنها لا تخلق طاقات إنتاجية، ولا تؤدي إلى زيادة مهمة في الناتج الإجمالي، وبالتالي فان اقتصاد البلد لا يخلق فرص عمل، والأموال تُبذر في مناطق ونواح غير مجدية، وبالتالي وجدنا أننا نعتمد على النفط بنسبة أكثر من 94 في المائة في هذه الموازنة أو الموازنات السابقة».

المؤشرات الاقتصادية مقلقة

وفي ما يخص الحديث عن النمو الاقتصادي والصعود الإيجابي في الاقتصاد، قال إن «النمو الاقتصادي الحاصل في العراق سببه أسعار النفط، إذ لا يوجد هناك نمو اقتصادي حقيقي، ولا يوجد تنويع في الموارد، إذ لا يزال النفط هو المورد الرئيس للموازنة»، معتقدا أن «الحديث عن صعود اقتصادي متشعب هو أمر مبالغ به، لأن المؤشرات الاقتصادية لا تعطي انطباعًا إيجابيًا جدًا عما يحصل».

وخلص إلى القول إن «أسعار النفط المرتفعة تجعل الحكومة تنفق بارتياح، لكن هذا الإنفاق لم ولن يؤدي إلى خلق فرص عمل حقيقية للناس، ولن يؤدي إلى تطوير الطاقة الإنتاجية أو نوعية الخدمات»، مؤكدًا أن ما يحصل هو عملية ترقيع لبعض جوانب الحياة الاقتصادية في العراق. بينما نحن بحاجة ماسة إلى تنمية حقيقية تخلق طاقات إنتاجية في الزراعة والصناعة والخدمات، وأن ما موجود اليوم في العراق وعمليات الإعمار هنا وهناك لا تؤدي إلى وضع الاقتصاد في العراق على المسار الصحيح».

عجز كبير وخيالي

المختص بالشأن الاقتصادي، باسم جميل أنطوان، قال إن «الموازنة لا تزال سياسية وليست فنية، ففيها الكثير من المشاكل المتراكمة، وقد أكدنا سابقًا أنها يجب أن تكون سنوية، لانها تعتمد على ريع نفطي غير مستقر من ناحية الإيرادات».

وأضاف أنطوان في حديث لـ»طريق الشعب»، أن «العجز في الموازنة خيالي ومبالغ فيه، إذ هناك إنفاق كبير لا تقابله إيرادات، وكل هذا الإنفاق هو تشغيلي وليس استثماريا ولا بد من علاجه»، موضحًا أن «الحكومة تحاول خلق فرص عمل للعاطلين، لكن الأمر ليس بهذه السهولة، فالمشاريع الحالية من جسور وغيرها لا تُدر إيرادات على المدى القريب».

وأكد أن «المعطيات الحالية تشير إلى أن الموازنة الحالية لا تزال موازنة تقليدية ولا تختلف عن سابقاتها في شيء، حيث تلجأ الحكومة فيها إلى إرضاء الشارع وفتح تعيينات كبيرة تستنزف مبالغ من الموازنة. بينما الأجدر هو خلق فرص عمل حقيقية في القطاع الخاص لتخفيف العبء على القطاع العام».

تأثيرات سياسية

بدوره، قال عضو اللجنة المالية النيابية معين الكاظمي، أن الموازنة تحتاج إلى أكثر من شهر لإقرارها في البرلمان، بعد إرسالها من قبل مجلس الوزراء.

واضاف الكاظمي، أن «الموازنة تتطلب وقتًا لمراجعة الجداول والزيادات في الإيرادات والنفقات»، مشيرا الى أن «الاتفاقات السياسية تؤثر بشكل كبير في تحديد مصير العديد من القوانين، بما في ذلك الموازنة العامة»، مشيرًا إلى أن «اللجنة المالية ستسعى جاهدة لإبعاد الموازنة عن الصفقات السياسية، وإقرارها في أقرب وقت ممكن».

إيرادات الدولة

وكانت وزارة المالية كشفت عن حجم الإيرادات العراقية في الموازنة الاتحادية خلال ثلاثة أشهر.

ووفقا للجداول والبيانات التي أصدرتها الوزارة في شهر أيار الجاري لحسابات لأشهر كانون الثاني وشباط وآذار للسنة المالية الحالية والتي بيّنت أن النفط ما يزال يشكل المورد الرئيسي لموازنة العراق العامة حيث بلغت نسبة مساهمته 89 في المائة، مما يشير إلى أن الاقتصاد الريعي هو الأساس في موازنة البلاد العامة.

وأشارت جداول المالية إلى أن إجمالي الإيرادات في الأشهر الثلاثة الأولى بلغت 31 تريليوناً و187 ملياراً و625 مليوناً و445 ألفاً و38 ديناراً، وأن إجمالي النفقات مع السلف بلغ 3 تريليونات و678 ملياراً و245 مليوناً و419 ألف دينار.

وبحسب الجداول فإن إيرادات النفط بلغت 27 تريليوناً و675 ملياراً و924 مليوناً و540 ألف دينار، وهي تشكل 89 في المائة من الموازنة العامة، في حين بلغت الإيرادات غير النفطية 3 تريليونات و533 ملياراً و932 مليوناً و400 ألف دينار.