اخر الاخبار

برامج التنمية: تحديات معقدة

لموقع معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى، كتب الخبير الاقتصادي محمد حسين مقالاً حول أهم التحديات والمشاكل التي تعيق برامج التنمية في العراق، أشار فيه إلى أن كل المبادرات التي استهدفت تحقيق نمو اقتصادي مستدام عبر تنمية القطاع الخاص كاستراتيجيات التنمية الوطنية (2005-2007 و2007-2010)، وخطط التنمية الوطنية (2010، 2013-2017 و2018-2022)، لم تصل إلى نتيجة تذكر، على الرغم من توافق ذلك مع طموحات الحكومات ومنها الحالية، في تعزيز المشاريع الخاصة وجذب الاستثمار الأجنبي المباشر وتنويع الاقتصاد وتقليل اعتماده على صادرات النفط الخام، ومعالجة الاختلالات الهيكلية المتأصلة والناجمة عن الاقتصاد الريعي.

حلم التنمية المؤجل

ووصف المقال القطاع الخاص في العراق بالضعف والتخلف وبالاعتماد على المشاريع التي تمولها الدولة، فيما تشكل القيود المؤسسية والتحديات المالية والفساد المستشري وأوجه القصور في الحكم، حواجز هائلة أمام أية مساع تنموية. فعلى الصعيد المالي، يتم تخصيص حصة الأسد من موارد الدولة لدفع الرواتب، مع بقاء حصة صغيرة للاستثمارات (14 بالمائة) في البنية التحتية والتنمية، فيما تتركز معظم هذه الوظائف في قطاعات غير منتجة اقتصاديًا مثل المؤسسة الأمنية والأوقاف الدينية، وتصرف نسبة غير قليلة من الأموال العامة بشكل أساسي لضمان ولاء الناخبين، الأمر الذي يعكس القصور الصارخ في الالتزام باستراتيجيات الحكومة وأهدافها التنموية.

وأوضح المقال بأن الأرقام الرسمية تشير إلى تقليص الاستثمار في الصناعات غير النفطية وانخفاض مساهمتها في الدخل إلى ما لا يزيد عن 7 بالمائة، وذهاب معظم هذه الاستثمارات في عام 2023 نحو قطاع النفط الذي يوفر 93 بالمائة من إيرادات البلاد، رغم أن فرص العمل التي يخلقها تبقى محدودة جداً. وأضاف الكاتب بأنه نظرًا للتحديات المالية والاقتصادية السائدة، ستظل تنمية القطاع الخاص مهمة شاقة في ظل تجاهل الطبقة الحاكمة للاستراتيجيات والخطط التنموية الوطنية سعيًا لتحقيق مكاسب انتخابية قصيرة المدى.

الريع النفطي

وأكد المقال على أن تدفق الإيرادات النفطية يعّد الداء والعلاج لمعضلة العراق الاقتصادية، فإنخفاض سعر النفط بدولار واحد يسبب خسارة سنوية في الإيرادات بقيمة 1.23 مليار دولار، مما يضع تحفيز النمو الاقتصادي واستدامته، خارج سيطرة البلد. وأعرب الكاتب عن تشاؤمه من قدرة الحكومة على تجاوز التحديات التنموية من دون تبني نهج استراتيجي يقلل النفقات على الوظائف (61 بالمائة) وتطوير بيئة الأعمال وتنفيذ سلسلة من الإصلاحات المالية وتنشيط قطاعات الصناعة والزراعة والمواصلات والسياحة ومكافحة الفساد الذي يعرقل نمو القطاع الخاص ويعوق الاستثمار الأجنبي المباشر بشكل كبير، واتخاذ التدابير الأمنية اللازمة لجذب المستثمرين.

متطلبات هامة

واعتبر المقال إنشاء بنية تحتية قوية سيكون أفضل استثمار وضرورة لأي نجاح تنموي، وهو ما يتضمن إصلاح أو إنشاء الطرق والجسور ومحطات الطاقة والشبكات التي يمكنها دعم الاقتصاد المتنامي، وزيادة إيرادات الدولة أو إعادة ضبط السياسات المالية للحد من النفقات الجارية وتخصيص المزيد للاستثمارات في البنية التحتية، وتنظيم شراكة فاعلة بين القطاعين العام والخاص.  ورأى الكاتب بأن وضع استراتيجية للتغلب على التعقيدات السياسية المرتبطة بتقاسم السلطة على أساس المحاصصة، ضرورة أخرى للتنمية، فقد أوجدت المحاصصة اقتصادًا سياسيًا فريدًا يقوم فيه كل حزب حاكم بتوزيع موارد الدولة وفرص العمل وعقود الخدمات لتعزيز الولاء داخل دوائره الانتخابية، مسبباً تضخماً بالإنفاق وتجاهل مبادرات الاستثمار وبالتالي صعوبات مالية كبيرة. وأضاف بأن من المؤكد أن إصلاح القطاع المالي في العراق سيحسن البيئة التمكينية للأعمال، ويوفر بذلك الكثير من الفرص الجديدة لرواد الأعمال وصناع السوق الشباب.