اخر الاخبار

لا يكاد يخلو حصاد الأخبار اليومي لوسائل الاعلام المختلفة من نشاط أمني في القاء القبض على متعاطي ومروجي المخدرات في عموم مناطق البلاد، لا سيما محافظة البصرة التي عدّها مراقبون “بؤرة كبرى” للمتاجرة بها، بسبب قربها من الحدود “المفتوحة”، بحسب متحدث حكومي.

ويصادف الـ 26 حزيران من كل عام اليوم العالمي لمكافحة المخدرات.

وبحسب خبراء ومتخصصين في مجال المخدرات وآثاره السلبية على الإنسان والمجتمع، يعتبر التعاطي أكثر خطورة من الإرهاب على المجتمعات.

وبدأت إشكالية انتشار المخدرات في العراق بالتفاقم بعد عام 2003،ويشير مراقبون ورؤساء منظمات معنية بمتابعة ملف المخدرات في العراق، إلى أن الجهود الرسمية لا تتناسب مع حجم الانتشار الكبير.

موقف حكومي مخجل

وفيما يخص كيفية دخول المخدرات إلى العراق والتعاطي بها أو التجارة بهذه المواد الممنوعة، يشير مدير قسم العلاقات والإعلام في مديرية شؤون المخدرات والمؤثرات العقلية في وزارة الداخلية، العميد عماد جبر حسين، إلى أن “الحدود المفتوحة هي أحد أسباب انتشار المخدرات في العراق”.

ويصف جبر دور وزارة الصحة في علاج الإدمان بـ”المخجل”، مضيفا أن “مستشفى الرشاد لا يستوعب الأعداد الكبيرة للمتعاطين، ولقد لجأنا في وزارة الداخلية إلى التوعية بمخاطر المخدرات بشكل أكبر لعدم وجود مصحات تقدم علاجاً طويلاً يحتاجه المدمن”.

ويؤكد جبر أن “أي منطقة قريبة من الحدود ستكون عرضة لاستخدام المخدرات وتعاطيها”، مبيناً أن “أغلب عمليات التهريب تتم عبر البصرة وميسان، حيث تدخل مواد الكريستال. فيما تأتي حبوب الكبتاغون من الحدود السورية”.

6 الاف تاجر ومتعاطٍ

من جهته، أكد مدير الدائرة العامة لمكافحة المخدرات والمؤثرات العقلية في العراق، اللواء مازن القريشي، القاء القبض على أكثر من 6000 تاجر ومتعاطٍ للمخدرات في العراق، خلال عام 2020.

وقال القريشي إنه “تم ضبط أنواع مختلفة من المواد المخدرة والمؤثرات العقلية في العراق”، مضيفاً أنه “تم ضبط أكثر من 120 كيلوغراماً من مادة الكريستال، و270 كيلوغراماً من الحشيش، إلى جانب 1.5 مليون حبة من حبوب الهلوسة، خلال الفترة المذكورة”.

وأوضح القريشي أن المديرية ضبطت كميات من حبوب الكبتاكون المخدرة، وهي تصل إلى العراق عن طريق سوريا.

البصرة وميسان في المقدمة

ووفقاً لدراسات المديرية العامة لمكافحة المخدرات، “تأتي محافظة البصرة ومن بعدها محافظة ميسان أكثر محافظتين مستهلكتين للمخدرات حيث تهرب من خلالهما المواد المخدرة” يقول القريشي.

وأضاف القريشي أن “المؤثرات العقلية تستخدم بشكل أكبر في المحافظات الغربية، في مقدمتها الأنبار، وكذلك في البعاج التي تستقبل المؤثرات العقلية المهربة من سوريا، لتصل تلك المواد منها إلى سنجار”.

وذكر القريشي أن أكثر المواد المخدرة رواجاً في الأسواق العراقية هي “الكريستال”، وهي تصدّر من افغانستان وتأتي إلى العراق عبر إيران. وتشير الإحصاءات الرسمية إلى أن غالبية المتعاطين لهذه المواد المخدرة في العراق هم من الشباب، حيث يلجأون إلى الإدمان بسبب بعض المشاكل الاجتماعية مثل الفقر والبطالة.

وسجلت إحصاءات منظمة الأمم المتحدة 275 مليون مدمن في أنحاء العالم، في العام الماضي، ويتوقع أن يصل عدد المدمنين على المواد المخدرة إلى 299 مليون بحلول عام 2030.

وكشف تقرير صادر عن مكتب الأمم المتحدة لمكافحة المخدرات والجريمة، أنه زاد عدد المدمنين على المخدرات في فترة انتشار فيروس كورونا بنسبة 22% مقارنة بنسبة المدمنين في الفترة الواقعة بين  (2010 - 2019).

السليمانية قلقة

وكشف المتحدث الرسمي لمديرية اسايش السليمانية، المقدم ياسين سميع نجم الدين، أول من أمس السبت، عن اعتقال أكثر من 300 شخص، بينهم نساء، بتهم تعاطي وترويج المخدرات.

وقال نجم الدين، ان مديريته “قامت خلال السنة الحالية باعتقال 305 متهمين بتعاطي وتجارة المخدرات: 278 ذكورا و18 من النساء و13 من خارج اقليم كردستان ومن جنسيات مختلفة. وتمت مصادرة 500 كغم من مختلف أنواع المواد المخدرة”.

وأشار إلى أن العام الحالي “يعد الاكثر في معدل اعتقال وضبط المخدرات مقارنة بالأعوام السابقة، وهذا ما يثير قلقنا”.

الفقر.. سيد الأسباب

ويقول الخبير في شؤون حقوق الانسان، ومسؤول (شبكة العدالة للسجناء)، شوان كردي، ان “هناك العديد من الأسباب لتعاطي المخدرات، وأحد أهم تلك الأسباب هو الفقر، كما يتعلق الموضوع بالمستوى الثقافي للأشخاص”.

ويشير كردي الى أنه “على الرغم من انتشار تعاطي المخدرات بشكل واسع، لكن لا توجد إحصاءات رسمية دقيقة في شأن نسب المتعاطين”.

اكثر من 11 الف متّهم

وبهذا الصدد، أعلنت وزارة الداخلية، يوم السبت، عن القاء القبض على آلاف المتهمين بتعاطي وتجارة المخدرات منذ مطلع العام الماضي.

وقال مدير العلاقات والاعلام في الوزارة اللواء سعد معن، في بيان طالعته “طريق الشعب”، إن “الملقى القبض عليهم بتهمة المخدرات بلغ 11061 متهماً منهم 4750 تاجراً و456 مروجاً و5555 متعاطيا”.

واوضح، أن “المحكومين بلغ عددهم 5390، وهناك 6401 اوامر قبض”.

وتابع انه “تم ضبط 200 كيلو كرستال و37 غراماً، و403 كيلوات حشيشة، و16 كيلو هيروين، و9 كيلوات افيون، و133 غرام كوكايين”.

ولفت الى “المواد المخدرة والمؤثرات العقلية بلغت 729’767 كبتاغون، وحبوب المؤثرات العقلية بلغت 16 مليونا و176 و 101 حبة”. وأشار إلى أن هذه الأرقام تم تسجيلها للفترة بين مطلع العام الماضي ولغاية 20 حزيران.

المستشفيات وكوادرها غير مؤهلة

وعن دور مؤسسات التأهيل الحكومية ـ مصحات أو مستشفيات متخصصة في المعالجة من التعاطي ـ يبين كردي، أنها “ليست بالمستوى المطلوب. فهذه تفتقر إلى الوسائل الحديثة لإعادة تأهيلهم. كما أن الكوادر الموجودة ليست لديها خبرة ولم يتم تدريبهم أو تطوير قدراتهم للتعامل مع الضحية. وكانت منظمة (عراق خالٍ من المخدرات) ذكرت في احد تقاريرها، أن محافظة البصرة تعدّ البؤرة الكبرى سواء في تجارة المخدرات أو تعاطيها. وباتت تمثل المنفذ الأكبر لتلك المواد نحو بقية المحافظات. فيما أفادت مديرية مكافحة المخدرات في اقليم كردستان، السبت، بإتلافها نصف طن من المخدرات.

حقوق الإنسان تحذر

ووجهت مفوضية حقوق الإنسان في العراق، تحذيرا شديدا من تفاقم خطر انتشار المخدرات وارتفاع معدلات التعاطي والإدمان بين شرائح المجتمع. فيما شددت على ضرورة تحقيق تعاون دولي لتجنيب البلاد تداعيات تلك الظاهرة. وقال عضو المفوضية علي البياتي، إن “مشكلة المخدرات ستكون التحدي الرئيسي والأكبر الذي ستواجهه البلاد في السنوات المقبلة، نظراً إلى المشكلات الأمنية والاجتماعية والاقتصادية الخطرة التي ستنجم عن تفشّيها وانتشارها المتسارع في عموم المحافظات”. وأوضح البياتي، أن “موضوع مكافحة معضلة المخدرات بحاجة إلى تعديل قانون مكافحة المخدرات الصادر عام 2017، لتشديد العقوبة على الاتجار بالمخدرات والتخفيف عن المتعاطين، لأنهم ضحايا الواقع والاستغلال وغياب جهود الدولة لحمايتهم”.