يقف امام محله في سوق حي العامل، ويعدّ ما تبقى من اطوال القماش، لحساب خسارته هذه المرة، وليس الربح. بهذه الطريقة أنهى غزوان علي يومه، بعد ارتفاع سعر الدولار بشكل مفاجئ، وغير مسبوق، الامر الذي انعكس سلباً على الفقراء وذوي الدخل المحدود.

من يعوض خسارتهم؟ 

يقول غزوان علي (30 سنة) وهو يقوم بتنظيف محله الذي أخذ الغبار يملأ الرفوف في داخله، نتيجة غلقه لأسبوع كامل على أثر تداعيات انخفاض سعر الدينار، إن: “الازمة الحالية أثرت علينا نحن اصحاب المشاريع الصغيرة، بمسألة التسديد للتجار،  لأننا قبل الازمة اخذنا بضائع من التجار بسعر الدولار القديم، ولم نسددهم لحين بيع ‏البضائع، وفي تلك الاثناء، ارتفع سعر الدولار، وبالتالي فأن المدين للتاجر بمبلغ الف دولار ‏أي ما يعدل سابقاً مليونا ومائتي الف دينار، اصبح ملزماً بالدفع بحسب سعر الصرف الجديد للدولار، وهنا يكون الفارق حوالي 250 الف دينار”. ‏

ويضيف غزوان، وهو المعيل الوحيد للعائلة المكونة من خمسة ابناء وزوجته وامه: ان “هذا الارتفاع بسعر صرف الدولار صاحبه انخفاض القدرة الشرائية للمواطنين، واصبحوا متخوفين من ‏الشراء، باستثناء السلع الضرورية، ما جعلنا ذلك في موضع الخسارة”.

ويؤشر غزوان بيده صوب الضائع المتكدسة، قائلة إنها “ملأت المحال في السوق وحتى الارصفة”، مؤكدا أن “بعض المحال الصغيرة خسرت نصف رأس مالها”.

 وضع انكماشي خطر!

وذكر المستشار المالي لرئيس الوزراء، مظهر محمد صالح، في مقال يخص الازمة الراهنة، أن ‏”الأوضاع المالية الانكماشية في العراق تقود إلى مظاهر اقتصادية خطرة”.‏

وقال صالح، إن تلك المظاهر “أدت الى انكماش الطلب أو ‏الإنفاق الحكومي في العام 2020”، وهذا قاد بالتالي إلى “تعاظم فجوة الدخل الوطني، وانخفاض النمو بنحو ‏‏11 في المائه عن معدلاته”. وأشّر صالح أيضا “تعاظما في مستويات البطالة، لا يقل ‏عن 25 في المائة”، والتي ارجعها الى حالة “الانكماش”، وهذا قاد، بشكل حتمي، بحسب المتحدث الى “تزايد معدلات الفقر بين السكان التي تعدت ‏‏30 في المائة” حسب قوله.

وبيّن صالح، أن “دعاة الفكر المالي، يرون أن مظاهر الانكماش والتعثر ‏المالي واللجوء إلى التقشف (شبه الإجباري) سيظل مدعاة لتعاظم الدين والعجز في حزمة ‏إنقاذية مالية توسعية تتطلبها السنوات المالية اللاحقة”.

 مواطنون: خطة خبيثة

وتأكيدا لما ذكره الدكتور مظهر، يروي ابو علي (عامل في أحد الاسواق الشعبية)، ما شهدته السوق، إثر القرار الحكومي المفاجئ، قائلا ان “بعض المخازن اغلقت بشكل تما، بينما جرى تسريح عشرات العمال منها”.

ويقول أبو علي ( 58 سنة) ان “الحكومة مهدت لقرارها بتأخير صرف رواتب الموظفين والمتقاعدين، وبعد أن لاحظت ردود الفعل في الشارع، ذهبت نحو رفع سعر صرف الدولار”.

ويصف المواطن تلك الاجراءات بأنها “خطة خبيثة”، تحمل المواطن عبئاً ثقيلاً.

وروّجت مواقع التواصل الاجتماعي، في الايام الاولى من رفع سعر الدولار، صورا ومقاطع فيديوية تظهر المحال التجارية وهي شبه خاوية من المتبضعين.

أما عبدالرحمن هادي (صاحب محل لبيع المواد الغذائية)، ان “الأسواق بصورة عامة تعتمد على البضائع المستوردة، في مقابل وجود بضائع محلية قليلة”.

ويضيف هادي، “نواجه حرجا كبيرا في بيع بضائعنا. الناس متذمرة وتحبس أنفاسها من القادم”.

ويختتم هادي حديثه بطرح تساؤل مفتوح: ان “الناس كانوا في السابق، يعتاشون على الحصة التموينية، أما الان وفي ظل انعدام معظم ‏مفردتها، فكيف سيتمكنون من تأمين قوتهم اليومي؟!”. ‏

وفي دراسة أعدتها وزارة التخطيط بالتعاون مع البنك الدولي ومنظمة اليونيسيف، خلال النصف الثاني من العام الماضي، ووفق سيناريو توقعات ارتفاع الأسعار نتيجة كبر الأزمة، فقد توقعت الدراسة في محورها الأول أنه إذا ارتفعت الأسعار بنسبة 50 في المائة، عما كانت عليه قبل الأزمة، فسيسهم بارتفاع نسبة الفقر إلى 31.7 في المائة،  أي حوالي 32  في المائة، ويصبح عدد الفقراء  11 مليوناً و400 ألف يعيشون تحت خط الفقر”.

ولمعالجة تلك المشكلات المتوقعة، قال المتحدث باسم الوزارة عبد الزهرة الهنداوي، يوم أمس، ان “الإجراءات التي ستطبق خلال العام الحالي في موازنة العام 2021، تشمل زيادة في تخصيصات شبكة الحماية الاجتماعية بحوالي ترليوني دينار، بهدف زيادة قاعدة الشمول للفقراء، أي شمول أسر جديدة، وكذلك إذا كانت هنالك إمكانية زيادة الرواتب الممنوحة للمشمولين بهذه الشبكة”.

عرض مقالات: