اخر الاخبار

تتجدد أزمة نقص الكهرباء في العراق مع دخول موسم الصيف كل عام، وهو ما يواجهه العراقيون اما بالخروج في احتجاجات شعبية، خاصة في مدن الجنوب والوسط، أو بالسخرية والتندر على مواقع التواصل الاجتماعي.

وبالرغم من الأموال الطائلة التي صرفت على قطاع الكهرباء في العراق، منذ 2003 حتى الوقت الراهن، إلا أن العراقيين لم يلمسوا أي تحسن في هذه الخدمة. فالكثير من التعاقدات التي أبرمت في هذا الشأن، تكتنفها شبهات فساد – وفق ما يصرح به مسؤولون ومعنيون.

وخلال الأسابيع القليلة الماضية، شهدت مدن عدة في وسط وجنوب البلاد، احتجاجات على تردي الكهرباء.

أما على مواقع التواصل الاجتماعي، فيشبّه بعض المستخدمين الانقطاع المتكرر للتيار الكهربائي بـ”إشارة المرور”. فيما يبث آخرون مقاطع مصورة تتحدث عن حرارة الجو التي تجاوزت الأربعين درجة، وحلول المواطنين للحد منها.

وفي هذا الإطار، كتب “أحمد الحسيني” على فيسبوك، قائلا ان “الجو حار والطرق مليئة بالقطوعات، والأكثر مرارة أنك تصل البيت وتجد الكهرباء مقطوعة”. بينما كتبت “نصرة محمد” قائلة: “نرى الكهرباء نصف ساعة فقط كل ساعتين، ومولد الكهرباء البديل يفرض علينا عشرة آلاف للأمبير الواحد، على الرغم من أن وقود هذه المولدات توفرها الحكومة. الغريب ان دائرة الكهرباء تختار يوميا وقت القيلولة ووقت منتصف الليل لإطفاء الكهرباء”.

إجازة مدفوعة

وينعكس ارتفاع درجات الحرارة سلباً على بعض الأعمال،. فعلي كنهار، وهو مهندس يعمل في شركة للمقاولات بالبصرة، يضطر أحياناً لمنح عماله الذين ينفذون مشروعاً في “حقل الرميلة” النفطي، إجازة مدفوعة الراتب لأن “الحرارة تفقد أي شخص يمشي في الشارع صوابه، فكيف بمن يعمل تحت أشعة الشمس وينقل معدات ويحركها!؟” – على حد تعبيره.

ويصف كنهار، الذي عمِل سابقاً في الإمارات، الوضع في العراق بـ”الكارثي”، مبدياً، في حديث صحفي، استغرابه من “تزامن انقطاع الكهرباء مع ارتفاع درجات الحرارة.. وكأن الأمر مقصود!”.

ولا يقف استغرابه عند هذا الحد، إذ يبدو له اعتماد العراق في تشغيل محطاته الكهربائية على الغاز المستورد “أمر خارج حدود التصديق. فالعراق يحرق غازه الذي يمكن بواسطته تلبية الحاجة المحلية للكهرباء، ثم يستورد الغاز في الوقت نفسه!”.

عدم كفاية الغاز المستورد

لفهم طبيعة مشكلة الكهرباء الصيفية المتكررة، يوضح مهندس يعمل في دائرة كهرباء بإحدى المحافظات الجنوبية، أنه “مع بداية كل صيف، تعمد إيران إلى تقليل أو قطع الغاز الذي تورده للعراق بسبب تأخر الأخير في تسديد المبالغ لها”، مبيناً في حديث صحفي، أن “طهران كانت تصدر للعراق يومياً 50 مليون قدم مكعب من الغاز، لكنها خفضت الكمية إلى 22 مليوناً في الوقت الحالي، ما أدى إلى تقليل ساعات تجهيز المواطنين بالطاقة الكهربائية”.

ذريعة استيراد الغاز

تقدر “شركة شل” النفطية العملاقة، أن كمية الغاز العراقي المهدور يمكنها انتاج 3500 ميغاواط في اليوم، أي ما يقارب 70 في المائة من إنتاج العراق اليومي من الكهرباء – بحسب المهندس حسين صالح.

لكن “وزارة الكهرباء تتحجج بأن ضغط الغاز الإيراني أفضل من نظيره العراقي، لتبرير عملية الاستيراد” – على حد ما يراه صالح نفسه، الذي يضيف في حديث صحفي، أن “انقطاعات التيار الكهربائي تأتي وفق جدول منتظم، وهي تعود إلى أزمة خط الغاز الإيراني التي تتسبب في توقف 3 محطات ضخمة في البصرة، عن العمل”.

ويتابع قائلا انه “على الرغم من أن محطات الكهرباء العراقية كثيرة، إلا أنها تخضع للفحص والصيانة بشكل سطحي مرة في بداية الصيف، وأخرى في نهايته. فتقع وطأة المشكلة على المواطن الذي بات يعمد الآن لتشغيل كل أجهزة التبريد في المنزل (عند وصول الكهرباء) تحسباً لانقطاعها سريعاً، وهذا أمر لا فائدة منه لأن حرارة الجو تمنع حفظ البرودة داخل المنازل”.