اخر الاخبار

تراجع العراق 4 مراتب في مؤشر الديمقراطية للعام 2023 الصادر عن مرصد Economist Intelligence، وسجل البلد بسبب هذا التراجع أدنى مستوى للمؤشر منذ انطلاقه في 2006.

مختصون بالشأن السياسي عَدّوا التراجع «طبيعياً» في ظل الممارسات التي نشهدها على مختلف الصعد في ادارة شؤون البلاد، الى جانب التضييق المستمر على الحريات وطرح مشاريع قوانين مشبوهة يمكن استغلالها في تكميم الافواه وتقييد الحريات الدستورية، فيما حذروا من استمرار هذا السلوك السياسي الذي يضعف مقومات الديمقراطية، ويقودنا الى فوضى وحالة تفكك.

ضمن المنطقة الحمراء 

بالعودة إلى تقرير المؤشر عن عام 2023، فقد أظهر أنّ العام كان عاما مشؤوما بالنسبة للديمقراطية، حيث انخفض متوسط النتيجة العالمية إلى أدنى مستوى له منذ بدء المؤشر في عام 2006.

وحلّ العراق بالمرتبة 128 عالميا من أصل 165 دولة بمؤشر الديمقراطية. ويظهر تراجع العراق 4 مراتب عن العام السابق، حيث حاز العراق نقاطا تبلغ 2.88 نقطة، ما جعله ضمن المنطقة الحمراء التي توصف بأنه تحت «حكم استبدادي»، وفقا لتصنيف المرصد.

ويقول التقرير، إن أقل من 8 في المائة من سكان العالم يعيشون في ظل ديمقراطية كاملة. بينما يعيش ما يقارب 40 في المائة تحت حكم استبدادي.

لا نعوّل عليهم

القاضي والوزير السابق وائل عبد اللطيف قال إن «اغلب القوى السياسية الموجودة في الساحة ليست ديمقراطية ولا تؤمن بها»، وبالتالي لا يمكن لمن لا يؤمن بالديمقراطية أن يصنعها أو يطورها.

وأضاف عبد اللطيف لـ»طريق الشعب»، ان «التزوير وشراء الاصوات والذمم والتضييق على الحريات والعديد من الممارسات الاخرى، وعلى رأسها النهج الذي تحكم به هذه القوى الدولة، هي ما اضعف الديمقراطية، فجرى تقديم نموذج مشوه عن الديمقراطية، قائم على أساس الغش والخداع».

وتابع، أن قوى الاطار مثلا «تراجعت في انتخابات 2021، وفشلت فشلاً ذريعا في الانتخابات المحلية الاخيرة على مستوى 7 محافظات. فليس من الصعب ازاحتها في حال كانت هناك مشاركة شعبية واسعة لاختيار الوطنيين والمستقلين الحقيقيين».

أزمات تلد أخرى

أستاذ الفكر السياسي في جامعة الكوفة، إياد العنبر قال إن الديمقراطية في العراق «هجينة وغير مستقرة، وبالتالي فان التراجع الذي يؤشره التصنيف هو شيء طبيعي».

وأضاف العنبر لـ»طريق الشعب»، أن «هذه المؤشرات تعتمد اكثر من معيار في مقياسها، وهي تتحدث بجانب الحريات والحقوق وبجانب ثقة المواطن بالعملية الانتخابية، وهذه كلها مؤشرات أصبحت واضحة اليوم. نتقدم بالانتخابات والعملية الانتخابية لكننا نفشل في ان نكون قادرين على مأسسة الديمقراطية».

واستدرك العنبر، أنه «وفقا لهذه المؤشرات فإن كل البلدان تواجه مشاكل معينة مثل أمريكا وبريطانيا وفرنسا، لكن هذه الدول تصنّف ديمقراطياتها بأنها ناجحة»، مردفا «اما نحن فأعتقد اننا ما زلنا في طور او في مرحلة التحول الديمقراطي».

وخلص استاذ الفكر السياسي الى القول: ان «فترة عقدين من الزمن كافية لنصل الى مراحل متقدمة لو كان التأسيس صحيحا، لكننا في ظل الوضع الراهن سنبقى ندور في فلك الازمات التي تلد اخرى، وبالتالي يؤجل مشروع بناء ديمقراطية ناضجة»، مضيفا «ما زلنا في مرحلة إصلاح الاخطاء».

فوضى ودكتاتورية

من جهته، قال رئيس المركز العربي الاسترالي للدراسات الاستراتيجية، احمد الياسري، «إننا لا نزال في خانة التراجع. هناك فرق كبير بين ان تتراجع في مؤشرات الدولة الديمقراطية وبين ان تتحول الى دولة ديكتاتورية. وبالنسبة لتراجع العراق نجد أن هذا نتيجة طبيعية لما يجري اليوم في الساحة السياسية».

وأشار الياسري في حديث مع «طريق الشعب»، إلى «ضعف التمثيل السياسي والتمثيل الشعبي، ومقاطعة الاغلبية الرافضة للنظام السياسي، وسط السياسات التي ينتهجها الإطار الحاكم ومحاولات التضييق».

ونبّه الى أن «مؤشرات الديمقراطية وجودتها في دول العالم، تقاس على اسس معينة وتصدرها مؤسسات علمية، تعتمد تقارير سنوية. ويمكننا ببساطة مراجعة هذه التقارير قبل استلام الإطار للسلطة في العراق وفي عهده، وسنلاحظ الفرق»، مؤكداً أنّ «هناك عملية تضييق للمظاهر الديمقراطية التي تعتمد على التنوع والمشاركة السياسية والحريات».

وحذّر الياسري من «مغبة استمرار ترسيخ الأحادية السياسية والحكم بهذه الطريقة التي تقودنا ان استمرت الى الفوضى والدكتاتورية وتفكك البلد».